الفتى لورانس
أثناء قراءة جو الكتاب، انهمرت الدموع فوق وجنتيها النحيفتين. جلست جو فوق أريكة عتيقة في علية المنزل، وبجوارها فأرها المدلل سكرابل. كانت علية المنزل المكان المفضل لدى جو بالمنزل، كثيرًا ما كانت تذهب إلى هناك لتأكل التفاح وتستغرق في قراءة كتاب. عندما سمعت ميج تناديها، صاحت: «أنا هنا بالأعلى!»
كانت ميج سعيدة للغاية لأنهما دُعيتا إلى حفل ليلة رأس السنة الراقص بمنزل سالي جاردينر.
صاحت: «مرحى يا جو! لقد وافقت مارمي على ذهابنا، ماذا سنرتدي؟»
– «سنرتدي فساتيننا القطنية القديمة، فهي كل ما نملك.»
تنهدت ميج وقالت: «ليتني أملك فستانًا من الحرير! تقول أمي إنه عليّ الانتظار حتى أبلغ ثمانية عشر عامًا — لا يزال أمامي سنتان.»
– «فساتيننا القطنية لا بأس بها، وفستانك يبدو جديدًا تمامًا، أما فستاني فبه جزء محترق وممزق. ماذا سأفعل؟»
نصحتها شقيقتها: «عليك الجلوس في مكانك قدر استطاعتك، وإسناد ظهرك إلى الجدار حتى لا يرى أحد ذلك الجزء المحترق.»
«لكن ماذا عن قفازي؟ فقد سكبت عليه عصير الليمون وتلف تمامًا أيضًا.» ثم فكرت جو كم سيكلفها شراء قفاز جديد، وقالت: «لا أريد أن أرتدي أي قفازات.»
صاحت ميج: «لا بد أن ترتدي قفازًا، وإلا لن أذهب إلى هناك.» لطالما أرادت ميج أن تتحلى بالمظهر اللائق اجتماعيًّا.
قررت الشقيقتان أن ترتدي كل منهما فردة واحدة من قفاز ميج الجيد وتمسك بفردة من قفاز جو المهترئ. وأخذت ميج من شقيقتها وعدًا بأن تتصرف كسيدات المجتمع. وافقت جو وأرسلت موافقتها على الدعوة بعد أن انتهت من قراءة كتابها.
في ليلة رأس السنة، أمضت الشقيقتان وقتًا طويلًا في الإعداد للحفل. وبعد حادثة مؤسفة (أحرقت جو شعر ميج أثناء محاولاتها تصفيفه)، كانت الشقيقتان سعيدتين بالتصفيفة النهائية. بدت الشقيقتان أنيقتين وجميلتين، على الرغم من أن حذاء ميج ذا الكعب العالي كان ضيقًا للغاية، ووخز دبوس الشعر جو في فروة رأسها. تمنت لهما أمهما قضاء وقت سعيد.
وصلت الشقيقتان إلى منزل سالي، وأمضتا بضع دقائق في النظر لأنفسهما في المرآة الموجودة في حجرة الملابس بمنزل السيدة جاردنر. شعرت ميج بالقلق حيال شعرها المحترق، وشعرت جو بالقلق مخافة أن تتصرف على نحو غير لائق. واتفقتا على أمر؛ إذا تصرفت جو على نحو غير ملائم، فسترفع ميج حاجبيها.
بعد أن نزلتا إلى الطابق السفلي، وجدت ميج مجموعة من الفتيات في نفس عمرها فتحدثت معهن ثم بدأت ترقص، على الرغم من أن حذاءها الجديد آلمها. أرادت جو بشدة الانضمام إلى مجموعة من الفتية يتحدثون عن التزلج على الجليد، وهو ما أحبته كثيرًا، لكن ميج رفعت حاجبيها، لذا تراجعت جو! حاولت جو مقاومة شعورها بالوحدة والغربة، لكن عندما اتجه نحوها فتى ضخم أصهب الشعر، اختبأت داخل غرفة صغيرة عليها ستار، لكن لم تكن وحدها بالغرفة، بل أصبحت وجهًا لوجه مع الفتى لورانس!
