الفصل العاشر

علم السلوك العصبي للغة

تنشأ اللغة، مثل معظم الوظائف المعرفية الأخرى، من التفاعلات المعقدة بين الجينات والبيئة. فالجينات توجِّه نمو شبكات اللغة في المخ. ويكون الناتج عقلًا متجسدًا تتمثل مسئوليته الأولى في ألا يستقبل المدخلات الحسية ويحللها على نحو سلبي، بل أن يعمل بصورة تكيفية في العالم الطبيعي والاجتماعي. توفر شبكات الكلام واللغة في المخ الآليات العصبية اللازمة للتواصل التركيبي؛ فالبشر وحدهم هم من يتبادلون المعلومات بصورة تعاونية، من خلال أنظمة إشارات مفتوحة النهايات إلى جانب علاقات منهجية قابلة للتنبؤ بها بين الشكل والمعنى. وللتواصل أهمية هائلة للأفراد وللسلوك التكيفي الجمعي لدى البشر.

غير أن كثيرًا من الأنواع الأخرى تتواصل فيما بينها أيضًا، وإن لم يكن على هذا المستوى التركيبي (مثل الرئيسيات)، وحتى تلك الأنواع التي لا تتواصل تظل تبدي سلوكيات صوتية معقَّدة، كالطيور المغردة على سبيل المثال. ومن ثَم يمكن مقارنة بعض جوانب التواصل اللغوي البشري بمهارات مشابهة له في أنواع أخرى. وأحد أهداف علم السلوك العصبي هو فهم الأسس الدماغية للسلوك باستخدام منهجية مقارنة. يمكن لعلم السلوك العصبي أن يساعدنا في تجزئة الكلام البشري واللغة إلى عناصر بناء عصبية وسلوكية ذات معنًى، وتتبُّع أصول تلك العناصر في عملية تطور أدمغة الطيور والثدييات والرئيسيات.

الكلام واللغة والتطور البشري

من السهل تمامًا أن ننخدع بنظرتنا الخاصة ونعتقد أن البشر لا يشبهون أي نوع آخر من الكائنات. من حيث الواقع والتعريف، كل نوع من الكائنات مميز واستثنائي، لكن لا يمكن لكل هذا التنوع والتميز الواضح أن يخفي الاستمرارية التطورية العميقة التي تحافظ على تماسك العالم الطبيعي. كان تشارلز داروين (١٨٠٩–١٨٨٢) من أوائل من أمعنوا الفكر في اللغة البشرية والتواصل البشري من حيث الاستمرارية التطورية والارتباط التطوري بينهما وبين أنماط التواصل لدى مختلف الكائنات. وتتلخص رؤيته في هذا الاقتباس الاستثنائي من كتابه «أصل الإنسان» (١٨٧١): «تختلف الحيوانات الأدنى عن الإنسان فقط في قدرته الكبرى بصورة لا نهائية على الربط بين أكثر الأصوات والأفكار تنوعًا.» تذكرنا عبارة «قدرته الكبرى بصورة لا نهائية» هنا أن ما يبدو أنه اختلاف نوعي قد يكون مسألة تتعلق بالموقع؛ إذ تقبع قدرة البشر على ربط الأشكال والمعاني على الطرف الأقصى من سلسلة متصلة من الوظائف الإدراكية والمعرفية لدى الحيوانات.

