وفي لحظةٍ … انتهى كل شيء!
كانت الرسالة من رقم «صفر» تقول: غادروا لندن، الليلة إلى حيث المخزن، لقد طار الصقر إلى هناك!
فجأة دقَّ جرس التليفون، وكان المتحدث عميلًا جديدًا للزعيم، قال: إنَّ طائرةً خاصة في انتظاركم الليلة، في الساعة الواحدة تمامًا، اللقاء في النقطة «ص»!
نقل «أحمد» نَصَّ المكالمة إلى الشياطين، وهو ينظر في ساعة يده، ثم قال: إنَّ الوقت ضيق يجب أن نتحرك الآن!
في ثوانٍ كان الشياطين داخل غرفهم، يأخذون حقائبهم السحرية، ثم اتجهوا إلى حيث كانت السيارة. وما إن ركبوها حتى انطلقت إلى حيث النقطة «ص»، التي كانت تقع خارج لندن.
في الليل الصامت، حيث كانت السيارة تنطلق، قال «بو عمير»: إنَّ «سام سترونج» سوف يكون صيدًا صعبًا بالنسبة لنا!
ردَّ «خالد» وهو يضغط بنزين السيارة: لا أظنُّ، إنَّه مثل غيره، سوف يكون صيدًا ثمينًا. ثم ابتسم ابتسامةً هادئة.
كانت السيارة تقطع الطريق بسرعة. في الوقت الذي كان فيه الزمن يقفز مع عقارب الساعة ليصل إلى الساعة الواحدة، وعندما كان العقربان يستقران فوق الرقمين واحد و١٢، كانت إشارةٌ ضوئية تتردد أمام الشياطين، فهِمُوا أنَّها مُوجهة إليهم. فهناك، تقف الطائرة الصغيرة في انتظارهم، في دقائق، كانوا يغادرون السيارة، إلى الطائرة التي وقف قائدها مبتسمًا يرحب بهم، وعندما استقروا داخلها، أدار محركاتها، ثم انطلق بها، يشق الفضاء في سرعة.
سأل «أحمد»: متى نصل إلى «مانشستر»؟
قال القائد: بعد ساعة وربع!
نظر «أحمد» في ساعة يده، ثم همس: إنَّه وقتٌ مناسب، انقضى الوقت سريعًا، وعندما كانت الساعة تعلن الثانية والربع تمامًا، كانت الطائرة تهبط في منطقةٍ واسعة، وعندما استقرت، وتوقفت محركاتها، اقتربت سيارة سوداء اللون منها، وبسرعةٍ غادر الشياطين الطائرة، وركبوا السيارة بسرعة، ولم يكن أحدٌ قد تحدث إليهم، إلا قائد الطائرة الذي قال: سوف أبقى في انتظار تعليماتكم!
في نفس الوقت غادر قائد السيارة مقعد القيادة دون أن يلفظ بكلمةٍ واحدة، ثم انضم إلى قائد الطائرة …
جلس «خالد» أمام عجلة القيادة، وعندما انطلقت، رفع «أحمد» سماعة التليفون، فجاءه صوت العميل يرحب بهم، ثم قال: إنَّ فندق «والدروف» في انتظاركم، غدًا سوف نتحدث!
شكره «أحمد»، في نفس الوقت الذي ضبط «أحمد» بوصلة السيارة على نقطةٍ محددة، عرفها من الخريطة الصغيرة التي معه، والتي تحمل كل التفاصيل لمدينة «مانشستر» الواسعة. كانت شوارع المدينة هادئة الآن، فالساعة تقترب من الثالثة صباحًا، وعندما توقفت أمام فندق «والدورف» غادرها الشياطين بسرعةٍ إلى الداخل، وفي دقائق، كانوا يغطُّون في نومٍ عميق.
