الطرح
رحِمُ الأم لعنةٌ أنت منه
في دمائي كانت وفي أعراقي
أم عقاب لما تسحَّق من حُبْـ
ـبِيَ في لذتي وفي أشواقي؟
حملت أمك القنوط إلى وجْـ
ـهي وكنت الرجاء في أعماقي
جئت في سحنة المسوخ فلم حطْـ
ـطَمت حلمًا نما على أحداقي
أَلِأَني بذلت حبي ولم أُطْـ
ـعِمْك منه سوى الفتات الباقي؟
عشت في مقلتيَّ ساعة هول
حجرت غصتي على إشفاقي
وأرتني كأنني في جُثام
عالمًا فيك موحش الآفاقِ
فرأيت المسخ المخيف على أكْـ
ـمَل حسْن والقزمَ في العملاقِ
ولسانَ الثعبان في قبلة الصِّدْ
دِيق والسمَّ في الشراب الواقي
وسمعت الفحيح في النغم العذْ
بِ وصوت العدو في الميثاقِ
كم نفوس رأيتها تلفظ الإثْـ
ـم فيرقى منها إلى الأرياقِ
لذة الإثم كيف تمقتها النفـ
ـس ويحلو عصيرها في المذاقِ؟
كم فتى يسْعر الجحيم بعينيْـ
ـه وفي القلب للسماء مراقِ
ولقد ينصر الجحيم فيردي
بعضه ما ببعضه من خلاقِ
وسمعت الحياة تهتف في نفْـ
ـسي فيصدي الهتاف في أبواقي:
«أهلك المائتون في رحمي الحبْـ
ـبَ وسموا الزلال في ترياقي
فطرحت الأقزام في أسواقي
عبرًا للدمار في العشاقِ
ورأيت الفردوس لفَّت أفاعيـ
ـه غصوني وكمَّشت أوراقي
وتراءت لي الطبيعة دنيا
من كمال نسيقة الأذواقِ
فرأيت الجماد شبعان حبًّا
كل صدر عليه ثديٌ ساقِ
إنَّ في الحب صورة الله لكنْ
أين في الخلق صورة الخلَّاقِ؟»
١٩٣٨