بياض الثلج والأقزام السبعة
في منتصف الشتاء، حيث تتساقط الرقاقات الثلجية الكبيرة، جلست ملكة إحدى البلاد في أبعد بقاع الأرض تغزل في نافذتها. كان إطار النافذة مصنوعًا من خشب الأبنوس الأسود الفاخر، وبينما كانت تتأمل تساقط الجليد، وخزت إصبعها، وسالت ثلاث قطرات من الدم فوق الجليد. تأملت الملكة القطرات الحمراء التي تناثرت فوق الثلج الأبيض، واستغرقت في التفكير، ثم قالت: «ليت ابنتي الصغيرة تكون بيضاء مثل الثلج، وحمراء مثل الدم، وسوداء مثل إطار النافذة!» وبالفعل كبرت الفتاة الصغيرة، وأصبحت بشرتها بيضاء مثل الثلج، ووجنتاها ورديتين مثل الدم، وشعرها أسود مثل الأبنوس، وسُمِّيت «بياض الثلج».
«أنت أيتها الملكة الأجمل في العالم.»
عندما سمعت الملكة هذا الكلام شحب وجهها من فرط الغضب والحقد، ونادت على أحد خادميها، وقالت: «خذ بياض الثلج بعيدًا في أعماق الغابة الواسعة، لا أريد أن أراها مجددًا.» أخذ الخادم بياض الثلج بعيدًا، لكن رق قلبه مع توسلات بياض الثلج بأن يعتقها، وقال: «لن أؤذيك أيتها الطفلة الجميلة.» ثم تركها وحدها بالغابة، وظن أن الحيوانات البرية ستفتك بها على الأرجح، وشعر بأنه أزاح حملًا ثقيلًا عن كاهله بعد أن قرر عدم قتلها وتركها لتواجه مصيرها، فربما يعثر عليها شخص ما وينقذها.
تجولت بياض الثلج المسكينة في الغابة والخوف يملؤها؛ زأرت الحيوانات البرية من حولها، لكن لم يصبها أي منها بأذى. في المساء وصلت إلى كوخ بين التلال، ودخلت لتستريح، إذ كانت تشعر بالوهن الشديد ولا تستطيع السير. كان كل شيء أنيقًا ومرتبًا داخل الكوخ؛ إذ يوجد فوق المائدة مفرش أبيض، وسبعة أطباق صغيرة، وسبعة أرغفة صغيرة، وسبعة كئوس صغيرة بها خمر؛ وسبعة سكاكين وشوك موضوعة بنظام، وبجانب الجدار سبعة أسِرَّة. ولأنها كانت تشعر بالجوع القارص، أكلت قطعة صغيرة من كل رغيف، وأخذت رشفة من كل كأس، وفكرت بعد ذلك أن تتمدد وترتاح، فجربت كل الأسِرَّة الصغيرة. أحدها كان طويلًا أكثر من اللازم، وآخر كان قصيرًا أكثر من اللازم، وأخيرًا كان السرير السابع هو الذي يناسبها، فتمددت فوقه، واستغرقت في النوم.
بعد ذلك حضر أصحاب الكوخ. كانوا سبعة أقزام يعيشون بين الجبال، ويحفرون للبحث عن الذهب. أضاءوا المصابيح السبعة، وأدركوا على الفور أن هناك خطبًا ما. قال الأول: «من جلس فوق كرسيي؟» وقال الثاني: «من أكل من صحني؟» وقال الثالث: «من أكل من رغيفي؟» وقال الرابع: «من عبث بملعقتي؟» وقال الخامس: «من عبث بشوكتي؟» وقال السادس: «من استخدم سكيني؟» وقال السابع: «من شرب من كأسي؟» ثم نظر الأول حوله وقال: «من نام فوق سريري؟» فهرول نحوه باقي الأقزام، وصاح كل واحد فيهم إن هناك من نام فوق سريره، لكن القزم السابع رأى بياض الثلج، ونادى على إخوته ليحضروا ويروها؛ فصاحوا في عجب ودهشة وأحضروا مصابيحهم لينظروا إليها، وقال كل منهم: «يا إلهي! يا لها من طفلة جميلة!» وسعدوا كثيرًا برؤيتها، وتصرفوا بحذر كي لا يوقظوها، ونام القزم السابع مدة ساعة مع كل قزم من الأقزام الستة بالتتابع حتى طلع النهار.
في الصباح أخبرتهم بياض الثلج بقصتها، فأشفقوا عليها، وأخبروها أنه بإمكانها أن تمكث معهم على أن ترتب المنزل وتطهو وتغسل وتغزل، وسيعتنون بها جيدًا. بعد ذلك خرجوا للعمل طيلة اليوم بحثًا عن الذهب والفضة في الجبال، وأصبحت بياض الثلج وحدها بالمنزل. حذرها الأقزام السبعة، وقالوا: «سرعان ما ستعرف الملكة مكانك، فتوخي الحذر، ولا تسمحي لأحد بالدخول.»
شعرت الملكة بالذعر، لأنها تعلم أن البلورة السحرية تقول الصدق دائمًا، وتأكدت أن الخادم خانها. ولم تستطع تحمل التفكير أن هناك من يفوقها جمالًا على وجه الأرض؛ فارتدت ملابس بائعة متجولة عجوز، وشقت طريقها نحو التلال إلى حيث يعيش الأقزام السبعة. طرقت باب الكوخ، وصاحت: «معي أشياء جميلة للبيع!» أطلت بياض الثلج من النافذة، وقالت: «مرحبًا أيتها المرأة الطيبة! ماذا تحملين معك؟» قالت: «معي بضائع جميلة. معي بضائع رائعة. معي أربطة وبكر من كل الألوان.» فكرت بياض الثلج في نفسها وهي ذاهبة لفتح الباب: «سأسمح لها بالدخول، تبدو امرأة طيبة.» قالت العجوز: «يا إلهي! إن مشد فستانك غير مربوط جيدًا.» لم تتوقع بياض الثلج الخيانة، فوقفت أمام العجوز، التي أخذت تربط مشد الفستان، وأحكمت ربط الفستان بقوة، حتى توقفت بياض الثلج عن التنفس، وانهارت على الأرض وقد فارقت الحياة. قالت الملكة الحاقدة: «هذه نهاية جمالك.» ثم عادت إلى قصرها.
