مغامرات تشانتيكلير وبارتليت
(١) ذهابهما إلى الجبال لتناول البندق
قال الديك تشانتيكلير لزوجته بارتليت: «لقد نضج البندق تمامًا الآن، أعتقد أنه يجب علينا أن نذهب إلى الجبال، ونأكل منه ما نشاء قبل أن يأتي السنجاب ويأكله كله.» قالت بارتليت: «بكل سرور، لنذهب ونستمتع بنزهة أيضًا.»
لذا ذهبا إلى الجبال، وكان الجو رائعًا، وظلا هناك حتى المساء. ربما أكلا الكثير من البندق حتى إنهما لم يستطيعا السير، أو شعرا بالكسل ولا يريدان السير. المهم أنهما قررا فجأة ألَّا يعودا إلى المنزل سيرًا على الأقدام، فبدأ تشانتيكلير في تصنيع عربة من قشر البندق، وعندما انتهى قفزت بارتليت داخل العربة، وأمرت تشانتيكلير أن يجر العربة حتى يصلا إلى المنزل. قال تشانتيكلير: «لا بد أنك تمزحين! كلا، لن أفعل ذلك، أفضل السير إلى المنزل على الأقدام على أن أدفع العربة. من الممكن أن أجلس داخل العربة وأكون السائق إذا أردت ذلك، لكنني لن أسحبها.» وأثناء جدالهما، جاءت بطة وصاحت: «أيها اللصان المحتالان، ماذا تفعلان هنا في أرضي؟ ستدفعان ثمن وقاحتكما!» وانقضت البطة على تشانتيكلير بكل قوتها. لكن تشانتيكلير لم يكن جبانًا، ورد على ضربات البطة بأن نشب فيها مخالبه حتى بدأت تطلب منه الرحمة؛ فوافق تشانتيكلير على تحرير البطة من قبضته شريطة أن تسحب العربة إلى المنزل. وافقت البطة، فقفز تشانتيكلير داخل العربة، وصاح: «الآن أيتها البطة اسحبي العربة بأسرع ما يمكن.» وسارت العربة بسرعة جيدة.
وبعد أن قطعوا مسافة قصيرة، قابلوا في طريقهم إبرة ودبوسًا يسيران معًا في الطريق، فصاحت الإبرة: «توقفوا! توقفوا!» وأخبرتهم أنهما ضلا الطريق لأن الجو حالك الظلمة، ولا يستطيعان السير في هذا الطريق الوَعِر، وأنها هي وصديقها الدبوس كانا في حانة على بعد بضعة أميال يحتسيان الشراب، ولم يلحظا أن الوقت تأخر؛ وطلبت منهم أن يركبا معهم في العربة. لاحظ الديك تشانتيكلير خفة وزنهما وأنهما لن يشغلا مساحة كبيرة في العربة، لذا سمح لهما بالركوب معهم، لكن أخذ عليهما عهدًا أن يحافظا على نظافة عجلات العربة أثناء صعودهما، وألا يدوسا أصابع بارتليت.
وفي وقت متأخر من الليل وصلوا إلى نُزُل؛ وكان السفر ليلًا مرهقًا، وبدت البطة متعبة كثيرًا، وأخذت تترنح من جانب إلى جانب، فقرروا أن يبيتوا هناك، لكن صاحب النزل رفض في البداية، وقال إن النزل كامل العدد، اعتقادًا منه أنهم قد يكونون أشرارًا، لكنهم تحدثوا إليه بلطف، وأعطوه البيض الذي وضعته بارتليت، وقالوا له إنهم سيعطونه البطة التي كانت تبيض عادة بيضة كل يوم، وأخيرًا سمح لهم بالدخول، وطلبوا عشاءً طيبًا، وقضوا الليلة في سعادة غامرة.