إلا أنَّ «أحمد» كان في الساعة السابعة صباحًا، يقوم بأداء بعض التمرينات الرياضية. لم تكن مكالمة عميل رقم «صفر» قد جاءت، لكن ذلك لم يجعل «أحمد» يشعر بالقلق؛ فهو يعرف أنَّ كل شيء يمشي حسب خطةٍ موضوعة. فجأة رنَّ جرس التليفون، فأسرع إليه، ظنَّ في البداية أنَّه العميل، لكن الصوت الذي لامس أذنه، كان صوت «خالد» الذي ألقى تحية الصباح، ثم سأل: هل تحدث الزميل؟
أجاب «أحمد»: ليس بعد، إنَّني في الانتظار.
في نفس اللحظة، دخل «بو عمير» و«قيس» و«عثمان»، فقال «أحمد»: إنَّ بقية المجموعة قد حضروا.
فردَّ «خالد»: سوف أكون عندكم حالًا! ثم وضع السماعة.
جلس الشياطين، لكن فجأة، ألقى «قيس» نفسه على الأرض، وعندما انتبه الآخرون إليه، كان سهمٌ صغيرٌ قد انغرس في جدار الحجرة! التقت أعين الشياطين في دهشة، ففي مقدمة السهم كانت هناك ورقة صغيرة، أسرع إليها «أحمد» في حذر، ثم جذب السهم في قوة، وأخذ الورقة. كان مكتوبًا فيها: إنَّني أعرف ماذا تريدون. أنصحكم بمراجعة أنفسكم، والعودة من حيث أتيتم!
قرأ «أحمد» الرسالة للشياطين. في نفس اللحظة، فتح الباب، دخل «خالد»، كاد ينطق، إلا أنَّ منظرهم، جعله يصمت. نقل إليه «أحمد» ما حدث، وكان «قيس» قد انضم إليهم.
قال «خالد»: هذا يعني أنَّ الصراع أصبح مكشوفًا.
لم يرد أحد لحظة، ثم قال «عثمان»: ينبغي أن نرسل لرقم «صفر».
جرت مناقشةٌ سريعة لاتخاذ قرار، قال «أحمد» في النهاية: إنَّ مغامرتنا مستمرة، لكننا سوف نرسل إلى الزعيم كما اقترح «عثمان»!
في لحظاتٍ، كان «أحمد» يرسل رسالةً شفرية إلى رقم «صفر»: «١–٢٣–١٤–٢١–١٠» وقفة «١–١٠–١٢–٢٣» وقفة «١٠–١٢–١–٢٣–٢٧» وقفة «٣–٢٧–٨–٢٩–٨» وقفة «٢٧–٢٣» وقفة «٢٧–٢٥–١–٢٢» وقفة «١–٢٦–١–٢٤–١٢» انتهى. وكانت ترجمة الرسالة: الصقر أرسل رسالةً بتهديد، هل هناك أوامر؟
مرَّت لحظات، كانوا ينتظرون خلالها رسالة الزعيم، لم تتأخر الرسالة كثيرًا، ففجأة، أعطى جهاز الاستقبال إشارة ضوئية، فعرف الشياطين أنَّها رسالة رقم «صفر». أخذ «أحمد» يتلقى الرسالة الشفرية التي كانت تقول: «٢٣–١» وقفة «٣–٨–١٨–٢٦–١» وقفة «١–٢٣–١٤–٢١–١٠» وقفة «٢٩–٢٠–٢٣–٣» وقفة «٢٤–٢٥–٢٢–٢٤» وقفة «١–٢٥–٣–١٧–١٠» وقفة «١–٧–٢–١–١٠–٢٢–٢٤» وقفة «١–٢٣–١٦–١٩–٢–٢٧» انتهى. وكانت ترجمة الرسالة: «لا تدعوا الصقر يفلت منكم، أنتظر أخباركم الطيبة.»
عندما استقر رأي الشياطين على الحركة، تحركوا بسرعةٍ إلى الباب، ليغادروا حجرة «أحمد». إلا أنَّ جهاز الإرسال، أعطى إشارةً جديدة.
أسرع «أحمد» يتلقى الرسالة، وعندما تلقاها كاملةً، اتسعت عيناه دهشة، وملأ وجهه التصميم. كان الشياطين يتابعون انفعالاته، التي تغيرت الآن إلى الحزن …
أسرعوا إليه، فهمس: لقد تخلصوا من عميل رقم «صفر».
