الألم
ثمَّ نهضت من بين الجمع امرأة وقالت له: هات حدِّثنا عن الألم.
فأجاب وقال:
إنَّ ما تشعرون به من الألم هو انكسار القشرة التي تغلف إدراككم.
وكما أنَّ القشرة الصلدة التي تحجب الثمرة يجب أن تتحطَّم حتى يبرز قلبها من ظلمة
الأرض إلى نور الشمس.
هكذا أنتم أيضًا يجب أن تحطم الآلام قشوركم قبل أن تعرفوا معنى الحياة؛ لأنَّكم
لو استطعتم أنْ تعيروا عجائب حياتكم اليومية حقها من التأمل والدَّهشة، لما كنتم
ترون آلامكم أقل غرابة من أفراحكم.
بل كنتم تقبلون فصول قلوبكم كما قد قبلتم في غابر حياتكم الفصول التي مرَّت في
حقولكم.
وكنتم ترقبون وتتأملون بهدوء وسكون شتاء أحزانكم وآلامكم.
•••
أنتم مخيرون في الكثير من آلامكم.
وهذا الكثير من آلامكم هو الجرعة الشديدة المرارة التي بواسطتها يشفي الطبيب
الحكيم الساهر في أعماقكم أسقامَ نفوسكم المريضة؛
لذلك آمِنوا بطبيب نفوسكم وثقوا بما يصفه لكم من الدواء الشافي، وتناولوا جرعته
المرة بسكينة وطمأنينة؛
لأنَّ يمينه وإن بدت ثقيلة قاسية، فهي مقودة بيمين غير المنظور اللطيفة، والكأس
التي يقدمها إليكم، وإن أحرقت شفاهكم، فهي مصنوعة من الطين الذي جبلته يدا الفخاري
الأزلي بدموعه المقدسة.