المسئولية فيتامين الشخصية
تغيرت مناورات شباب اليوم لتحقيق الرجولة، ذلك أنهم قد استغنوا عن العصا، وكذلك هم حين لا يجدون ما يسعفهم من الطربوش الأعوج، فإنهم يؤكدون شخصيتهم بالتدخين، فالشاب يدخن؛ لأنه يجد في السيجارة ما يرفعه إلى مقام الرجال، بل أحيانًا تفعل الفتاة أو السيدة ذلك اعتقادًا بأنها قد حظيت بكرامة واحترام تحفقان عنها «مركب النقص».
ومركب النقص هذا عام في الطفل والصبي والشاب، ذلك أن الدنيا بمصاعبها العدة تخيفهم، وهم يجدون من الكبار جرأة ومعرفة واختبارات لم يصلوا إليها، فيتعمق نفوسهم إحساس الشك والخوف والعجز من حيث لا يدرون السبب لكل هذا، فينشأ في نفوسهم شوق إلى التفوق والعظمة، وجلب الاحترام بألوان من التصرف، وأنواع من السلوك، كثيرًا ما تكون زائفة غير صحيحة؛ أي: لا تُؤدي إلى الهدف الذي ينشدونه.
واتخاذ العصا، أو السيجارة، هو سلوك زائف لتكبير الشخصية وتحقيق التفوق وجلب الاحترام، ولكنه مع زيفه ليس كثير الأذى إلا من حيث إنه يحول بين الشاب وبين التصرف المثمر الذي يكبر شخصيته ويرفعها إلى النضج والإيناع، ولكن يحدث أحيانًا أن الشاب، لإساءات سابقة مست كرامته، يعمد إلى مغامرات تُقارب الجريمة؛ كي يثبت أنه عظيم، وقد تنتهي هذه المغامرات بتدميره، كما نرى مثلًا في شاب يبذر أمواله الموروثة كي يثبت عظمته، أو يدخل في مشروعات خيالية تجلب عليه الإفلاس لهذا السبب نفسه.
فيجب على الشاب أن يحلل بواعثه، وأن يفهم الأسباب التي تحمله على تصرف أو سلوك معين، هل هي بواعث صبيانية لتكبير شخصيته، أم هناك أهداف حقيقية يستطيع بالجهد والمثابرة أن يصل إليها؟ وبكلمة أخرى: هل هو معاند لقوات كبرى عناد الأطفال والصبيان؛ أم هو مفكر ناضج؟ هل هو يريد تكبير شخصيته بالسيجارة والمظهر الزائف، أم بالعمل المثابر؟
إن الشخصية شيء عظيم، يجب أن ننشدها جميعًا، ولكن في تعقل ووجدان، وأول مراتبها أن نخدم إخواننا، ونتحمل المسئوليات؛ لأن المسئولية هي فيتامين الشخصية، وعلى قدر المسئولية يكون قدر الشخصية.