أعباء العمل
بعد أن انقضت إجازة العيد، بدأ يوم جديد على نحو بائس. حاولت ميج إخفاء حسدها للفتيات اللاتي لا يتحملن الكثير من الأعباء. لم ترغب جو في العودة إلى العمل، أما بيث فكانت تعاني صداعًا، وتذمرت إيمي لأنها لم تنه واجبها المدرسي.
حملت الفتيات الفطائر المحشوة الساخنة، واتجهن إلى الخارج. نظرت مارمي من النافذة وابتسمت وأومأت إليهن. بدا أن ابتسامتها رفعت من روحهن المعنوية، كانت ميج الأكثر ضيقًا من حياة الفقر بين شقيقاتها، فهي تحب الأشياء الفاخرة، وتحتفظ بذكريات جميلة عن أفضل أيام عاشتها.
توسلت الفتاتان الكبريان إلى أمهما كي تعملان من أجل مساعدة الأسرة. لذا عملت ميج مربية لدى أسرة كينج، أما جو فكانت ترافق عمتهن الكبرى، العمة مارش، التي كانت ثرية ولكنها كانت خائرة القوى. على الرغم من الاختلافات الموجودة بينهما، كانت الأمور بين جو والعمة مارش تسير على أفضل حال، وكثيرًا ما كانت تمضي جو الوقت في المكتبة الكبيرة حينما لا تكون عمتها في حاجة إلى مساعدتها.
تأثرت الفتيات بفقرهن على نحو مختلف، فعلى الرغم من محاولاتهن الحفاظ على السعادة والمرح، كانت بيث تبكي قليلًا لأنها لا تستطيع تحمل تكاليف دروس الموسيقى. تلقَّت بيث الفتاة الهادئة الخجولة دروسها بالمنزل، وأمضت الكثير من الوقت في اللعب مع الدمى. كانت فتاة طيبة القلب تستمد متعتها الكبرى من الاهتمام بالآخرين.
أما إيمي، فكانت تعاني مشكلة كبيرة مع أنفها، وقد لامت جو لأنها أسقطتها مرة وهي طفلة رضيعة عن غير قصد. وباءت كل محاولات الضغط من أجل تصغير أنفها بالفشل. من حيث الموهبة، كانت إيمي الفنانة بين شقيقاتها، فدائمًا ما كانت ترسم الزهور والجنِّيات وكل الأنوف الجميلة التي كانت تتمناها.
بوجه عام عاشت الفتيات في سعادة تجد كل منهن الطمأنينة مع شقيقاتها في الوقت الذي يكون فيه العالم الخارجي مخيبًا للآمال. كانت أيام العمل الشاقَّة تنتهي بمكافأة؛ فكنَّ يتجاذبن أطراف الحديث ساعات طويلة مع أمهن بعد العشاء.
في تلك الليلة، أخبرتهن السيدة مارمي بقصة مؤثرة؛ فبينما كانت تقص السُترات، دخل رجل عجوز إلى المحل. كان أبناؤه الأربعة في الجيش؛ قُتل اثنان منهم، ووقع الثالث في الأسر، ورابعهم مريض في مستشفى بواشنطن. عبَّرت مارمي عن امتنانها لمقابلة رجل يتقبل واجبه بصدر رحب هكذا، وهو ما جعلها تحمد الله على النعم التي تملكها.
طلبت منها جو: «أخبرينا قصة أخرى لها مغزى أخلاقي.» بدأت مارمي تقص عليهن قصة عن أربع فتيات لديهن كفايتهن من الطعام والشراب والثياب. كان لديهن الكثير من الأصدقاء الرائعين وعائلة تحبهن كثيرًا. لكن أولئك الفتيات لم يكن يشعرن بالسعادة، ودائمًا ما يطلبن هذا ويتمنين ذاك. رمقت الفتيات الأربعة بعضهن بعضًا بنظرات سريعة، وأخذن يغزلن بسرعة أثناء سرد أمهن القصة.
قالت مارمي: «عندما تشعرن بالتعاسة، أحصين النعم التي لديكن واشكرن الله؛ وذلك لأنه دائمًا يكون في العالم من هم أقل منكن.»
استمتعت الفتيات بسماع القصة، واتفقن على التوقف عن التذمر والبحث عن السعادة في النعم البسيطة التي يتمتعن بها، وتذكر كلمات مارمي جيدًا على الدوام.