الرسالة الثالثة عشرة
وردت إلينا هذه الرسالة بقلم حضرة الأديبة الفاضلة السيدة زينب فواز فأدرجناها بنصها:
وجوب النهضة العلمية للمرأة الشرقية
قد خُلقنا للجد والاجتهاد في هذه الحياة لا للكسل والرقاد، وبالحزم يرتفع شأن المرء بين أقرانه، ويحمد بين عترته وخلانه، وبالمثابرة والمداومة على الأعمال وواسطة الثبات والإقدام يبلغ الإنسان المراد، ويتسهل لديه كل عسير، ويهون عليه كل صعب خطير، وحيث إن الهيئة الاجتماعية مؤلفة من الجنسين الذكر والأنثى، وكلٌّ منهما مرتبط برباط وثيق مع الآخر في كافة الإحساسات الحيوية والأعمال الدنيوية، فيجب علينا — نحن الجنس النسائي — المساعدة للرجال في الأعمال أيضًا.
نعم، وإن كنا — نحن النساء المسلمات — من داخل الحجاب إلا أنه لا مانع يَحُول بيننا وبين العمل، وإلا أُوصدت دوننا أبواب الأمل، بل نحن كأننا في كامل المجتمع الإنساني، وإن كنا نصف العالم إلا أنه لا يعزب عنا شيء مما يجريه النصف الآخر في منتدياته ومجتمعاته، وكافة الأمور التي تختص بالأعمال وغيرها؛ وذلك بسبب انتشار الصحف التي عمَّت فائدتها، وخصوصًا في هذه الأيام الجديرة بأن تُذكر فتُشكر، فما بال المرأة منا لا تُقدِم على العمل بكل نشاط حيث إننا — والحمد لله — قادرات على كل عمل لو تركنا الكسل، وتوشحنا بالحزم في دائرة العمل!
فهذا المعرض الكلومبي قد فُتحت أبوابه لكل عمل يُعرض في القسم النسائي من أعمال النساء، وهذه النساء الغربيات قد سبقن إلى أشياء لم نقدر على مجاراتهن فيها، ولكنَّ لدينا أشغالًا يدوية لا يعلمها نساء الغرب، وهي الأشغال القديمة التي لا يُعمل بها الآن، وقد تركناها بمصنوعات الغرب مثل الأويات والأنتيكة والظرافة وشغل التلي والترتر والشورات والقصب والحساب بالحرير وغير ذلك، والأشغال متعددة لا لزوم لتعدادها، ولكني أحثكن — يا بنات جنسي — على هذه الأعمال التي تعود علينا بالشرف العظيم، وانظرن إلى البنات السوريات اللاتي بيَّضن وجه التاريخ بأعمالهن واجتهادهن باكتساب العلوم والفنون والعمل بها، فلو اجتهدتن لحففتن عن رجالكن بعض الأشغال الدنيوية، فلتجتهد كلٌّ منكن لعمل شيء مما تقدرن عليه، وتهتم بإرساله إلى القسم النسائي الذي سيصير عرضه سنة ١٨٩٣؛ حيث إن حضرة الفاضلة السيدة برثاهونوري رئيسة قسم النساء في معرض شيكاغو ساعية في تنشيط النساء عمومًا، وقد أرسلت تشكراتها إلى النساء السوريات، ووجَّهت كلامها إليكن — معشرَ النساء المصريات — أيضًا؛ فيجب عليكن أن تلبين نداءها يا معشر النساء الفاضلات؛ حيث إنها جعلتكن محلًّا لثقتها فلا تخيِّبْنَ فكين ظنها الجميل، وقد لا يكلفكن هذا العمل شيئًا لا تقدرن عليه، بل هو خفيف جدًّا، وسأوضح لكن في فرصة أخرى — إن شاء الله تعالى — متى وجدت منكن نشاطًا وحمية.