راعية الإوز
في سالف العصر والأوان توفي ملك يحكم بلادًا واسعة تاركًا الملكة لتعتني بطفلتهما الوحيدة. كانت الطفلة رائعة الجمال، وأحبتها أمها كثيرًا، وأحسنت معاملتها للغاية. وكانت هناك جنية طيبة تعشق الأميرة، وساعدت أمها في الاعتناء بها. عندما كبرت الأميرة، خُطبت لأمير كان يعيش في بلد بعيدة للغاية، ومع اقتراب وقت زواجها، استعدت الأميرة لبدء رحلتها إلى بلد الأمير. زودتها الملكة بالكثير من الأمتعة الغالية من مجوهرات وذهب وفضة وحلي وملابس ثمينة؛ أي أعطتها كل ما يليق بعروس ملكية. وأمرت أيضًا بأن ترافقها إحدى الوصيفات حتى تسلمها إلى عريسها. امتطت الأميرة والوصيفة جوادين، وكان جواد الأميرة هدية من الجنية، ويدعى فالادا، وكان يتكلم.
لكن الأميرة كانت رقيقة وطيبة القلب، لذا لم تعاقب الوصيفة على سوء تصرفها، وامتطت جوادها مرة أخرى.
وعندما انحنت لتشرب سقطت خصلة الشعر من صدرها، وطفت فوق المياه بعيدًا. شعرت الأميرة بالخوف، ولم تلحظ سقوط خصلة الشعر؛ لكن الوصيفة رأتها، وفرحت كثيرًا، فقد كانت تعرف بأمر التعويذة وأنها ستحمي الأميرة، والآن قد ضاعت منها. لذا بعدما روت الأميرة ظمأها، وكانت في طريقها لركوب فالادا مجددًا، قالت الوصيفة: «سأركب أنا فوق فالادا، ويمكنك امتطاء جوادي بدلًا من ذلك.» اضطرت الأميرة إلى التخلي عن جوادها. وبعد ذلك أُجبرت على خلع ثيابها الملكية وارتداء ثياب الوصيفة الرَّثة.
ومع اقترابهما أخيرًا من نهاية الرحلة، هددتها خادمتها الخائنة بقتلها إذا أخبرت أحدًا بما حدث، لكن فالادا كان قد شهد كل ما حدث.
بعد ذلك امتطت الوصيفة فالادا، وركبت العروس الحقيقية جواد الوصيفة، ومضتا في طريقهما حتى وصلا إلى البلاط الملكي. عمت فرحة عارمة لدى وصولهما القصر، وذهب الأمير لاستقبالهما، وساعد الوصيفة في النزول من فوق الجواد اعتقادًا منه أنها خطيبته، وقادها إلى حجرتها الملكية في الطابق العلوي، بينما اضطرت الأميرة الحقيقية للانتظار في الفناء.
صادف أن الملك العجوز لم يكن لديه ما يفعله؛ لذا سلَّى نفسه بالجلوس في إحدى نوافذ القصر يراقب ما يحدث، فرأى الأميرة في فناء القصر. كانت أجمل وأرق من أن تكون وصيفة، لذا ذهب إلى الحجرة الملكية ليسأل العروس عن الفتاة التي أحضرتها معها، والتي تُركت في الفناء. قالت الوصيفة: «لقد أحضرتها معي من أجل أن ترافقني خلال رحلتي، أرجوك وفر لها عملًا هنا كيلا تظل بلا عمل هكذا.» مر بعض الوقت ولم يجد الملك عملًا يناسبها، وأخيرًا قال: «هناك فتى يرعى الإوز، يمكنها الذهاب معه ومساعدته.» كان اسم هذا الفتى كيردكين ومن المفترض أن تساعده الأميرة الحقيقية في رعاية إوز الملك.
