المنظر

(«حضير» في منزل أبي الفوارس الهواري من دوَّار أبي مصطفى عمدة القرية الفيومية. به مصطبة إلى أعلى. إلى جوارها من اليمين باب، هو في الوسط، واسع يظهر منه عن بعد مزرعة قطن أشرقت عليها شمس الغروب فهي زاهية، وإلى يمين المرسح باب غرفة وإلى يساره غرفة أخرى، بل هي ردهة تؤدي إلى بيت العمدة. والمكان مفروش بحصيرة «قياس». والمصطبة عليها «شريط» من السمار له مساند من القطن، مخدات.. وقد ترى أدوات المنزل من قلل وزير وما يلحق بمنزل عربي يعيش عيشة الفلاحين من أدوات الدار.

إذا ارتفع الستار وجدت الحسناء سلمى جالسة في حالة تفكير على المصطبة وهي لابسة جلابية عربية قصيرة؛ أي إنها تصل إلى ما دون الركبة بفتر تقريبًا. وعلى رأسها عطفة زرقاء. وهي بيضاء اللون خمرية لون الخد صغيرة الوجه وفي عنقها عقد من العقيق والخرز الأزرق … ثم تسمعها تغني ترنما.)

(في هذه الأثناء كان مصطفى قد وصل إلى البلدة من المحطة وهو بلباسه الإفرنجي فلما سمعها تغني هذه الأبيات انطلق يرد عليها بالأبيات الآتية.)

(فلما سمعت سلمى صوته نهضت من مكانها وتلفَّتت هنا وهناك.)

(ينشد هذه الأبيات وعيناه مغرورقتان بالدموع فتدني سلمى يدها من عينيه وتمسح الدموع وهي تحادثه أو تقبله بلطف.)

(يهم بالخروج من الباب الأوسط وإذا بأبيه العمدة داخلًا فيلاقيه.)

(يخرج من باب الوصيد إلى الدوار.)

(وإذا بالهواري قد دخل وهو لابس طربوشًا مغربيًّا ذا زر طويل وعلى صدره شال أبيض من الحرير وفي رجله مركوب أحمر.)

(يدخل العمدة وامرأته عَجِلين إلى مصطفى ويصيحان.)

(يسير إليها ويقبض على أكتافها.)

(عند ذلك يدخل الفلاحون والفلاحات الذين كانوا مع سلمى يزغردن وتتبعهم سلمى ضعيفة بين أيدي النورية فلما يراها مصطفى يهرع إليها ويحتضنها ويُجلسها على المصطبة.)

(فتقع على صدره فرحة وهي تقول):

(ثم يأخذها بلطف ويسير بها نحو الدوار والفلاحون والفلاحات يزغردن ويسدل الستار.)