التفكير في زمن التكفير: ضد الجهل والزيف والخرافة
«كثير من اللغط الذي أُثير حول عقيدة المؤلف، إلى حدِّ الاتهام بالردة، مستنبَط ظاهريًّا من قراءة كتاب «الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية»، وهذا أمر غريب ومثير يستحق التأمل والتعليق: إلى هذا الحد تكون الدراسة التحليلية النقدية لفكر واحد من الأئمة جارحة للخطاب الديني …؟»
منذ مطلع القرن العشرين والساحةُ الفكرية تشهد بزوغ العديد من الآراء النقدية المُستنِدة إلى المنهج العقلي في التعامل مع التراث العربي والإسلامي، لكنْ كثيرًا ما تعرَّض أصحابُ هذه الآراء للتكفير بسبب كتاباتهم، ونذكر منهم «علي عبد الرازق»، و«طه حسين»، و«نصر حامد أبوزيد» الذي تعرَّض لأزمةٍ كبيرة في العَقد الأخير من القرن الماضي، وبالتحديد في عام ١٩٩٣م، عندما اتُّهم بالرِّدة بسبب آرائه التي تضمَّنتها أبحاثُه التي تَقدَّم بها إلى اللجنة العلمية في جامعة القاهرة للحصول على درجة الأستاذية، ورُفعت ضده دعوى قضائية للتفريق بينه وبين زوجته. ولأن المفكر لا يملك سوى قلمه يُجلي به الحقيقة ويُنير بمداده العقول؛ شرع «أبو زيد» في كتابة هذا الكتاب ليرد على من اتهموه بالكُفر ويُفنِّد آراءهم وحُججهم من ناحية، وليُثير قضية التعامل مع التراث ومفهوم التاريخية من ناحيةٍ أخرى.