ملأت وجوه الشياطين الدهشة، وهمس «خالد»: يبدو أنَّهم يعرفون عنَّا الكثير.
أكمل «قيس»: إنَّ «سام سترونج» ليس تاجر أسلحة فقط، إنَّه زعيم عصابة أيضًا!
قال «بو عمير»: يبدو أنَّ التخلص من العميل، هو تأكيد للرسالة التي أرسلها «سام»!
نظر «عثمان» إلى «أحمد» قائلًا: هل هي رسالة من الزعيم؟
هزَّ «أحمد» رأسه بمعنى نعم، ثم قال: ينبغي أن نتحرك الآن، فأيُّ تأخير سوف يحدث، قد يفهمون أنَّه ترددٌ منا، أو خوف!
كانت كلمات «أحمد» كافية ليسرع الشياطين إلى الخروج. ولكن قبل أن يصلوا إلى الباب، قال «أحمد»: ينبغي أن نرسم خطة تحركنا حول مخزن «مانشستر»!
قال «بو عمير»: إنَّ تحركنا الآن سوف يكون تحت أعينهم، فما داموا قد أرسلوا رسالة السهم، فإن هذا يعني أنَّهم موجودون حول الفندق. وعندما ننزل سوف يتضح كل شيء! كانت وجهة نظر «بو عمير» صحيحة؛ ولذلك تحرك الشياطين.
غادروا حجرة «أحمد»، وهم يعرفون أنَّهم لن يعودوا إليها مرةً أخرى.
عندما أصبحوا أمام الفندق، مباشرةً، همس «عثمان»: ينبغي أن نكون معًا، حتى لا نفقد قوتنا، خصوصًا وأنَّنا محاصرون!
ردَّ «أحمد»: نعم، إنَّ حركتنا سوف تكون حركةً واحدة، ما لم يحدث شيء!
تقدموا في اتجاه السيارة التي كانت في انتظارهم. وعندما فتحوا بابها، ترددت ذبذبات داخلها.
أسرع «أحمد» يقول: أغلقوا الباب بسرعة!
أغلق «خالد» الباب، وهو يقول: هل تظنُّ أنَّ شيئًا بداخلها؟
ردَّ «أحمد»: بالتأكيد، إنَّ هذه ذبذبات قنبلة زمنية، وهي لا تنفجر إلا عند فتح جميع الأبواب … ثم نظر حوله نظرةً سريعة ثم همس: قفوا خلفي تمامًا، حتى لا أظهر لهم!
وكأنَّهم يتحركون بشكلٍ عادي جدًّا، تراصُّوا خلفه، حتى أصبح ظهره غير ظاهر لأحد، أخرج من جيبه آلةً دقيقة، ثم ثبَّتها في فوهة المسدس، وضغط الزناد. انطلق شعاعٌ اخترق السيارة في اتجاه القنبلة، كان كل ذلك يتم بسرعةٍ شديدة.
بعد قليلٍ قال: يمكن أن نستقلَّ السيارة الآن، فقد انتهى مفعول القنبلة. تفرق الشياطين، وفتح «خالد» الباب أولًا، فلم يتردَّد أيُّ صوت … ركبوا بسرعة. أخرج «عثمان» جهاز البحث، وظل يوجهه إلى عدة اتجاهاتٍ داخل السيارة التي تحرك بها «خالد». لحظة، ثم أضاء الجهاز، اقترب «عثمان» من نفس الاتجاه، حتى وجد زرًّا صغيرًا مثبتًا في جانب السيارة، انتزعه برفقٍ، ثم قدمه ﻟ «أحمد» الذي قال: هذه هي القنبلة.
سأل «بو عمير»: ولماذا لم تنفجر عند أول لحظة؟
أجاب «أحمد»: إنهم يريدون أن يتخلصوا منَّا جميعًا دفعةً واحدة؟
نظر «خالد» في المرآة الأمامية للسيارة، ثم قال: هناك سيارةٌ تتبعنا منذ فترة، إنَّني أراقبها، منذ تحركنا!
