المرأة في الشرق
إذا أردت أن تعرف حقيقة الأخلاق التي ينطوي عليها الرجل أيًّا كان ما يفعل، فما عليك إلا أن تسمع حديثه الخاص بشأن المرأة.
فالرجل المستهتر يتحدث عنها باعتبارها متعة ولذة، والرجل الجاهل لا يرتفع في الحديث عنها عن التقاليد، وكلاهما يعتبر المرأة وسيلة لخدمة الرجل وبقاء النوع البشري، فيجب ألا تكون شيئًا آخر سوى زوجة وأم، ولكن الرجل الناضج، الذي درب ذهنه على الفلسفة الاجتماعية العصرية ينظر إلى المرأة كما ينظر إلى الرجل باعتبار كل منهما غاية وليس وسيلة.
إن المرأة أنثى لا شك في ذلك، والرجل ذكر لا شك في ذلك، ولكن ليس معنى هذا أن تحترف المرأة أنوثتها وأمومتها، كما أن الرجل لا يحترف ذكورته وأبوته.
لقد بالغت الأمم الشرقية في تأنيث المرأة حتى جعلتها أحيانًا بعض «الفراش»، وكانت النتيجة لهذه المبالغة أو الإسراف أن المرأة الشرقية لم تعد تصلح لأن تكون زوجة؛ لأنها لم تعد زميلة لزوجها، ثم لم تصلح لأن تكون أمًّا؛ لأنها لا تختلط بالحياة الاجتماعية، وتربية الأطفال تحتاج لشيء غير قليل من الخبرة الاجتماعية، كما تحتاج الهناءة الزوجية إلى زمالة الزوجين.
يجب أن نرفع المرأة من الأنوثة إلى الإنسانية.
يجب أن نُعلمها ونُدربها كي تختلط بالمجتمع، وتحترف وتكسب، وتشترك في الوظائف العامة، والمناصب العليا، وتصوت وتنتخب للبرلمان، حتى يستوي عقلها بالعقل العام الراقي، ليس في وطنها فقط بل في العالم كله، ويجب أن تُمارس حقوقًا كي تُؤدي واجبات رفيعة للوطن والعالم والعائلة.
والزوجة المثلى، أو الأم المثلى، ليست هي التي تمهر في غسل الملابس وطبخ الملوخية، وليست هي التي تغري زوجها بأنوثتها، وإنما هي تلك التي تعلمت وتدربت في الواجبات والحقوق الاجتماعية، وكسبت وبصرت بالتطورات الاجتماعية.
هي التي تخاطب فيها عقلها المفلسف، النير، السخي، وليست هي التي تخاطب فيها الثديين الرخيمين والبطن الطري.