الرسالة التاسعة
قد اطلعت في عدد ١٧٣ من جريدتكم الزاهرة على قطعة تحت عنوان «إنصاف الحق» لحضرة السيدة الفاضلة الأديبة هنا كوراني، قصدتْ بها المدافعة عن نفسها، والرد على مقالتي التي عنوانها «الإنصاف» المندرجة في عدد ١٥١ من جريدة النيل الغراء؛ فوجدتها لا تستحق الرد لِمَا فيها من المشابهة في بعض المواضع من المقالة التي قصدت بها الرد عليها، والشرود عن الموضوع في بعضها، وهي لا تدري، فتبسمت تبسم الاستغراب من ذلك، وتذكرت المثل السائر «أُريها السها وتُريني القمر.»
فلذلك تركت الأمر لحضرتها حتى تمعن النظر وتقدح الفكر فيما كتبته إن قدرت هي على ذلك، وإلا فلنترك الحكم لحضرات القراء الكرام ومن يهمهم الحق ونصرائه أن يجمعوا بين العددين المذكورين ويحكموا بما يقتضيه العدل، وإلا لو خضنا في بحر المناظرات في هذا الموضوع، فإننا نخرج عن المعنى، وهذا مما تأباه أسماع الأدباء الأفاضل، ولكني أخذني العجب مما تراءى لي من الحدة التي أخذت حضرة الكاتبة المشار إليها حين اطلاعها على مقالتي، حتى إنها لم تدرِ ما كتبت، ولم تميز بين المعاني التي ألقيتها بين أمواج النيل، ولو أنها علمت أن مقالتي هي مبنية على اهتمام واجتهاد النساء الغربيات لا الشرقيات، وكان استشهادي ببعض النساء المصريات لَمَا كانت تنفث من فمها إلى قلمها عبارات التقليد وألفاظ التشديد، ويكفيها تصديقها لمقالتي فيما جاء في العدد ١٤٣٠ من لسان الحال الأغر، وعند اطلاعها عليه ربما ترجع إلى الصواب، وتتبع الحلم لأنه سيد الأخلاق، وإن لم تكتفِ بذلك فسأُبين لها خطأها في فرصة أخرى إن شاء الله تعالى، وأوضح كيف أن قولها في المرأة والسياسة المندرجة في عدد ٧١ من جريدة لبنان الغراء، هو مضاد لقولها في «إنصاف الحق»، وأُريها أي حق هو الذي تنطق به بدون تروٍّ ولا انتباه.