لكن العروس المخادعة قالت للأمير: «زوجي العزيز، من فضلك قدم لي خدمة صغيرة.» قال الأمير: «بالطبع.» قالت: «أخبر أحد الجزارين لديك أن يقطع رأس الجواد الذي كنت أمتطيه، لأنه صعب المراس للغاية، وعذبني كثيرًا في الطريق.» لكن الحقيقة أنها كانت خائفة أن يتحدث فالادا يومًا ما ويفصح عن كل ما فعلته في الأميرة. تحقق مرادها، وقُتل فالادا المخلص. عندما سمعت الأميرة الحقيقية بالأمر، بكت وتوسلت إلى الرجل أن يعلق رأس فالادا أمام بوابة سوداء كبيرة في المدينة تمر عبرها كل صباح ومساء، وهكذا ستتمكن من رؤيته بعض الأحيان. قال الجزار إنه سيلبي طلبها، وقطع رأس الجواد، وعلقه فوق البوابة السوداء.
هبت رياح عاتية حتى إن قبعة كيردكين طارت بعيدًا فوق التلال، فالتفت، وركض وراءها، وعندما عاد، كانت الأميرة قد انتهت من تمشيط شعرها ولفه في أمان. كان كيردكين غاضبًا متجهمًا لا يود التحدث معها على الإطلاق، لكنهما ظلا يراقبان الإوز حتى حل الظلام، ثم عادا إلى المنزل.
هبت الرياح، وطارت قبعة كيردكين، فركض خلفها بعيدًا فوق التلال، وعندما عاد كانت الأميرة قد انتهت من لف شعرها مجددًا، وكان كل شيء على ما يرام، لذا راقبا الإوز معًا حتى حلَّ الظلام.
وسرعان ما هبت رياح حملت قبعة كيردكين، فركض خلفها، وفي تلك الأثناء أخذت الفتاة تمشط شعرها وتلفه. رأى الملك العجوز كل هذا، ثم عاد إلى المنزل دون أن تلحظه الفتاة، وعندما عادت راعية الإوز في المساء ناداها جانبًا، وسألها لماذا فعلت ذلك، فأجهشت في البكاء، وقالت: «لا يجب أن أخبرك أو أخبر أي شخص، وإلا سأفقد حياتي.»
لكن الملك العجوز توسل إليها كثيرًا لتخبره، وقال لها إنه لن يهدأ باله قبل أن تخبره القصة من بدايتها إلى نهايتها وبكل تفاصيلها. ومن حسن حظها أنها أخبرت الملك بكل شيء، فعندما انتهت من قصتها أمر الملك بإحضار ثياب ملكية لها، وأخذ يحدق بها في حيرة، إذ كانت رائعة الجمال، ثم استدعى ابنه وأخبره أنه تزوج عروسًا مخادعة، وأنها ليست سوى وصيفة، في حين أن العروس الحقيقية تقف هنا. ابتهج الأمير الشاب عندما رأى عروسه الجميلة، وأدرك كم كانت فتاة طيبة وصبورة. ودون أن يقول الملك أي شيء للعروس المخادعة، أمر بإقامة حفل كبير لجميع أفراد حاشيته. جلس العريس، وجلست بجواره الأميرة المخادعة من ناحية، والأميرة الحقيقية من الناحية الأخرى، لكن لم يتعرف عليها أحد، لأن جمالها كان مبهرًا ولم تبد إطلاقًا كراعية الإوز في ثوبها الرائع هذا.
وبعد أن أكلوا وشربوا واحتفلوا، قال الملك العجوز إنه سيخبرهم قصة. وهكذا بدأ حديثه، وأخبرهم قصة الأميرة على أنها قصة سمعها ذات مرة، وسأل الوصيفة عن رأيها في العقاب الذي ينبغي أن يقع على من تتصرف على هذا النحو، فقالت: «لا تستحق سوى إلقائها في برميل خشبي مثبت به مسامير حادة، وبعد ذلك يجره جوادان أبيضان من شارع إلى آخر حتى تموت.» قال الملك العجوز: «إنها أنت أيتها الفتاة، وبما أنك حكمت على نفسك، فسننفذ هذا الحكم.» تزوج الملك الشاب بعد ذلك عروسه الحقيقية، وحكما المملكة في سلام وسعادة طيلة حياتهما، وجاءت الجنية الطيبة لزيارتهما، وأعادت فالادا المخلص إلى الحياة مجددًا.