تشير هذه الرؤية إلى أنه قد يكون هناك نماذج حيوانية تجسد الجوانب البشرية نفسها للكلام أو اللغة أو التواصل. ونقصد بمصطلح «نماذج حيوانية» الأنواع التي تُظهر مهارة واحدة أو أكثر من المهارات الإدراكية أو الحركية أو المعرفية التي تتشابه مع القدرات التي تُشكل الكلام واللغة لدى البشر. يمكن لهذا التشابه أن يأتي في نوعين؛ فيمكن أن يكون حالة من «التشابه التركيبي» حيث يتشارك البشر والأنواع الأخرى سمة واحدة أو أكثر؛ لأن تلك السمات أورثت من سلف مشترك، أو يمكن أن يكون حالة من «التشابه الوظيفي»، حيث تُظهر الأنواع المختلفة سمات متشابهة مع وظائف متشابهة لكنها تطوَّرت بصورة مستقلة في النوعين. على سبيل المثال، أجنحة الطيور والخفافيش متشابهة وظيفيًّا باعتبارها أجنحة، ومتشابهة تركيبيًّا باعتبارها أطرافًا أمامية. ويُفترض أن علم السلوك العصبي للغة يحدد حالات التشابه التركيبي في مقابل التشابه الوظيفي بين السمات ذات الصلة بالكلام أو اللغة لدى البشر والحيوانات الأخرى ويدرسها. ماذا يمكن أن تكون هذه السمات؟

يبدو أن هناك نوعين من القدرات والسلوكيات التي تشكِّل الكلام واللغة البشرية ويظهران في أنواع أخرى. الأول هو مجموعة المهارات المعرفية والحركية والحسية التي يشير إليها علماء السلوك بمهارات «التعلم الصوتي»، وهي القدرة على اكتساب الأصوات الفردية وتسلسلات أو أنماط الأصوات، عادة عن طريق المحاكاة، لإدراك وإنتاج هذه الأصوات بحرية ولتعديل بنيتها وتركيبها. والتعلم الصوتي ليس سمة شائعة وتتشاركه عدة أنواع، ومن ضمنها الحيتانيات وزعنفيات الأقدام والخفافيش والفيلة وبعض الطيور، مثل الطيور الطنانة والطيور المغردة والببغاوات، مع وجود تباين كبير فيها لدى كل نوع. فيبدو أن التعلم الصوتي لدى الرئيسيات محدود؛1 إذ إن البشر على الأرجح هم النوع الوحيد من الرئيسيات الحية الذي يُظهر مستوى متقدمًا من مهارات التعلم الصوتي، التي تظهر بوضوح شديد في الاكتساب المبكر للغة المنطوقة والقدرة على التحدث بلغتين (الفصلين الخامس والسادس). السؤال هو ما إن كان التعلم الصوتي في هذه الأنواع قد تطوَّر على نحو مستقل، أو ما إن كان هناك عوضًا عن ذلك أصل مشترك ومن ثَم تشابه تركيبي عميق، يربط أنواعًا من الطيور بالبشر.2
القدرة الثانية هي التواصل الدلالي بواسطة الإشارات الحسية، مثل النطق بالألفاظ والإيماءات، وهي مشتركة بين البشر والرئيسيات الأخرى وثدييات أخرى على الأرجح. يدعم هذه القدرة لدى البشر ما يُطلق عليه علماء اللغة «مبدأ التركيبية»، وهي فكرة أن التمثيلات التوافقية للأصوات أو الإشارات الإدراكية الأخرى (مثل الإيماءات) والمعنى ترتبط بعضها ببعض بطرائق منهجية وقابلة للتنبؤ. ويُعَد تركيب الجملة — البنى الهرمية التكرارية للشكل (ف [م س]…) (انظر الفصل الأول) — جزءًا مما يتيح الربط بين الشكل والمعنى. شعر داروين أن هذه القدرة مختلفة، أو أنها «أكبر بصورة لا نهائية» لدى البشر. والآن صرنا نعرف أن ثمة رئيسيات أخرى يمكنها الربط بين الإشارات الصوتية أو المرئية وبين المعنى، ولكن بدون المرونة التي توفِّرها قواعد التركيب وبناء الجملة. ولا نعرف ما إن كان علم البناء والتركيب ومبدأ التركيبية قد نشآ في وقت قريب من تاريخ تطور النوع البشري، أو ما إن كان لها جذور أعمق في عمليات تبادل الإشارات والتواصل في الرئيسيات.3

