القسم الثاني
لَمَّا طبعت ديواني المُسمَّى بالباكورة، وأنا إذ ذاك ابن سبع عشرة سنة، بعثت به من بيروت إلى المرحوم عبد الله باشا فكري، بإشارة الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده، وكان في بيروت؛ وذلك مع كتابٍ مني مُصدَّر بأبيات ما عُدت أتذكَّرها جيدًا، وإنما أذكر منها الآن ما يلي:
ومنها:
فأجابني على ذلك بما يلي، وهي في «الآثار الفكرية»:
وكتبت للشاعر المشهور المرحوم إسماعيل باشا صبري يوم كان محافظًا لثغر الإسكندرية، وهذا منذ ٤٠ سنة:
بينما أنا ذاهب من سورية إلى الآستانة مبعوثًا عن حوران في أيام الحرب العامة، نزلت ضيفًا في طرسوس على سعادة الشهم الأمثل محمد بك راسم من كبار أعيان مصر المقيم هناك، وكانت حصلت حادثة على فتاة حسناء تشتغل في معمله القطني، وضُويقت الفتاة لأجل جمالها، والبك المشار إليه لا يعلم بالواقع، فلما بلغه الخبر امتعض ومنع من التعرض لها وجعلها في مأمن من سطوة العاشق، وصادف وجودي هناك، فقلت على سبيل المداعبة:
وكانت صورة هذه القصيدة وصلت إلى الشام، فبعث إليَّ الأديب الكبير خليل بك مردم بك من سراة دمشق بالأبيات التالية على سبيل المداعبة:
فأجبته بما يلي، وهو أيضًا من باب المفاكهة:
وبعث لي سنة ١٣٣٤ سعادة خليل مردم بك الشاعر الكبير من عيون أعيان الشام قصيدة رائية من بحر الطويل، يلتمس مني فيها أن أجيزه فأجبته بالقصيدة الآتية:
أما قصيدة خليل بك مردم بك، فهي هذه، وهي من أوائل شعره:
•••
(١) حادثة سياسية «استحالت فكاهة أدبية»
وفي أيام السلطان عبد الحميد وَشَى واشٍ بالأستاذ العلَّامة محمد أفندي كُرْد عَلِي في دمشق، فأرسل الوالي ناظم باشا، فكبس منزله وعثر على بعض أوراق يُعَدُّ حفظُها يومئذٍ من الجرائم، فجاء مَن أخبرني بالقصة وأن الكرد علي فرَّ وتوارى في الغوطة، فذهبت في الحال إلى ناظم باشا، وأبديت وأعدت حتى غضَّ النظر عن هذه المسألة، وأبلغت الأستاذ أن يعود آمنًا، فعاد إلى داره، وبعدها جاء هو والأستاذ الكبير الشيخ طاهر الجزائري ليشكراني على ما قمت به من تفريج هذه الأزمة عن الكرد علي فصرت أداعبه ببعض أبيات ارتجالية في الموضوع، فطرب لها الشيخ طاهر واقترح إكمالها قصيدة، فأكملتها ثاني يوم، وانتشرت في كل نادٍ، وهي في كتاب خطط الشام تأليف الأستاذ الكرد علي:
وأطلعني في مرسين صديقي المجاهد الأكبر السيد أحمد الشريف السنوسي على قصيدة همزية، قيلت في عمه السيد محمد المهدي — رضي الله عنهما — فعارضتها قائلًا من البحر والقافية:
مدحتي لسمو الخديوي توفيق باشا
أول مرة خرجت فيها من سورية كانت رحلتي إلى مصر، وكنت في الواحدة والعشرين من العمر، وأقمت بالقاهرة أكثر من شهرين وأنا ملازم أستاذنا الإمام الشيخ محمد عبده، وتلك الحلقة التي كانت تجتمع بالقرب من قصر عابدين في بيت المرحوم سعد أفندي زغلول الذي صار فيما بعدُ زعيم مصر، ثم برحت مصر قاصدًا الآستانة ومررت على الإسكندرية، وذهبت إلى سراي رأس التين حيث أكرمني الجناب الخديوي يومئذٍ محمد توفيق باشا بمقابلته، وكنت هيَّأتُ قصيدةً لسموِّه لكنني لم أقرأها بحضرته، بل سلَّمتها عند خروجي منها لرجال المعيَّة السنيَّة؛ ففي اليوم التالي نشرتها المعيَّة في جريدة الوقائع المصرية، وكان محرِّر الوقائع المرحوم الشيخ عبد الكريم سلمان، فكتب فوقها تقريظًا جميلًا. وليست جريدة الوقائع الآن تحت يدي لأنقل القصيدة برمَّتها، وإنما أتذكَّر منها الأبيات التالية:
