رامبِل ستِلت سكِن
يُحكى أنه كانت هناك غابة في بلاد بعيدة يجري بجانبها نُهير جميل، ويقع بجانب ذاك النهير طاحونة، وعلى مقربة من الطاحونة يقف منزل الطحان. كان لدى الطحان ابنة فائقة الجمال، وفوق جمالها تملك الدهاء والذكاء. كان أبوها شديد التباهي بها، حتى إنه في يوم من الأيام أخبر ملك البلاد، الذي اعتاد الذهاب إلى الغابة من أجل الصيد، أن ابنته تستطيع غزل القش وتحويله إلى خيوط ذهبية. كان ذلك الملك يحب المال كثيرًا، وأثار تباهي الطحان بابنته طمعه، فأرسل رجاله لإحضار الفتاة، وأدخلها بعد ذلك إلى غرفة بالقصر بها كومة كبيرة من القش، ثم أعطاها مغزلًا، وقال لها: «يجب أن تغزلي كل هذا القش وتحوليه إلى ذهب قبل الصباح، إذا أردت أن تنجي بحياتك.» قالت له الفتاة المسكينة إن هذا الأمر ليس سوى تباهٍ سخيف من والدها، وإنها لا تستطيع غزل القش وتحويله إلى خيوط ذهبية، لكن بلا جدوى؛ لم يستمع إليها الملك، وأغلق باب الغرفة، وتركها وحدها.
دارت العجلة في سرور؛ وسرعان ما أنجز القزم العمل، وتحول القش إلى ذهب.
وقبل أن يطلع الصباح بمدة طويلة، كان قد أنجز العمل.
شعر الملك بسعادة كبيرة عندما رأى هذا الكنز المتلألئ؛ لكنه لم يكتف بعد، وأعطى ابنة الطحان كومة أكبر من القش، وقال: «لا بد أن تنتهي من غزل هذا القش الليلة، وإذا استطعت فعل ذلك، فستصبحين الملكة.» ما إن أصبحت وحدها حتى دخل القزم، وقال: «ماذا ستعطينني إذا غزلت هذا القش، وحولته إلى ذهب للمرة الثالثة؟» قالت: «لم يبق معي شيء.» فقال لها: «إذن ستعطينني أول طفل تلدينه بعد أن تصبحي الملكة.» فكرت ابنة الطحان في نفسها: «هذا لن يحدث أبدًا.» لكنها أدركت أنه ليس أمامها خيار آخر لتنجز مهمتها، فأخبرته أنها ستفعل ما يطلبه منها. لفَّ عجلة المغزل مرة أخرى، وأخذ يردد الأغنية نفسها، وغزل مرة أخرى كومة القش وحولها إلى ذهب. حضر الملك في الصباح، وعندما وجد كل ما أراد، اضطر إلى الوفاء بوعده؛ وتزوج ابنة الطحان، وأصبحت الملكة.
عندما وضعت طفلها الأول سعدت كثيرًا، ونسيت أمر القزم وما وعدته به. لكن ذات يوم حضر القزم إلى غرفتها حيث كانت جالسة تلهو مع طفلها، وذكرها بما قالته له، فحزنت حزنًا شديدًا لسوء حظها، وأخبرته أنها على استعداد لتقديم كل ثروات المملكة له حال تركها وحالها، لكنه لم يستجب لها؛ وفي النهاية رق قلبه أمام دموعها، وقال لها: «سأمنحك مهلة ثلاثة أيام، إذا استطعتِ خلالها معرفة اسمي، فستحتفظين بطفلك.»
لم تنم الملكة طوال الليل وهي تفكر في كافة الأسماء الغريبة التي سمعت بها في حياتها، وأرسلت رسلًا إلى كافة أنحاء البلاد للبحث عن أسماء جديدة. في اليوم التالي حضر الرجل القزم، ذكرت له اسم تيموثي وإيشابود وجيريمايا وكل الأسماء التي استطاعت تذكرها، لكنه كان يرد على كل اسم منها بقوله: «لا يا سيدتي، هذا ليس اسمي.»
في اليوم الثاني ذكرت له كافة الأسماء الكوميدية التي سمعت بها مثل متقوس الساقين، والأحدب، وذي الساقين الملتويتين … إلخ، لكن القزم كان يرد عليها مع كل اسم بقوله: «كلا يا سيدتي، هذا ليس اسمي.»
عندما سمعت الملكة ما قاله رسولها قفزت فرحًا، وما إن وصل صديقها القزم حتى جلست فوق عرشها، واستدعت كل حاشيتها حولها ليستمتعوا بما سيحدث. وقفت المُرضعة بجانبها تحمل الطفل بين ذراعيها، وكأنهم على وشك أن يتخلوا عن الطفل. بدأ القزم يضحك بينه وبين نفسه كلما تذكر أنه سيحصل على الطفل المسكين، وسيأخذه معه إلى الكوخ في الغابة؛ وصاح: «الآن يا سيدتي، ما اسمي؟» سألته: «هل هو جون؟» أجابها: «كلا، يا سيدتي!» سألته: «هل اسمك توم؟» أجابها: «كلا يا سيدتي!» سألته: «هل اسمك جيمي؟» أجابها: «ليس كذلك.» قالت الملكة بخبث: «هل يمكن أن يكون اسمك رامبِل ستِلت سكِن؟» فصاح القزم: «لقد أخبرتك ساحرة باسمي! لقد أخبرتك ساحرة باسمي!» وضرب الأرض بقدمه اليمنى في نوبة غضب شديد فانغرست فيها، حتى إنه استعان بيديه الاثنتين لسحبها للخارج.
ثم شق طريقه إلى الخارج بسرعة، في حين ضحكت المرضعة وصاح الطفل؛ وسخر أفراد الحاشية منه بعد أن تكبد مشقة كبيرة دون مقابل، وقالوا: «نتمنى لك صباحًا سعيدًا، وعيدًا سعيدًا يا سيد رامبِل ستِلت سكِن!»