حرف الياء
يزيد المصري
وصل إلى القاهرة قبل وصول الحملة الفرنسية بأيام، وكان في الإسكندرية من أُسرة عطَّارين، ولمَّا انتشر الوباء أهلك أفرادها فلم يُبْقِ على رجلٍ أو امرأةٍ سواه. وكره البلد فقرَّر هجرها ويَمَّمَ شطر القاهرة. وكان معه شيء من المال، وميزة نادرة في ذلك الزمان وهي أنه كان يعرف القراءة والكتابة، لُقِّنها في المعهد الديني قبل أن ينقطع عنه ليُعاون أباه في دُكَّان العطارة، وتحير في القاهرة فترة حتى وجد مأواه في بيتٍ بالغورية، كما وجد عملًا كخازنٍ في وكالة الوراق. كان شابًّا قويَّ الجسم غامق السمرة واضح الملامح، يرتدي الجلباب والشملة والعمامة. ولتقواه ووحدته تاقَتْ نفسه للزواج. ورأى فرجة السماك وهي تبيع السمك في الطريق فأعجبته، وبمعاونة جاره عطا المراكيبي تزوَّج منها. وقد أنجبت له ذُرية وفيرة بقي منها على قيد الحياة عزيز وداود، وامتدَّ به العمر حتى شهد مولد أحفاده رشوانة وعمرو وسرور. وزاره سيدي نجم الدين في المنام وأمره أن يبني قبره في جوار ضريحه، فصدع بما أُمِر، وشيَّد الحوش الذي دُفن فيه، وما زال يستقبل الراحِلين من ذُريته المُنتشرة في أنحاء القاهرة.