القطعة الثالثة
الفصل الأول
(محرز وقابيل)
محرز
:
الحمد لله اجتهادي أهو نفع
والصد والهجران عني ارتفع
لكن عليَّ ما رأيت واحد عصي
ولا يريد غيري لها إلا
الوصي
وقال لها أبدًا عليَّ ما تبان
لكن عريفة قلبها اتحنن
ولان
وأرسلت ورقة تقول لي بدها
إني أروح في السر بالبيت
عندها
محلا زيارة السر عند أهل الهوى
هيا طبيب العاشقين هيا
الدوا
واللي ينادم من يحبه في الظلام
يبقى هناك سكران به من غير
مُدام
والوقت أهوَّا جا أنا رايح
أقوم
من بعد ما أغيَّر هنا بدلت
هدوم
قابيل
:
آجي معك … … … …
محرز
:
… … ارجع وخليك يا نجس
لا يعرفوني بك وبعدين
أنعكِس
قابيل
:
أمشي بعيد عنك … … … …
محرز
:
… … … بقول لك لا أنا
إوعى تفوت البيت أهو خليك
هنا
تنَّك تخالفني وتعصي كلمتي
عاود ألتفت لك يوم وأورِّيك
همتي
الفصل الثاني
(كرار ومحرز)
كرار
:
يا ميت صباح الخير عليك يا سي
الأمير
ياللي الملك بمعيِّته أخدك
سمير
يا ريت مين يدعوك منه تستجيب
ما حد يعتر فيك غير صاحب
النصيب
وإن جيت يقولوا نام والا في
البلد
فقُلت آجي قبل الصلاة وقت
الأبد
واقعد وأستنَّاك وأقول لك قصتي
إيَّاك تجبرني وتقضي
حاجتي
محرز
:
إيش الطلب يا سيدي قُل لي
عليه؟
كرار
:
هو أنا بسأل عليك أُمال
ليه؟
أرجوك تنظر لي بعين المرحمة
إنك جميل الطبع رب
المكرمة
أنا شغلتي بالعلم والكتب
الكبار
ومطالعتي بالليل فيهم
والنهار
فلا تؤاخذني على مجيئي هنا
محرز
:
العفو بس احكي … … … …
كرار
:
… … … وأدينِ جيت لك أنا
شفتك أمير عاقل ومن بيت الكرم
ومنزلك عندي يشابه للحرم
لولا الضرورة ما تجاسرتش عليك
ولا وضعتش حاجتي ما بين
يديك
وكان من الواجب أوَسَّط ناس
ملاح
يعرَّفوني بك فأبشر
بالنجاح
لأجل ما تعرف مقامي في العلوم
محرز
:
احكي مانيش فاضي أنا بدي
أقوم
من غير ما تحتاج لواحد يوصفك
من يسمعك تحكي قوامك
يعرفك
كرار
:
نعم أنا عالم ولا لي أكمام
طوال
ولا فراجيَّة تجي عشرين
شوال
ولا على راسي عمامة هايلة
من تُقلها تبقى رقبتي
مايلة
ولا أطلع القلعة ولا أمشي مرح
ولا عشايا كل ليلة في فرح
محرز
:
طيب ومقصودك؟ … …
كرار
:
… … معايا عرضحال
أقراه منشان تفهمه على كل
حال
ومقصدي إلى الخديوِ تقدِّمه
حيث من زمان لك في المعية
تخدمه
محرز
:
ما تقدمه إنتَ … … … …
كرار
:
… … … أخاف يا سي الأمير
دا كل يوم يقدموا له ناس
كتير
وعرضحالي إن دخل في وسطهم
يروح بالجملة ويبطل زيهم
حيث إن مطلوبهم على غير الأصول
أما أنا أكتب عظيم وأعرف
أقول
والقصد أنك يا أمير تقدمه
في وقت رايق وكمان تكلمه
محرز
:
وإنتَ كمان تقدر تقابله
زيِّنَه
دي مقابلته على الرعيَّة
هَيِّنَة
كرار
:
أعرف بأن الحلم عنده والكرم
ومحبته في الناس أشهر من
علم
لكن ما بيني وبينه ناس كتير
وأنا أشوفه منين أنا راجل
فقير
واقفين على بابه عساكر
مِلْبُليس
وناس تشريفات ومن فوقهم
رئيس
والياوران لُخرين ما تنسى
فضلهم
أبقى أنا أروح فين من دول
كلهم؟
محرز
:
أورينِ بقى عرضك أنا أقدمه
كرار
:
أقراه عليك مرة وإنتَ
تفهمه
(ويقرأ):
(معروض عبدكم) كثير الخضوع، كثير الطاعة، كثير الأمنية والصداقة، كثير العلوم والمعارف، أحد الرعية الخادم. لما تأملت في الغلط الفاحش الواقع في جميع الكتابات التي على أبواب اللوكندات والدكاكين والخمارات وأماكن اللعب، وجميع المحلات التي في مصر المحروسة تحت ولي النعم، رأيتُ أن بعض الجُهَّال المنشيين الذين يحررون تلك الكتابات، يُحرفونها ويمسخونها المسخ الفاحش الكريه المضر بالإملاء والمعنى والصحة، ولا ينظرون إلى اشتقاق الكلمة ولا استعمالها ولا حقيقتها ولا مجازها مطلقًا. وذلك مُخل بقواعد اللغة وعلم الأدب وجميع الأمة، ويحط بشرف الملة عند الأقارب والأجانب.