السلوك العصبي للتعلم الصوتي

وُجدت أشكال أساسية من اللدونة الصوتية في أنواع لا تُعَد بارعة في التعلم الصوتي، مثل الفئران والضفادع. وقد توصَّل العلماء إلى رأي مفادُه أن التعلم الصوتي ليس سمة منفردة يملكها الكائن الحي أو لا يملكها، بل هو مهارة معقدة بها عدة مكوِّنات متفاعلة فيما بينها. يختلف التعلم الصوتي أيضًا عن التعلم الحركي (القدرة على تعلم تنفيذ حركات جديدة معقَّدة والتعديل عليها) والتعلم السمعي (القدرة على تعلم إدراك الأصوات والتسلسلات أو الترابطات الجديدة بين الأصوات). لهذا السبب أيضًا يمكن للرضع فهم اللغات المنطوقة قبل أن يتمكنوا من إنتاجها (إذ يبدأ التعلم السمعي مبكرًا عن التعلم الصوتي)، وهو أيضًا السبب في أن مهارات التعلم السمعي في معظم الرئيسيات وفي أنواع أخرى تكون أكثر تطورًا من مهارات التعلم الصوتي. إذن أين ينشأ التعلم الصوتي لدى البشر؟ يبدو من الثابت الآن أن الإجابة عن هذا السؤال لا تكمن في طريقة تنظيم الأعضاء الصوتية في البشر بل في المخ؛ فهناك مسار للتعلم الصوتي موجود في عدة أنواع من الكائنات — قد يرافقه كثافة عصبية أكبر في مناطق الدماغ الأمامي — تظهِر سمات التعلم الصوتي لأغنية أو كلام، من التقليد والتحكم الإرادي.4 ربما كان هذا المسار الجديد قد تطوَّر عدة مرات بصورة مستقلة في أنواع مختلفة من الكائنات، بناءً على مسارات قائمة وشائعة للتعلم السمعي والتعلم الحركي والإنتاج الطبيعي للأصوات.
إن التعلم الصوتي عبر مختلف أنواع الكائنات التي تتعلم صوتيًّا متشابه وظيفيًّا وليس تركيبيًّا؛ إذ يحتمل أن يكون قد تطوَّر عدة مرات بصورة مستقلة في الطيور والثدييات والبشر. لذا لا شك أن النماذج التطورية لنشأته قد اختلفت عبر الأنواع؛ فربما أن ضغوطًا انتقائية مختلفة أثرت على سمات مختلفة وعلى جينات مختلفة في كائنات حية مختلفة. لكن ربما يكون هناك أوجه تشابه أيضًا. ففي نهاية المطاف، لا يؤثر التطور إلا على عدد محدود من البنى، وينطوي التشابه الوظيفي فقط على عدم توريث السمة من سلف مشترك. على سبيل المثال، يبدو أن الانتخاب الجنسي فضَّل نشوء التعلم الصوتي في بعض الأنواع على الأقل، مثل الطيور المغردة، بينما سار الانتخاب لدى المفترسات في اتجاه معاكس؛5 إذ يكون من الأسهل لها تحديد أصوات الطيور المغردة المميزة واستهدافها باعتبارها فرائس. بإمكان هذه الفرضية تفسير سبب كلٍّ من نشوء التعلم الصوتي وكونه نادرًا نسبيًّا. لكن هل يمكنها أن تفسر أيضًا سبب نشوء التعلم الصوتي لدى البشر؟ على عكس تغريد الطيور، يخدم الكلام أهدافًا دلالية في الأساس، وليس أهدافًا تتعلق بالانتخاب الجنسي. فلم يكن من الممكن أن تجعل اللغة من أسلافنا أهدافًا سهلة أمام المفترسات مثلما فعل تغريد الطيور. وينبغي لأي قصة تطورية منطقية تتناول نشأة الكلام أن تضع هذا في عين الاعتبار. رغم ذلك، ربما تكون ضغوط الانتخاب الجنسي المختلفة في الطيور المغردة والبشر قد أثرت في بعض من الجينات نفسها. فالجين FOXP2 (انظر الفصل التاسع) محفوظ جيدًا في الفقاريات. وطفرات الجين نفسه التي تضاهي تلك التي تسبب تعذُّر الأداء النطقي لدى البشر تعرقل التعلم الصوتي في الفئران وطيور الشرشور المخطط.6 ويدخل الجين FOXP2 في التعلم الصوتي في البشر والطيور أيضًا، الأمر الذي يشير إلى وجود آليات وراثية مشتركة جزئيًّا بينهما.
قد يكون التعلم الصوتي متشابهًا وظيفيًّا في الطيور المغردة وفي البشر، لكن هذا لا يعني أن تغريد الطيور والكلام، فضلًا عن تغريد الطيور واللغة، متشابهان وظيفيًّا أيضًا. فقد أشارت الدراسات إلى أن تغريد الطيور منظَّم من الناحية التركيبية، وأن بعض أنواع الطيور المغردة يمكنها حتى أن تتعلم البنى المتكررة في الأغاريد.7 لكن القواعد التركيبية نظام شكلي يربط الصوت بالمعنى، ولم يثبت وجود بنية لغوية مجردة — مثل فئات العناصر الأساسية التي يمكن دمجها بحرية — أو صلات تربط الصوت بالمعنى في تغريد الطيور. على سبيل المثال، تنطوي أغاريد التزاوج في طيور القرقف الأسود الرأس على درجة من درجات البنية التوافقية،8 وتعدَّل نداءاتها بحيث تشير إلى حجم المفترس.9 لكن التشابه الوظيفي بين هاتين المهارتين وبين القواعد التركيبية والدلالات المرجعية لدى البشر هو مجرد تشابه فضفاض، وفي الطيور المغردة لا تتكاملان فعليًّا لإنتاج نظام تركيبي يضم إشارات مرجعية ذات بنية دلالية. 10فماذا بشأن الرئيسيات من غير البشر؟

