أوائل صيغ الفعل المزيد أو أوائل أوزانهِ
ذكرنا في الفقرة السابقة أن المضاعف الرباعي هو أول ما نشأ من صيغ الأفعال، بعد المضاعف الثلاثي، ونشأ في الوقت عينه وزن فعَّل تفعيلًا من المضاعف أيضًا عند قومٍ غير القوم الذي ذهبوا إلى المضاعف الرباعي، ودونك ما قال صاحب لسان العرب في «خ ب ب»: «أبو عمرو: خبخب ووَخْوَخ: إذا استرخى بطنه، وخبخب: إذا غدر، وتخبخب الحر: سكن بعض فورته، وخبخبوا عنكم من الظهيرة: أبردوا، وأصله: خبِّبوا؛ لأن في الكلمة خاء، وهذه علة جميع ما يشبهه من الكلمات.» ا.ﻫ.
على أن هذا رأيٌ، والذي اتضح لنا فيما تقدَّم الاستشهاد به أن المضاعف الرباعي ليس شيئًا سوى تكرير حرفَي المضاعف الثلاثي في أول وضعه؛ أي بغير تضعيف الآخر، فيكون أصل فعَّل في خبب: خبخب، فقُصِر، وهكذا يقال على كل ما يشبهه.
وتفعَّل تفعُّلًا نتيجة فعَّل تفعيلًا، قال في التهذيب، ونقله أبو الفضل جمال الدين: «يقال: انقضَّ البازي على الصيد وتقضَّض: إذا أسرع في طيرانه منكدرًا على الصيد، قال: وربما قالوا: تقضَّى يتقضَّى، وكان في الأصل: تقضَّض، ولما اجتمعت ثلاث ضاداتٍ، قلبت إحداهن ياءً، كما قالوا: تمطى، وأصله: تمطَّط أي تمدَّد.» ا.ﻫ.
وأما بقية الأوزان من المزيد فنشأت على تتالي الأزمان، والكلام عليها هنا يطول، فاجتزأنا هنا بأوائلها التي ذكرناها؛ أي فعلل المضاعف وفعَّل تفعيلًا، وتفعَّل تفعُّلًا، وادخرنا الكلام على ما بقي منها في كتابٍ آخر.