أيام عصيبة
أصيبت بيث المسكينة بالمرض بالفعل، واعتنت هانا والطبيب بها جيدًا. جلست ميج بالمنزل لتعتني بأمور المنزل. وجهت هانا تعليمات صارمة للفتاتين بألا تخبرا أمهما بأي شيء. فقد تعرَّض والدهن لانتكاسة، ولم ترد هانا أن يعلم شيئًا آخر يؤثر على شفائه. كانت متيقنة أن بيث ستتعافى عما قريب.
مرت تلك الأيام العصيبة على جو وميج وشعور الحزن يملأ قلبيهما، تخشيان التفكير في العيش دون شقيقتهما الحبيبة. كانت بيث برقتها وطبيعتها المعطاءة تأسر قلوب الناس من حولها.
تعافت بيث فترة قصيرة تمكنت خلالها من إرسال رسائل حنونة إلى إيمي. لكن سرعان ما انقضت تلك الفترة القصيرة، ودخلت في فترات طويلة من التدهور. كانت تهذي بكلام غير مفهوم أو تستغرق في سبات عميق. بدأ الطبيب يحضر مرتين لزيارتها، وسهرت هانا بجوارها معظم الليالي. ولم تتركها جو لحظة واحدة، وكتبت ميج برقية تحسبًا للظروف.
هلَّ شهر ديسمبر/كانون الأول حاملًا البؤس والرهبة. عندما حضر الطبيب في صباح ذلك اليوم، أخبر هانا بأن تبعث رسالة تطلب فيها من السيدة مارمي الحضور.
هرعت جو إلى مكتب البريد عندما عادت إلى المنزل، وحضر لوري ومعه رسالة من السيد بروك يقول فيها إن أبيهن يتعافى مجددًا. لاحظ لوري على الفور وجه جو المكفهر الحزين، فسألها: «ماذا بك؟ هل حالة بيث سيئة؟»
أومأت جو موافقة: «لقد أرسلت خطابًا لأمي أطلب حضورها.»
– «هل كانت هذه فكرتك؟»
– «كلا، كان ذلك بناء على طلب الطبيب.»
بدا لوري مرتاعًا: «إن حالتها ليست بذلك السوء، أليس كذلك؟»
قالت جو وهي تنتحب: «نعم، إنها لا تعرفنا، لم تعد تشبه حبيبتي بيث، ومع غياب أمي وأبي لم أعد أستطيع تحمل الأمر.» انهمرت الدموع فوق وجنتي جو.
أمسك لوري بيدها، وهمس في أذنيها: «أنا هنا إلى جوارك، ضميني إليك يا جو.»
– «شكرًا يا لوري، أنا أفضل حالًا الآن.»
قال بصوت خافت: «تمسكي بالأمل فيما هو أفضل، ستحضر أمك عما قريب.»
انهمرت الدموع على وجنتيها من جديد: «آه يا لوري! إن بيث هي صوت الضمير ليّ ولا أستطيع التخلي عنها! لا أستطيع!»
كبت لوري دموعه، وقال: «لا أظن أنها ستموت، فهي طيبة للغاية، وكلُّنا نحبها كثيرًا.»
أنّت جو، وقالت: «دائمًا يموت الطيبون والمقربون!» لكنها توقفت عن البكاء.
قال لوري: «انتظريني هنا، سأجعلك تشعرين بتحسن في دقيقة.» عندما عاد، كان يحمل معه كأسًا بها خمر.
أمسكت جو بالكأس، ورفعتها، وقالت: «لنشرب نخب شفاء بيث العزيزة!» ارتشفت من الكأس ببطء، وقالت: «أنت طبيب ماهر يا لوري، وصديق طيب أيضًا. كيف لي أن أرد لك الجميل؟»
– «ليس ذلك بالأمر الضروري، هذا إلى جانب أنني أحمل مفاجأة إليك.»
– «ماذا؟»
ابتسم لوري: «لقد بعثت ببرقية إلى أمك بالأمس، ورد بروك ببرقية يقول فيها إنها ستحضر إلى المنزل على الفور. ستكون هنا الليلة!»
قفزت جو من مقعدها، وعانقت لوري. «آه يا لوري! أنا في غاية السعادة.» ضحكت، ورقصت، وضمت إليها الفتى المرتبك. ربَّت لوري على ظهرها، ثم قبَّلها قبلةً خجولةً أعادتها إلى الواقع مرة أخرى.
قالت: «أنا آسفة، لم أستطع منع نفسي من معانقتك، لا تعطني المزيد من الخمر! فهو يجعلني أتصرف على نحو طائش.»
ضبط لوري ربطة عنقه: «لا تقلقي، ليس لدي أي مانع. سأذهب لإحضار أمك. قطارها سيصل الساعة الثانية صباحًا.»
ابتسمت جو: «حقًّا، كيف يمكن أن أعبر عن امتناني لك يا لوري؟»
مازحها قائلًا: «يمكنك معانقتي مرة أخرى، فأنا أحب ذلك.»
– «كلا، شكرًا لك، عد إلى المنزل واسترح. ستكون ليلة شاقة، باركك الله يا لوري! باركك الله!»
بدا أن موجة من الفرح غمرت أرجاء المنزل لحظة. كان الجميع سعداء بحضور مارمي أخيرًا، باستثناء بيث التي كانت ترقد في فراشها في غيبوبة. ظلت ميج وجو بجوارها، لأنه لم يكن من المتوقع أن يحضر الطبيب قبل منتصف الليل إذا طرأ أي جديد.
انتظر الجميع، ولم ينم أحد. كانت الساعة قد تجاوزت الثانية صباحًا عندما دخلت ميج حجرة المعيشة بوجه شاحب. دار في خلد جو الفكرة المروعة: «ماتت بيث، وميج خائفة أن تخبرني بذلك.» اندفعت جو إلى الطابق العلوي بجوار فراش بيث. كانت حمرة الحُمَّى ونظرة الألم قد اختفت من وجه بيث الطفولي، بدت نائمة في سكينة تامة، انحنت جو فوق أختها الغالية وقالت: «وداعًا يا حبيبتي، وداعًا.»
استيقظت هانا من غفوتها على كلام جو الممتزج بالدموع، وهرعت إلى فراش بيث وتحسست جبهتها، ثم ابتسمت ابتسامة عريضة، وقالت: «لقد انقشعت الحُمَّى! إنها تنام نومًا طبيعيًّا. حمدًا لله!»
سرعان ما أحضرت الفتاتان دكتور بانجز الذي أكد ما قالته هانا. لقد تجاوزت بيث الوعكة الصحية! تعانقت ميج وجو، وقبَّلت إحداهما الأخرى. شعرت الفتاتان بسعادة لا مثيل لها لشفاء شقيقتهما ولسماعهما صوت الأجراس الرنانة المعلنة وصول العربة التي تقل أمهما.