وفي ساعة مبكرة للغاية من صباح اليوم التالي، وبينما كان الكل نيامًا في النزل، أيقظ تشانتيكلير زوجته، وأحضرا البيضة، ونقراها، وأكلاها كلها، ثم قذفا القشرة في المدفأة، ثم ذهبا إلى الدبوس والإبرة، اللذين كانا مستغرقين في النوم، وأمسكاهما من رأسيهما، ووضعا أحدهما في مقعد صاحب النزل والآخر في منديله، وبعد أن فعلا ذلك تسللا بعيدًا في هدوء قدر الإمكان، لكن البطة، التي كانت نائمة في الفناء الخارجي، سمعتهما، فقفزت في الجدول المائي بمحاذاة النزل، وسرعان ما سبحت بعيدًا عنهما.
بعد مرور ساعة أو ساعتين استيقظ صاحب النزل، وأمسك بمنديله ليمسح وجهه، لكن الدبوس اصطدم بوجهه ووخزه، ثم سار إلى المطبخ ليشعل الغليون من المدفأة، لكن عندما أشعله طار قشر البيض في عينيه، وكاد يسبب له العمى. قال: «يا إلهي! يبدو أن كل شيء اتفق على تحطيم رأسي هذا الصباح.» ثم ارتمى وهو متجهم فوق مقعده، لكن، يا الله! وخزته الإبرة، ولكن هذه المرة لم يكن الألم في رأسه، فانتفض سريعًا عن كرسيه، وساورته شكوك بأن المجموعة التي جاءت ليلًا هي من فعلت ذلك، فذهب ليتفقدهم، لكنهم كانوا قد رحلوا جميعًا. لذا تعهد بألا يستقبل مثل هؤلاء المتشردين مرة أخرى، فقد التهموا الكثير من الطعام، ولم يدفعوا الحساب، ولم يلق منهم سوى الخدع السخيفة ردًّا للمعروف.
(٢) ذهاب تشانتيكلير وبارتليت لزيارة السيد كوربس
قالت القطة: «أريد الذهاب معكما.» قال تشانتيكلير: «بكل سرور، اركبي خلفنا، وتمسكي جيدًا كيلا تسقطي.»
بعد ذلك بفترة وجيزة قابلهم حجر رُحَى وبيضة وبطة ودبوس، وأذن لهم تشانتيكلير بالركوب معهم في العربة.
عندما وصلوا إلى منزل السيد كوربس، لم يكن موجودًا بالمنزل؛ لذا سحبت الفئران العربة إلى الجراج، وطار تشانتيكلير وبارتليت فوق عارضة بالمنزل، بينما جلست القطة في المدفأة، وجلست البطة في حوض الغسيل، وغرس الدبوس نفسه في وسادة، ورقد حجر الرحى فوق باب المنزل، ولفت البيضة نفسها بالمنشفة.
عندما عاد السيد كوربس إلى المنزل ذهب إلى المدفأة لإشعالها، لكن القطة قذفت كل الرماد في عينيه. فركض إلى المطبخ ليغسل وجهه، لكن البطة نثرت الماء في وجهه، فحاول أن يجفف وجهه بالمنشفة، لكن البيضة تهشمت داخل المنشفة ولطخت وجهه وعينيه، فاستشاط السيد كوربس غضبًا، وذهب إلى الفراش دون أن يتناول عشاءه، لكن عندما وضع رأسه فوق الوسادة انغرس الدبوس في وجنته، فازداد غضبه، وقفز من فوق السرير وقرر الخروج من المنزل، لكن عندما فتح الباب سقط حجر الرحى فوق رأسه فمات في الحال.
