أبو العُرِّيف
يُحكى أن فلاحًا فقيرًا يُدعى سلطعون كان يقود عربة محملة بالأخشاب إلى المدينة يجرها ثوران. باع الفلاح الأخشاب لأحد الأطباء. وبينما كان الفلاح الفقير ينتظر المال، صادف أن كان الطبيب جالسًا على مائدة الطعام، وعندما رأى الفلاح الطعام والشراب الشهيين اللذين يتناول منهما الطبيب، تمنى كثيرًا أن يحظى بمثل ذلك، وأن يكون طبيبًا أيضًا. فظل واقفًا برهة، وأخيرًا سأل الطبيب هل يستطيع أن يصبح طبيبًا هو الآخر. أجابه الطبيب: «أجل، تستطيع تحقيق ذلك سريعًا.» سأله الفلاح: «ماذا عليّ أن أفعل؟» قال الطبيب: «عليك أولًا شراء كتاب تعليم حروف الهجاء المصوَّر من النوع الذي يحتوى على صورة ديك على الغلاف. ثانيًا، عليك بيع عربتك والثورين وشراء ملابس بثمنها، وشراء كل ما يلزم لممارسة الطب. ثالثًا، علِّق لافتة مكتوب عليها: «أنا الطبيب أبو العريف» فوق باب منزلك.» فعل الفلاح كل ما أخبره به الطبيب. وبعد أن عالج الناس بعض الوقت، حدث أن سيدًا نبيلًا وثريًّا سُرق منه مال، وأخبره الناس عن أبي العريف وعن القرية التي يعيش فيها، وأنه لا بد أن يعرف مصير المال المسروق. فجهز السيد النبيل عربته التي تجرها الخيول، واتجه إلى القرية، وسأل سلطعون هل هو أبو العريف، فقال إنه هو، فطلب منه الرجل أن يذهب معه ليعيد المال المسروق. قال له سلطعون: «لا بأس، لكن زوجتي جريتي لا بد أن تأتي معي أيضًا.» وافق الرجل، وجلس سلطعون وجريتي في عربته، وشقوا طريقهم معًا. عندما وصلوا إلى قصر السيد النبيل، أُعدَّت المائدة، وطُلب من سلطعون أن يجلس ليتناول طعامه. قال سلطعون: «لا بأس، لكن زوجتي جريتي لا بد أن تأكل معي أيضًا.» وجلسا على المائدة، وعندما جاء الخادم الأول ومعه طبق به طعام شهي، وكز سلطعون زوجته، وقال لها: «يا جريتي، هذا هو الأول.» وكان يقصد أن هذا هو الطبق الأول، لكن الخادم اعتقد أنه يقصد بكلامه: «هذا هو اللص الأول.» ولأنه كان اللص الأول بالفعل، فقد شعر بالذعر، وقال لصديقه في الخارج: «أبو العريف يعرف كل شيء، وسنلقى ما لا تحمد عقباه، فقد قال إنني اللص الأول.» لم يكن الخادم الثاني يريد الدخول عند أبي العريف أبدًا، لكنه أُرغم على الدخول. وعندما دخل بالطبق الثاني، وكز أبو العريف زوجته، وقال: «يا جريتي، ها هو الثاني.» شعر الخادم الثاني بالرعب هو الآخر، وخرج بأقصى سرعة. وتكرر الأمر نفسه مع الخادم الثالث، فعندما دخل عند سلطعون، سمعه يقول لزوجته: «ها هو الثالث.» كان على الخادم الرابع الدخول بطبق مغطى إلى سلطعون، وطلب منه السيد النبيل أن يظهر مهاراته، ويخمن نوع الطعام أسفل الغطاء. كان يوجد بالطبق سمك السلطعون، فنظر سلطعون إلى الطبق، ولم يدر ماذا يقول، وصاح: «يا لسلطعون المسكين.» عندما سمع السيد النبيل ذلك، صاح: «يا إلهي! لقد استطاع معرفة الطعام الموجود أسفل الغطاء. لا بد أنه يعرف أيضًا من سرق المال!»
عندئذٍ بدا على الخدَم علامات الانزعاج، وأشاروا لأبي العريف كي يتحدثوا معه لحظة في الخارج. عندما خرج سلطعون، اعترف له الخدم الأربعة أنهم سرقوا المال، وقالوا له إنهم سيعيدونه مرة أخرى ويعطونه مبلغًا كبيرًا من المال، ما لم يكشف أمرهم؛ فإذا فضح أمرهم سيموتون شنقًا. واقتادوه إلى البقعة التي خبَّئوا فيها النقود. فرح سلطعون بهذا الأمر، ثم عاد إلى ردهة القصر، وجلس على المائدة، وقال للرجل: «يا سيدي، سأبحث في كتابي عن المكان المخبأ به المال.» حينئذٍ تسلل الخادم الخامس إلى داخل الموقد ليرى هل يعرف أبو العريف شيئًا آخر. جلس سلطعون، وأخذ يقلب صفحات كتابه، ويبحث عن صورة الديك. ولأنه لم يستطع العثور عليها على الفور، قال: «أعلم أنك هنا، فمن الأفضل أن تظهر!» عندئذ خرج الخادم من الموقد ظنًّا منه أن سلطعون يقصده هو، وقفز نحو الخارج وهو في حالة ذعر، وصاح: «هذا الرجل يعرف كل شيء!» بعد ذلك دل سلطعون السيد النبيل على مكان المال، لكنه لم يخبره من سرقه، وأخذ مكافأة كبيرة من الرجل النبيل ومن اللصوص، وأصبح رجلًا مشهورًا.