في المساء عاد الأقزام السبعة إلى المنزل، وحزنوا لدى رؤيتهم بياض الثلج ملقاة فوق الأرض، وكأنها فارقت الحياة. لكنهم رفعوها من فوق الأرض، وعندما اكتشفوا سبب علتها، قطعوا الأربطة، وبعد لحظة بدأت تتنفس، وسرعان ما استعادت الوعي. قالوا لها: «تلك العجوز هي نفسها الملكة. احذري في المرة القادمة، ولا تسمحي لأحد بالدخول عندما نكون بالخارج.»
فار الدم في عروقها وشعرت بالنكاية والحقد بعد أن أدركت أن بياض الثلج لا تزال على قيد الحياة. ارتدت ملابسها مجددًا، لكنها كانت تختلف عن ملابسها في المرة السابقة، وأخذت معها مشطًا مسممًا. عندما وصلت إلى كوخ الأقزام، طرقت الباب، وصاحت: «معي بضائع رائعة!» لكن بياض الثلج قالت: «لا أجرؤ على فتح الباب لأي أحد.» فقالت الملكة: «انظري فقط إلى الأمشاط الرائعة التي أحملها!» وأعطتها المشط المسمم. بدا المشط جميلًا، فأخذته بياض الثلج منها ووضعته في شعرها لتجرِّبه، لكن ما إن لامس المشط رأسها حتى سقطت فاقدة الوعي، فقد كان السم قويًّا للغاية. قالت الملكة: «لقد تخلصت منك.» ثم عادت إلى قصرها. لحسن حظ بياض الثلج، عاد الأقزام السبعة مبكرًا ذاك اليوم، وعندما رأوها ملقاة فوق الأرض، أدركوا ما حدث، وسرعان ما عثروا على المشط المسمم. وعندما نزعوه من رأسها، أفاقت، وأخبرتهم بما حدث؛ فحذروها مرة أخرى، ونهوها عن فتح الباب لأي شخص.
«أنت أيتها الملكة أجمل نساء الأرض.»
هدأ بال الملكة أخيرًا وغمرتها السعادة. عندما حل المساء، عاد الأقزام إلى المنزل، ووجدوا بياض الثلج ملقاة فوق الأرض لا تتنفس. خَشَوا أن تكون قد ماتت بالفعل. حملوها من فوق الأرض ومشطوا شعرها، وغسلوا وجهها، لكن بلا جدوى، فقد بدت الفتاة الصغيرة ميتة. لذا وضعوها فوق نعش، وأخذوا يراقبونها وهم ينوحون على مدى ثلاثة أيام. فكروا بعد ذلك في دفنها، لكن كانت وجنتاها لا تزالان ورديتين، ووجهها لم يتغير لونه، فقالوا: «لن ندفنها قط في الأرض الباردة.» فصنعوا لها تابوتًا من الزجاج، كي يتمكنوا من النظر إليها، وكتبوا اسمها فوقه بحروف ذهبية، وأنها ابنة الملك. وضعوا التابوت بين التلال، ودائمًا ما كان يجلس بجواره أحد الأقزام لمراقبته. كانت الطيور تحلق عند تابوتها أيضًا وتتحسر عليها. في البداية حضرت بومة، ثم غراب، وأخيرًا يمامة، وحطوا بجانب التابوت.
وهكذا رقدت بياض الثلج في نعشها فترة طويلة للغاية، بدت خلالها كأنها نائمة. بدت بيضاء مثل الثلج، وحمراء مثل الدم، وسوداء مثل خشب الأبنوس. في النهاية حضر الأمير ونادى عند كوخ الأقزام؛ ورأى بياض الثلج، وقرأ المكتوب بحروف ذهبية. عرض مالًا على الأقزام، وتوسل إليهم أن يسمحوا له أن يأخذها معه، لكنهم قالوا: «لن نتركها مقابل ذهب العالم كله.» لكن في النهاية أخذتهم به الشفقة وأعطوه التابوت، وفي اللحظة التي حملها ليأخذها معه إلى المنزل، سقطت قطعة التفاح من بين شفتيها، واستيقظت بياض الثلج وقالت: «أين أنا؟» فقال الأمير: «أنتِ في أمان معي.»
ثم أخبرها بما حدث، وقال: «أحبك كثيرًا؛ تعالي معي إلى قصر أبي، وستكونين زوجتي.» وافقت بياض الثلج، وعادت إلى القصر مع الأمير، وجرت استعدادات الزفاف في أجواء بهيجة.
استشاطت الملكة غضبًا عندما سمعت هذا الكلام، لكن لفضولها وحقدها الكبيرين، لم تستطع منع نفسها من الذهاب لرؤية العروس. وعندما وصلت إلى هناك، رأت بياض الثلج التي ظنت أنها ماتت منذ فترة طويلة. ومن شدة شعورها بالغضب، اختنقت، وسقطت على الأرض بلا حياة. أما بياض الثلج والأمير، فقد عاشا معًا، وحكما البلاد في سعادة على مدى سنوات عديدة؛ وأحيانًا ما كانا يذهبان إلى الجبال، ويزوران الأقزام السبعة الذين أمدوا يد العون إلى بياض الثلج في وقت شدتها.