(٣) وفاة بارتليت ودفنُها، وموت تشانتيكلير حزنًا عليها
في يوم آخر اتفق تشانتيكلير وبارتليت على الذهاب إلى الجبال لتناول البندق مرة أخرى، واتفقا على اقتسام كل ما يجدانه من بندق بالتساوي بينهما. عثرت بارتليت على بندقة كبيرة للغاية، لكنها لم تخبر تشانتيكلير بها، واحتفظت بها لنفسها، لكن البندقة كانت كبيرة حتى إنها لم تستطع بلعها، ووقفت في حلقها، فشعرت بالذعر وصاحت منادية تشانتيكلير: «أرجوك اركض بأقصى سرعة لديك وأحضر لي ماءً، وإلا سأختنق.» ركض تشانتيكلير نحو النهر، وقال: «أيها النهر، أعطني بعض المياه، فبارتليت ترقد في الجبل، وستختنق إثر تناولها بندقة كبيرة.» قال النهر: «اذهب أولًا إلى العروس، واطلب منها أن تعطيك حبلًا حريريًّا لتسحب المياه.» ركض تشانتيكلير إلى العروس، وقال: «أيها العروس، أعطني حبلًا حريريًّا، وحينها سيعطيني النهر ماءً، وسأحمل الماء إلى بارتليت التي ترقد في الجبال على وشك أن تختنق إثر تناولها بندقة كبيرة.» لكن العروس قالت: «اذهب أولًا، وأحضر إكليل الزهور المعلق في شجرة الصفصاف في الحديقة.» ركض تشانتيكلير نحو الحديقة، وأخذ إكليل الزهور المعلق في غصن الشجرة، وأحضره إلى العروس، فأعطته الحبل الحريري، فأخذه إلى النهر، فأعطاه النهر ماء، فحمل الماء إلى بارتليت، لكنه وجدها ترقد بلا حراك؛ فقد ماتت مختنقة بالبندقة الكبيرة.
شعر تشانتيكلير بالحزن الشديد، وأخذ يبكي بمرارة، وحضرت كل الحيوانات تبكي بارتليت المسكينة. صنع ستة فئران عربة صغيرة لنقل الموتى من أجل حمل بارتليت إلى قبرها، وعندما أصبحت العربة جاهزة شدوا أنفسهم إليها وقادها تشانتيكلير، وفي طريقهم قابلوا الثعلب الذي قال: «إلى أين أنت ذاهب يا تشانتيكلير؟» فقال: «ذاهب لدفن زوجتي بارتليت.» قال الثعلب: «هل يمكنني الذهاب معكم؟» قال تشانتيكلير، «أجل، لكن عليك الركوب خلفي كي يستطيع الفئران سحب العربة.» فركب الثعلب خلفه، وسرعان ما قابلهم الذئب ثم الدب ثم العنزة وكافة حيوانات الغابة التي صعدت فوق عربة نقل الموتى.
مضوا جميعًا في طريقهم حتى وصلوا إلى مجرى مائي، فقال تشانتيكلير: «كيف سنعبر هذا النهر؟» قالت قشة: «سوف أتمدد بين ضفتي النهر وأنتم تعبرون فوقي.» لكن أثناء مرور الفئران، انزلقت القشة، وسقطت في المياه، وسقط وراءها الفئران الستة، وغرقوا. ماذا سيفعلون الآن؟ حينئذ جاء جذع شجرة ضخم، وقال: «أنا كبير الحجم بما يكفي، سوف أتمدد بين ضفتي النهر، واعبروا فوقي.» وتمدد فوق المياه، لكنهم عبروا بطريقة حمقاء حتى إن جذع الشجرة سقط في المياه، وحمله التيار بعيدًا. شاهد أحد الأحجار ما حدث، فجاء وعرض مساعدته على تشانتيكلير المسكين، وتمدد فوق النهر. مرَّ تشانتيكلير ومعه عربة نقل الموتى في سلام، واستطاع إخراج بارتليت من العربة، لكن الثعلب وباقي المُشَيِّعين ممن كانوا يجلسون في الجزء الخلفي من العربة كان وزنهم ثقيلًا للغاية، فسقطت العربة في المياه، وغرقوا جميعًا.
وهكذا وقف تشانتيكلير وحده مع زوجته المتوفاة، وبعد أن حفر قبرًا لها، وضعها داخله، وأقام تلًّا صغيرًا فوقه، ثم جلس بجانب قبرها، وأخذ يبكي وينتحب حتى مات هو الآخر.