تجارب
في يوم دافئ من أيام شهر يونيو/حزيران عادت ميج إلى المنزل وقالت في حماسة: «ستذهب أسرة كينج لقضاء عطلة على شاطئ البحر اعتبارًا من الغد. أنا حرة! إجازة مدتها ثلاثة شهور كاملة!»
ارتمت جو فوق الأريكة، وخلعت بيث حذاءها المغطى بالتراب، وأعدَّت إيمي عصير ليمون للجميع. ثم قالت جو: «ذهبت العمة مارش إلى بلَمفيلد اليوم. كنت أخشى كثيرًا أن تطلب مني مرافقتها. في اللحظة التي صعدت فيها إلى العربة، ركضت إلى المنزل.»
ضمت بيث قدم جو إلى صدرها، وقالت: «مسكينة يا جو، لقد جاءت إلى هنا ركضًا وكأن الدببة تطاردها!»
سألتها إيمي وهي ترتشف عصير الليمون: «العمة مارش تشبه مضَّاضي الدماء، أليس كذلك؟»
تنهَّدت جو، وقالت: «تقصدين مصَّاصي الدماء، لكن لن أزعج نفسي بكلماتك الخاطئة اليوم؛ فالجو حار بما يكفي.»
غيَّرت إيمي الموضوع، وقالت: «ماذا ستفعلان في إجازتكما؟»
فكَّرت ميج لحظة، ثم أجابتها: «سأستلقي على السرير، ولن أفعل شيئًا! كنت أستيقظ باكرًا طوال الشتاء لأعتني بأشخاص آخرين. لذا في الصيف سأسترخي وأستلقي على السرير قدر ما شئت.»
قالت جو: «أما أنا، فلن أكفَّ عن القراءة! وسأمضي بعض الوقت برفقة لوري.»
قاطعتها إيمي، وقالت: «لنتوقف عن المذاكرة يا بيث، ونلهو طوال الوقت.»
أجابتها بيث: «سيكون ذلك ممتعًا، لكن إذا وافقت أمُّنا. هناك أغانٍ جديدة أود تعلمها، ودُمياتي تحتاج ملابس جديدة.»
كانت مارمي تخيط في هدوء في زاوية من المنزل، فسألتها ميج: «يا أمي، هلا تسمحين لنا؟»
أجابتها السيدة مارمي: «يمكنكن القيام بذلك مدة أسبوع، وأظن أنه بحلول يوم السبت القادم ستشعرن بأن كل اللهو والخمول لا يقل سوءًا عن العمل الشاق طوال الوقت.»
تنهَّدت ميج: «كلا! أنا واثقة أنه سيكون رائعًا تمامًا.»
رفعت جو كوبها: «نخب الاستمتاع طوال الوقت وعدم العمل!»
احتست الفتيات عصير الليمون في سعادة، وأمضين باقي اليوم مستلقيات في المنزل.
وفي اليوم التالي، لم يمر أي شيء كما المتوقع. فلم تنجز الأعمال المنزلية، واستمتعت كل فتاة من الفتيات الأربعة بطريقتها. لكن لم يكُنَّ سعداء تمامًا. ظلَّت جو تقرأ إلى أن آلمتها عيناها حتى إنها تشاجرت مع لوري. أما إيمي فبعد أن حاولت الرسم خارج المنزل، هطلت الأمطار وأفسدت فستانها. خرجت ميج للتسوق فوجدت الأقمشة من نوع رديء. أما بيث فأخرجت كل شيء من الخزانة لتصنع منزلًا جديدًا لدمياتها، ولكنها شعرت بالتعب وتركت العمل دون أن تنهيه. وعند العشاء اتفقت الفتيات على أنه على الرغم من المتعة التي حظين بها، بدا اليوم أطول دون عمل يشغلهن.
بحلول يوم الجمعة، استيقظت الفتيات وهن يشعرن بالاكتئاب. لم تعترف أي منهن بأن التجربة في طريقها للفشل. قررت السيدة مارمي أن تضفي قليلًا من المتعة، لذا أعطت هذا اليوم إجازة لهانا، وعندما استيقظت الفتيات صباح السبت وجدن المطبخ موحشًا بلا فطور، ولم يجدن مارمي في الطابق السفلي.
صاحت جو: «ماذا يحدث؟»
صعدت ميج إلى الطابق العلوي، وعندما عادت شرحت الأمر: «أمُّنا متعَبة، وستستريح اليوم، علينا أن نتعامل مع الأمر على أفضل نحو ممكن.»
قالت جو: «حسنًا، أنا أتوق إلى القيام بشيء، أعني قليلًا من الإثارة.»
كان إنجاز بعض الأعمال أمرًا يبعث على الراحة. جهَّزت الفتاتان الصغريان المائدة، وأعدَّت جو وميج الفطور.