محرز
:
العرض دا يزعَّل كثير لكن قول
كرار
:
أنا بقول الجد وأتِّبع
الأصول
(ثم يستمر):
ويلتمس مقدمه مع غاية الذل والهوان والخضوع من الأعتاب لمنفعة الحكومة الخديوية، أن ترتب رجال مراقبين وملاحظين ومصححين ومراجعين ومعدلين عمومية لتلك الكتابات، وأن يشرف مقدِّمه بالرياسة عليهم نظرًا لكثرة علومه واطِّلاعه وخدماته التي يؤديها للحكومة السنية البهية، من تعديل الكتابات المذكورة باللغات: العربية، والفرنساوية، واللاطينية، واليونانية، والعبرية، والسريانية، والكلدانية أفندم.
محرز
:
هاته قوام لا بد أن أقدمه
وأدخل كمان عنده بنفسي
أكلِّمه
كرار
:
ركك على كونه يشوفه وينظره
يأمر بتنفيذ كل ما فيه
أذكره
حيث إن عدله قد شمل كل العباد
لا بد أفوز من بعض خيره
بالمراد
وأنت كمان لا بد إني أمدحك
حتى يمسيك الهنا
ويصبَّحَك
وأعمل قصيدة فيك من البحر
الطويل
اللي مساحتها تجي ستين
ميل
قل لي على اسم الكريم وكنيته
لأبلَّغه من امتداحي
مُنيته
محرز
:
بكرة أقول لك وإنتَ روح بقى
(كرار يخرج.)
محرز
:
أما صحيح أكل الخرا له
معلقة
إن كانت العُلما كدا تبقى حمير
دا شيء يخلي العقل من روسنا
يطير
الفصل الثالث
(أرمان ومحرز)
أرمان
:
الراجل اللي كان هنا وزعلك
كان غاب مدة بحسبه والله
هلك
دا مبتذل واصل وعقله فيه خلل
ما ينكشح من بيت إلا
بالجلل
والناس أمثالك لهم ما ينبغي
أن يسمعوه وينوِّلوه ما
يبتغي
أما أنا مخصوص جيت لك أخبرك
عن شيء يجيك منه الغِنى
وأبشرك
محرز
(يقول بشويش على جنب)
:
آدي كمان واحد من الناس الفشوش
يريد يغني الغير وهوَّا ما
معوش
(ثم يعلي صوته):
هو خاتم الملك التقيته يا تره؟
والا كلامك يا ترى عن
مقدرة؟
أرمان
:
لا هو أنا مجنون أستعمل أمور
ما لها وجود من نفسها ولا
ظهور
كل الأمور الدجل ما تنفع بشي
أنا أقول الحق منه ما
أختشي
دي مسألة تحتاج لك ولواسطتك
توصل لأعتاب الملك بهمتك
مش ملتصاميم دول الغير نافعين
اللي من المليين يدوب تجي
أربعين
قل خمسميت مليون والا أكتر
كمان
من غير تكليف أو تعب والدار
أمان
بس أنت ساعدني وإنتَ تغتني
الله عليك يا حلو لو
ساعدتني
محرز
:
قل لي على التصميم قوامك
بالعجل
باين عليه في ذمتي إنه
دجل
أرمان
:
لكن دي أسرار اوعى تبوح بها
أحسن يجي غيرنا بلهجة
يطبَّها
(ثم يلتفت شمال ويمين خوفًا من أحد يستمع للسر، ويميل على أذن محرز ويقول السر، وبعد ذلك يقول):
معلوم أسا كل البحر يا ما تجيب
فلوس
من الجمارك والفوايد
والمكوس
محرز
:
الرأي دا طيب ولازم أعرضه
وإن كان غير دا في الجراب شيء
نفَّضُه
أحسن معايا شُغل بدي أروح قوام
أرمان
:
بس أنت ساعدني بشيء مش
بالكلام
محرز
:
حاضر … … … … …
أرمان
:
… ولو بتنين بنتو اليوم سلف
وعدُّهُم مصروف من ضمن
الكُلَف
(يعطيه فلوس فيأخذها ويخرج.)