ومنها:
ولي من عبث الشباب تقليدًا للشعراء:
وامتدحني بعض الشعراء المُفْلِقين في جريدة الفتح، فأجبتهم بالأبيات الآتية:
إلى الشاعر المفلق النجمي، زاده الله إبداعًا:
قرأت — أيها الأخ — أبياتك السينية، فهاجت بي خاطر الشعر برغم كل هذه الشواده وهذه العوادي، فأخذت القلم وسالت القريحة بالأبيات الآتية، والله يشهد أنها وليدة بضع دقائق، إلا أني لا أخالني إذا أطرقت ونمقت آتي بأحسن منها، فخُذها على علَّاتها:
تاريخ مولود عزيز
وكنت في أوائل سنة ١٩٢٠ مسيحية في جبل سان مورتز بسويسرة، وكان هناك الشهم المفضال عزيز عزت باشا من عيون أعيان المصريين، وصهره الأمير محمد علي حسن من العائلة الملكية المصرية، فوُلد للأمير مولود سَمَّاه «عزت حسن»، فنظمت له التأريخ الآتي:
تاريخ لزفاف محمد بك ناجي نجل صديقنا المرحوم حنفي بك ناجي من أعيان مصر:
[شاعرًا = ٥٧٢، لزفاف = ١٩٨، نجلك = ١٠٣، بالبنين = ١٤٥، وبالرِّفا = ٣٢٠]
جواب عالم في بوسنة
وكتبت إلى حضرة الفاضل شاكر أفندي مسيحو قتش الهرسكي من أعضاء مجلس العلماء بسراي بوسنة، وذلك في جواب كتاب منه:
ذكرى شاعر الألمان الحكيم
ولما زرت في فرانكفورت بيت «غوتة» شاعر ألمانيا الأكبر، وقدموا لي الدفتر المعتاد أن تُكتب فيه أسماء الزائرين، كتبت الأبيات الآتية ارتجالًا مع تضمين البيت الأخير:
وبعد أن ذهبت من فرانكفورت استدعت البلدية الأستاذ المستشرق هوروفيتس، الذي كان يدرس العربية نفسها في كلية عليكر في الهند، وله ترجمة إلى الألماني لديوان الكميت فيما أتذكر وغيره، فترجم هذه الأبيات ونشر الترجمة في جرائد ألمانيا، ومهد لها بمقدمة جاء فيها بالإطراء الزائد، وقال: هذا إكرام شاعر الشرق لشاعر الغرب.
زيارة قبر سيف الله ورسولِه وقائد جيوش العرب والإسلام الأكبر
ولما زرت مقام سيدنا خالد بن الوليد — رضي الله عنه — في مدينة حمص، وذلك منذ ثلاثين سنة فأكثر، كتبت على حائط المقام هذين البيتين:
ما أُنشد في حفلات تكريم كبار الشعراء
منذ نحوٍ من ثلاثين سنة قام بعض أدباء مصر بحفلة تكريمية لحافظ إبراهيم؛ الشاعر المشهور، وكتب لي بعض الإخوان من مصر إلى سورية يقترحون عليَّ إرسال بعض أبيات لتُقرأ في الحفل، ومن جملة ما ذكروا لي من محاسن حافظ أنه يحب السوريين، وكان ذلك قبيل عيد الأضحى؛ فأرسلت أبياتًا ليست عندي نسختها الآن، وإنما أنا أملي منها ما أتذكَّره وهو:
ومنها خطابًا لحافظ:
وأقيمت حفلة لشاعر القطرين خليل بك المطران، فأرسلت إلى الحفلة بالأبيات الآتية، وذلك سنة ١٩١٢:
القصيدة التي بعثت بها من أمريكا إلى المهرجان الذي أُقيم لأحمد شوقي أمير الشعراء سنة ١٩٢٧ مسيحية، وتلاها في المحفل شاعر القطرين خليل المطران، وكان نظمي هذه القصيدة في البحر قبل وصولي إلى نيويورك:
قصيدة حفلة عبد الحميد بك الرافعي
واحتفل أدباء الشام بعيد الخمسين سنة للشاعر الكبير المرحوم السيد عبد الحميد الرافعي في طرابلس الشام، فاقترحوا عليَّ إرسال شيء، وكنت في برلين، وذلك سنة ١٩٢٩ مسيحية، فبعثت إلى طرابلس بهذه الأبيات، وتُليت في الحفل ونُشرت في جريدة الشورى: