برقية
في يوم غائم من أيام شهر نوفمبر/تشرين الثاني، جلست الفتيات بعد الظهيرة وهن في مزاج سيئ. بعد ذلك عادت مارمي إلى المنزل، وحضر لوري وهو ما أدخل شيئًا من البهجة إلى نفوسهن.
سألهن لوري: «سأصطحب السيد بروك إلى المنزل بالعربة، هل تريد أي منكن أن تأتي معي؟»
قالت بيث وجو إنهما يودان الذهاب معه.
سأل لوري مارمي: «هل ثمة شيء يمكنني القيام به لك يا سيدتي؟»
قبل أن تجيبه مارمي، رنَّ جرس الباب، ودخلت هانا إلى حجرة المعيشة وعلى وجهها نظرة حائرة. قالت: «لقد وصلت برقية من تلك البرقيات المروِّعة يا سيدتي.»
أثناء قراءة السيدة مارمي البرقية بسرعة، شحب وجهها، وارتمت فوق مقعدها. ركض لوري لإحضار كوب ماء، وقرأت جو: «السيدة مارمي، زوجك مريض للغاية. احضري فورًا. إس هايل، مستشفى واشنطن.»
تبدَّل حال العائلة كلها فجأة، وصدمت الأنباء المفزعة الجميع. ضمت السيدة مارمي بناتها إليها بقوة، وقالت: «سأذهب على الفور، لكن قد يكون الأوان قد فات!»
بدأت أصوات النحيب تملأ الغرفة. أول من استفاق من الصدمة كانت هانا التي جلست وقالت: «كفى بكاءً! سأذهب لتحضير أغراضك يا سيدتي.» قالت مارمي في هدوء: «إنها محقة يا فتيات، لنهدأ حتى أستطيع التفكير.»
بذلت كل فتاة ما بوسعها كي تبقى هادئة. كانت مارمي لا تزال شاحبة الوجه، لكنها وقفت في ثبات. فكرت دقيقة، ثم قالت: «أين لوري؟»
قال وهو يسرع من الغرفة المجاورة: «ها أنا ذا، كيف لي أن أساعدك؟»
قالت مارمي: «رجاءً أرسل برقية تخبرهم فيها أنني سأحضر على الفور، وأن القطار التالي المتجه إلى واشنطن يغادر في الصباح الباكر.»
أومأ لوري برأسه، وقال: «أهناك شيء آخر يمكنني فعله؟ العربة جاهزة، يمكنني أن أذهب إلى أي مكان أو فعل أي شيء!» بدا لوري مستعدًا للوصول إلى القمر إذا ما استدعى الأمر.
أجابته مارمي: «لعلك تبعث برسالة إلى العمة مارش! يا جو أحضري لي قلمًا وورقة.»
فعلت جو ما طلبته أمها، شعرت بالعجز الشديد لأنها تعلم أنها ستقترض ثمن تذكرة القطار من العمة مارش. وتمنت لو أنها استطاعت أن تأتي بمال إضافي.
اندفع لوري نحو الباب الأمامي وهو يحمل رسالة في يده، ومضى في طريقه وكأن حياته تعتمد على ذلك الأمر. سرعان ما طلبت مارمي من بناتها القيام ببعض الأشياء، فطلبت من بيث إحضار زجاجات الخمر العتيقة من منزل السيد لورانس من أجل أبيها. حضر الرجل العجوز مع بيث، وأحضر كل ما رآه مناسبًا لشخص مريض. بل إنه سأل السيدة مارمي أن يرافقها في رحلتها الطويلة، لكن مارمي علمت أنه لن يتحمل الرحلة الطويلة، فشكرته وأخبرته أنها ستكون بخير وهي وحدها، مع أنها لم تكن تشعر بذلك. لم يفكر أحد في الأمر مرة أخرى بعد أن ودعهن السيد لورانس وغادر على عجالة إلى أن فتحت ميج باب المنزل لتجد السيد بروك.
قال وهو خافض عينيه البنيتين الجميلتين: «حضرت إلى هنا لأسأل هل ستسمح لي والدتك بمرافقتها إلى واشنطن.»
ابتسمت ميج ابتسامة دافئة، وقالت: «كم أنت طيب القلب! سيخفف ذلك عن أمي كثيرًا، شكرًا لك.»
عاد لوري بالمال من عند العمة مارش. حاولت الفتيات إنجاز الأمور والانشغال بالعمل في ظل تلك الظروف الصعبة. حاولن جميعًا عدم التفكير في أبيهن وحبسن دموعهن. ومع انقضاء الظهيرة، لاحظت ميج اختفاء جو. وأخيرًا وصلت جو، كان على وجهها تعبير غريب، ثم أعطت أمها حفنة من الدولارات، وقالت: «خذي يا أمي، هذه مساهمتي.»
شهقت مارمي، وقالت: «جو! من أين لك بخمسة وعشرين دولارًا؟»
أجابتها: «لا تقلقي يا مارمي، لقد اكتسبتها بطريق مشروع. فقد بِعتُ ما لدي.» ثم خلعت جو قبعتها وكشفت عن شعرها الطويل المتموج وقد قصته!
صاحت مارمي: «ماذا حلَّ بشعرك الجميل؟»
قالت جو: «لقد بِعتُه، سيناسبني هكذا، كان يُشعرني بالغرور الشديد.»
تنهَّدت إيمي، وقالت: «لقد كان أجمل ملامحك! ما الذي جعلك تفعلين ذلك؟» لم تستطع إيمي تصور تلك التضحية.
– «كنت أود مساعدة أبي بأي وسيلة، وهذا كل ما استطعت فعله.»
نظرت السيدة مارش في حب إلى ابنتها، وقالت: «شكرًا لك يا عزيزتي.»