محرز
(وحده)
:
الحمد لله اللي خدهم وانقلب
إياك يكون يا رب دا آخر
طلب
أخرج بقى ولا يعطَّلني ثقيل
يفوِّت الوقت اللي أوعد به
الجميل
الفصل الرابع
(سامي وأمين ومحرز وزهران واثنين معه)
سامي
(لوحده)
:
بقى كدا الخاين يريد يجي عندها
سرًّا وينظرها ويتهنَّا
بها
محرز
(لوحده)
:
على باب عريفة مين واقف يا
تره؟
ديمًا الموانع عندها
مستحضرة
سامي
(لأمين خادمه)
:
اليوم بلغني بنت أخويا بدَّها
في الستر تستخلي بمحرز
عندها
زهران
(ومن معه)
:
سامع كلام بينحكي على سيدنا
اتكلموا بشويش لا يدروا
بنا
سامي
:
قبلن يحدِّتها وهيَّا تحدِّتُه
لا بُد روحه تنفصل عن
جِتِّته
روح يا أمين قُل للجماعة
يحضرُم
ويستخبُّوا في الحضير ما
يظهرُم
وإن ظهر محرز عليهم يمسكوه
وبالنبابيت والدبابيس
يهلكوه
ويشوف هنا موعد عريفة ينفعه
في السر لما نضحضحُه
ونقطَّعه
(يخرج وقتها زهران ومن معه ويقول):
من قبل ما منه مرادك تبلغه
لندُق عضمك يا غبي
وندغدغه
(يلحقهم محرز ويقول):
خاس يا رجال عنه دا يحكم عمها
ما تقربوه أحسن دا شيء
يغُمَّها
ولو يكون عصَّب على موتي الغفر
من شان عريفة كل ذنبه
انغفر
(ويسحب السيف على الغُفرا ويطردهم.)
سامي
:
دا مين دا اللي جا على يده
النجاة؟
لا بُد له منصب حدا الميري
وجاه
عمل معي بفعلته أعظم جميل
محرز
:
دا أمر واجب اللي عملته يا
جليل
سامي
:
دا صوت محرز يا ترى هُوَّا
صحيح؟
قُل لي على اسمك لجل قلبي
يستريح
محرز
:
أنا خادمك محرز ومن شانك أتيت
نويت خلاصك وأنت لهلاكي
نويت
سامي
:
أنوي على موتك وأنتَ لي تجير؟
يا سيِّدي أما حقيق إنك
أمير
قلبي عليك بعد الغضب أهو رضي
واللي طلبته يا حبيبي
ينقضي
كراهتي فيك يا أمير حكمت خطا
أستاهل التعذير وضربي
بالوطا
وهو من الليلة حبيبك تنظره
وتجتمع به إيَّاك ذنبي
تغفره
الفصل الخامس
(عريفة وسامي ومحرز)
عريفة
(تخرج بالشمعة)
:
هُوَّا خبر إيه أنا سامعة
دبدبة
وصوت سلاح هنا وسامعة
كركبة
سامي
:
الكركبة داللي عليها بتسألي
ومن السرير علشانها
بتنزلي
محرز أهوَّا الأصل فيها والسبب
رضيت يكون جوزك وينعقد
النسب
حكم خلاص روحي على يده هنا
من كبشة الإجرام أولاد
الزنا
عريفة
:
وأنا قبلته حيث إنه أنجدك
ومن الهلاك نجَّاك لنا
وأوجدك
محرز
:
يا ناس أنا مدهوش من كتر الفرح
والهم زال عني وقلبي
انشرح
سامي
:
نعلن بقى الأفراح على كتب
الكتاب
حيث الزمان مما جناه اليوم
تاب
محرز
(يسمع خبط على الباب ويقول)
:
مين اللي بيخبَّط على الباب يا
تره؟
خادم محرز
:
دول ناس من اللي بيلعبوا
علقنطرة
وفيهم اللي يطبِّلوا ويزمَّروا
ويرقصوا ويلعبوا
ويتمسخروا
محرز
:
هوا احنا ما شبعناش من الثقلا
كلام؟
بواب اطردهم ورُد الباب
قوام
وجعلت دي تنبيه ليعلم من حضر
في مجلس الثقلا تعرض
للضرر