الملامح مرآة النفس
إنما ترى النفس من خلال الجسم إذا كان هناك ذكاء يتألق ويسطع على الوجه بتعابير الفهم والحماسة والإخلاص والتفاؤل، ولكن هذه التعابير تختفي، وأيضًا تختفي معها النفس، عندما يسود التشاؤم، أو البلادة، أو الفتور، أو الخبث.
وكثيرًا ما أقعد إلى أحد الأشخاص، سواء أكان رجلًا أم امرأة، فأحس كأني أرى شخصًا فقط ولا أرى نفسًا، ذلك لأنه فاتر، ولا يحمى، ولا يُبالي، ولا يستطلع، أو هو مغموم قد كربته كارثة فتجمدت ملامحه منها، أو هو بليد، مظلم، لم تشرق على عقله أضواء الثقافة، أو هو ماكر يُفكر في الأذى حتى كلحت ملامحه لدمامة نفسه.
ونحن حين نصف أحد الناس بأن له شخصية قوية أو ساحرة إنما نقول في الواقع إن له نفسًا منيرة قد سطعت على وجهه، وحين نصف آخر بأن شخصيته كريهة أو جامدة إنما نقول في بعض الواقع بأن له نفسًا لم تنتبه بالثقافة أو تنصهر بالتجربة.
ذلك أن جمالنا هو جمال نفوسنا، وهذا الجمال يصنعه كل منا لنفسه؛ لأن ما نرثه من الطبيعة إنما هو المادة الغشيمة؛ أي: الجسم، أما النفس فهي من صنع أيدينا وعقولنا؛ لأنها ثمرة التربية والاختبار والثقافة والأخلاق، ولذلك يجب أن ننشد الجمال في أجسامنا عن طريق إيجاده في نفوسنا، فلا نُفكر في الشر أو الخبث، أو الأذى؛ لأن كل هذه الأشياء ترسم خطوطها المشئومة على وجوهنا، كما تنطلق بكلمات قبيحة على ألسنتنا، وإنما يجب أن نُفكر في الخير، والبر، وإسعاد الناس، وترقية المجتمع، ونُؤمن بالعدل والشرف، وعندئذ لا نكون أشخاصًا فقط، بل نكون أيضًا نفوسًا متوجهة تشجع النار والنور.