أحضرت ميج صينية الطعام إلى مارمي. كان بها شاي مرٌّ، وبسكويت طري، وبيض محروق. عندما غادرت ميج، ضحكت مارمي كثيرًا، وقالت: «مسكينات! سيمررن بوقت عصيب، لكن ذلك في صالحهن.»
اشتكى الجميع من الفطور المروع، وعندما حان موعد الغداء، قررت جو أن تطهو، ووافقت ميج على مضض بعد أن أحدثت تلك الفوضى.
دعت جو لوري لتناول الغداء معهن تعويضًا عن المشاجرة. وبثقة كاملة في مهاراتها، حددت أصناف الطعام التي ستصنعها وأعدَّت قائمة بالطلبات. لم يكن هناك سوى مشكلة واحدة؛ وهي أنه ليس لدى جو أي فكرة عن الطهي. عرضت ميج مساعدتها في حالة الضرورة، على الرغم من أنها لا تعرف عن عالم الطهي أكثر من إعداد رغيف خبز. وبعد أن غادرت مارمي المنزل لتناول الغداء بالخارج، أصبحت جو وحدها دون أي مساعدة.
وفجأة سمعت جو بيث تبكي في حجرة المعيشة، فهرعت إليها فوجدتها تنتحب لموت بيب، عصفور الكناري، الذي كان ممددًا داخل قفصه بلا حراك، فقد نسين أن يقدمن له الطعام. أخرجته بيث من قفصه، وبكت: «يا لك من مسكين يا بيب! كم أنا قاسية القلب؟ لقد نسيتك تمامًا.»
قالت جو: «سنقيم له جنازة ملائمة بعد الغداء. لا تبكي يا بيث، إنه أسبوع غريب، وموت بيب المسكين أسوأ ما فيه.»
تركت جو بيث بين أحضان ميج وإيمي الدافئة، وعادت إلى المطبخ. أشعلت جو الموقد وجمعت الصحون، وأثناء تسخين الماء، ذهبت إلى السوق، واشترت سمكة سلطعون صغيرة ونبات الهليون وصندوقين من الفراولة الحامضة.
عندما عادت إلى المنزل، اكتشفت أن ميج قد نسيت الخبز، وأنه تخمَّر أكثر من اللازم، ومع ذلك اضطرت جو إلى خبزه. كدَّت جو في تحضير الغداء حتى أنهت كل شيء.
لكن اتضح أن الغداء كارثة أكبر من الفطور. فقد تُرِك الهليون على النار أكثر من اللازم، واحترق الخبز، ولم تكن البطاطا تامة النضج، وفسد السلطعون. أما الكعكة فكانت مُكتَّلة، والقشدة فوقها حامضة. والأسوأ من ذلك، أنها وضعت ملحًا فوق الفراولة بدلًا من السكر، كادت جو تبكي عند المائدة. لمعت عينا لوري على الرغم من ذلك، فانفجرت جو في الضحك. وانفجر الجميع أيضًا في الضحك، وبدلًا من أن يحظى الجميع بغداء رائع خططت له جو، تناولوا البسكوت والزبد والزيتون، وحظوا ببعض المرح.
بعد الظهر أقاموا جنازة ملائمة للعصفور بيب.
أمضت جو وميج باقي اليوم في تنظيف الفوضى جراء تحضير الطعام المروع. أرادت بيث أن تنام، لكن لم تكن الأسِرَّة مرتَّبة، لذا أمضت الظهيرة في نفش الوسادات وتنفيض الأغطية.
عادت مارمي إلى المنزل، ووجدت بناتها الأربعة في حالة من الإنهاك والإحباط وقد سئمن من التجربة.
– «حسنًا يا فتياتي، هل اكتفيتن بأسبوع من اللهو، أم تردن أسبوعًا آخر؟»
قالت جو في حزم: «لا أريد أسبوعًا آخر؛ أنا واثقة.» وافقتها شقيقاتها في ذلك. ثم أضافت جو: «والعمل طوال الوقت دون وقت للهو لا يناسبنا أيضًا، هذا أمر مؤكد!»
سألت ميج: «يا أمي، هل خرجت اليوم لترين كيف سندبر أمورنا في غيابك؟»
ابتسمت مارمي، وأومأت برأسها، ثم أوضحت لهن أنه لا يمكن أن تسير الأمور في المنزل دون أن يعمل الجميع. ثم سألتهن: «أليس من الأفضل أن تكددن في عملكن حتى تستمتعن بأوقات الفراغ؟»
وافقتها الفتيات الرأي، فقد تعلمن جميعهن درسًا سيبقى معهن طيلة العمر؛ وهو أنه لا بد أن يكون هناك توازن وتناسق بين العمل واللهو.