ردَّ «بو عمير»: هذه مسألةٌ عادية، من الضروري أن يراقبونا!
أضاف «عثمان»: إنَّ هذه فرصةٌ جيدة، فهم يختصرون لنا الوقت!
ظل «خالد» يراقب السيارة، إلا أنَّ «أحمد» ضغط زرًّا في تابلوه سيارتهم، فظهرت صورة السيارة الخلفية على شاشةٍ صغيرة في التابلوه، فقال: ينبغي أن نتخلص منهم أولًا، اتجه إلى خارج المدينة!
انحرف «خالد» بالسيارة إلى اليمين، ثم إلى اليسار، كان هذا هو الاتجاه الموصل إلى خارج «مانشستر» … في نفس الوقت بدأ «أحمد» في تشغيل أجهزة السيارة؛ جهاز الصدمات، جهاز المتفجرات، جهاز التصوير، أصبحت السيارة جاهزة الآن، للدخول في أي صراع.
قال «بو عمير»: أعتقد أنَّهم سيحاولون التخلص منا عندما نصبح خارج المدينة!
ابتسم «أحمد» قائلًا: إنَّ هذه هي اللحظة التي نريدها، إنَّنا جاهزون تمامًا لهذه الفرصة.
بعد نصف ساعة، ظهرت الحقول خارج المدينة.
فجأة صاح «عثمان» الذي كان يراقب الشاشة الصغيرة في السيارة: هناك سيارةٌ أخرى قد انضمت إليها!
قال «أحمد»: لا بأس.
ضغط زرًّا، ثم بدأ يحرك مؤشر جهاز الاستقبال، كان يبحث عن الموجة التي يمكن أن يتحدث عليها الآخرون. في نفس الوقت، أخرج «بو عمير» جهازًا دقيقًا من حقيبته، وهو يقول: سوف أحاول أن ألتقط شيئًا!
دار الجهاز الدقيق، وهو عبارة عن جهاز استقبال أيضًا. فجأة صاح: الموجة القصيرة.
أسرع «أحمد» يضبط جهاز السيارة على نفس الموجة التي أشار إليها «بو عمير»، فتردَّدت الأصوات … كانت هناك مكالمة بين السيارتين.
جاء صوتٌ يضحك قائلًا: إنَّهم يذهبون إلى المصيدة بأرجلهم.
ردَّ صوتٌ آخر: إنَّهم يعملون من أجلنا؛ حتى لا نضيع وقتًا.
ابتسم «أحمد»، وقال: هذا عظيم.
ظلَّ الشياطين يتابعون السيارتين على الشاشة، ويستمعون إلى حديثهم، نظر «أحمد» أمامه، حيث كانت الحقول الممتدة تغطيها الخضرة على مدى البصر، بينما يقطعها شريط الأسفلت الأسود، في الوقت الذي يشمل المكان هدوء غريب. فلم يكن أحدٌ يظهر في هذه الساعة.
قال «أحمد»: إنَّنا يجب أن نضرب ضربتنا الآن …
قال «عثمان»: إنَّني أوافقك، إنَّ النقطة «ل» مناسبة تمامًا.
قال «أحمد»: ارفع سرعة السيارة إلى مائتي كيلو.
ضغط «خالد» بنزين السيارة، فاندفعت كالصاروخ، غير أنَّ السيارتين اقتربتا بنفس السرعة.
مرة أخرى، قال «أحمد»: اهبط بالسرعة إلى عشرين كيلو!
رفع «خالد» قدمه عن البنزين، في الوقت الذي وضع قدمه على الفرامل، حتى يعود بالسيارة إلى السرعة التي حددها «أحمد»، اندفعت السيارتان حتى اقتربتا تمامًا من سيارة الشياطين. في نفس اللحظة ضغط «أحمد» زرًّا في تابلوه السيارة وهو يقول ﻟ «خالد»: احذر، إنَّني سوف أبدأ العمل!
وفي لحظةٍ، كان كل شيء قد انتهى.