اندفعت جو قائلة: «آسفة، لم أدرك أن شخصًا آخر هنا.» بدأت تتراجع للخروج من الغرفة، لكنه ضحك، وقال: «لا عليكِ، امكثي هنا إذا شئت.»
– «ألن أضايقك؟»
– «مطلقًا، لقد دخلت هنا لأنني لا أعرف الكثير من الناس في الخارج وشعرت بالوحدة والغربة قليلًا.»
– «وأنا أيضًا.»
بدأ حديثهما على نحو مرتبك، لأنهما كانا يشعران بالخجل، ثم شكرته جو على عشاء عيد الميلاد، فقال إنها كانت فكرة جدِّه.
– «كيف حال قطتك يا آنسة مارش؟»
– «بخير حال، شكرًا يا سيد لورانس، لكن اسمي جو، وليس الآنسة مارش.»
ابتسم، وأجابها: «إذن، فأنا اسمي لوري، وليس السيد لورانس.»
– «لوري لورانس، يا له من اسم غريب.»
– «اسمي ثيودور، لكنني لا أحبه لأن الأولاد كانوا ينادونني «دورا»، لذا جعلتهم ينادونني باسم لوري بدلًا من ذلك.»
– «وأنا أتمنى أن يناديني الجميع باسم جو بدلًا من جوزفين.»
سريعًا ما أصبحا يتحدثان كصديقين قديمين، تحمَّست جو كثيرًا عندما علمت أن لوري درس في فرنسا. أخبرها أنه لم يكن مهتمًّا بالالتحاق بالكلية، وأخبرته جو أنها تود العيش في إيطاليا. بعد ذلك رقصا في الرواق حتى لا يظهر الجزء المحترق من فستان جو أمام الناس. أمضى لوري وجو وقتًا رائعًا معًا حتى نادت ميج على جو وأخذتها إلى غرفة جانبية. جلست ميج فوق أريكة وأمسكت بقدمها وبدت شاحبة الوجه.
قالت ميج في ألم: «لقد انكسر كعب الحذاء والتوى كاحلي، لا أدري كيف سأعود إلى المنزل.»
اقترحت جو أن تحضر عربة، لكن ميج قالت لها إنها ستكلفهما كثيرًا. ثم قررتا أن ترتاح ميج حتى تأتي هانا وتأخذهما، وحينئذ ستحاول العودة إلى المنزل سيرًا. أرسلت ميج جو لإحضار قهوتها.
عندما أخذت ميج رشفة، انسكبت القهوة فوق فستانها، وأتلفت فردة القفاز الجيد عندما حاولت إزالة البقع من الفستان. حضر لوري ومعه فنجان قهوة قدَّمه إلى ميج. أمضى ثلاثتهم وقتًا ممتعًا معًا في الضحك واللعب وتناول الحلوى، حتى إنهم لم يلحظوا حضور هانا. نهضت ميج على الفور وحاولت إخفاء شعورها بالألم. لكن هانا وبَّختها، فبكت ميج.
قررت جو البحث عن عربة، لكنها قابلت لوري الذي كان على وشك العودة إلى منزله. واقترح أن يصطحبهن إلى المنزل معه في عربة جده الأنيقة. ويا لها من رحلة ممتعة داخل العربة! شعرت ميج وجو أنهما من سيدات المجتمع الراقي، وأمضتا الوقت داخل العربة في تذكر مغامرات ذلك المساء.
ما إن دخلتا من الباب الأمامي، حتى صاحت كل من إيمي وبيث: «أخبرانا عن الحفل!»
وأثناء مداواة جو لكاحل ميج، استمعت الفتاتان الصغيرتان إلى ميج وجو وهما تحكيان عن حوادث احتراق الشعر، وإتلاف القفاز، والفستان الملطخ، والحذاء الضيق، والكاحل الملتوي، وكل الأمور الأخرى!