التعليم
ثمَّ قال له معلم: هات لنا كلمة في التعليم.
فقال:
ما من رجل يستطيع أن يعلن لكم شيئًا غير ما هو مستقر في فجر معرفتكم وأنتم غافلون
عنه.
أمَّا المعلم الذي يسير في ظل الهيكل مُحاطًا بأتباعه ومريديه، فهو لا يعطي شيئًا
من حكمته، بل إنَّما يعطي من إيمانه وعطفه ومحبته؛
لأنَّه إذا كان بالحقيقة حكيمًا فإنه لا يأمركم أن تدخلوا بيت حكمته، بل يقودكم
بالأحرى إلى عتبة فكركم وحكمتكم.
فإن الفلكي يستطيع أن يقصَّ عليكم شيئًا من معرفته لنظام السماء، ولكنه لا يقدر
أن يعطيكم معرفته.
والموسيقي يستطيع أن ينشدكم أجمل ما في العالم من الأناشيد والأنغام، ولكنه لا
يستطيع أن يمنحكم الأذن التي تضبط النظام في النغم، ولا الصوت الذي يوجِد الألفة في
الألحان.
والرياضي النابغ في ضبط الأرقام يستطيع أن يوضح لكم عدد الموازين والمقاييس
وخصائص كلٍّ منها، ولكنه لا يستطيع أن يمنحكم معرفته؛
لأن الوحي الذي يهبط على رجل ما لا يعير جناحيه لغيره.
وكما أن لكلٍّ منكم مقامًا منفردًا في معرفة الله إياه، هكذا يجب عليه أن يكون
منفردًا في معرفته لله وفي إدراكه لأسرار الأرض.