السلوك العصبي للتواصل الدلالي

تُعَد اللغة البشرية سمة تطورية حديثة نسبيًّا، لكنها نشأت في سياق ركيزة بيولوجية قائمة، وهي أدمغة الرئيسيات، التي لا تستطيع فقط إدراك العالم والتفاعل فيه، بل أيضًا تستطيع التعلم والتخطيط والاستدلال والتواصل وغير ذلك الكثير. والبنية الأساسية لأنظمة الإدراك والفعل في العموم هي نفسها الموجودة لدى البشر والرئيسيات الأخرى، خاصةً قردة الشمبانزي، أقرب المخلوقات إلينا، أو تتشابه معها إلى حد كبير. تمتلك قردة الشمبانزي والمكاك بنًى مشابهة للمسارات البطنية والظهرية التي تربط القشرة الصدغية والسمعية بالقشرة الجبهية السفلية، وهذا دليل على أن بنية المسار المزدوج الأساسية التي تدعم الكلام واللغة في البشر قديمة ومحفوظة بلا تغيير في بعض الرئيسيات.11 وكلما عرفنا أكثر عن أدمغة القردة والسعادين، تبين أن التشابهات بيننا وبينهم قد تفوق الاختلافات، وذلك على نطاق تشريحي عصبي عام. لكن هذه النتائج تجعل اللغة أكثر غموضًا، لا أقل. إذن من أين تنشأ مهارتنا الفريدة مع قواعد التركيب المجردة والدلالات التركيبية إن لم تكن من بنية الدماغ، التي يبدو أننا نتشاركها بصورة كبيرة مع رئيسيات أخرى تفتقر إلى تلك المهارات؟
يستخدم كثير من أنواع الرئيسيات النداءات أو الإيماءات للإشارة إلى أحداث خارجية، مثل وجود تهديدات معينة في البيئة المحيطة، بدءًا من الحواجز التي تعوق الحركة وصولًا إلى المفترسات المحتملة على الأرض أو في الجو.12 وإنتاج مثل هذه الإشارات التواصلية أو إدراكها ينشِّط مناطق صدغية وجبهية من الدماغ في قردة المكاك والشمبانزي، تتضمن بنًى مشابهة للتلفيف الجبهي السفلي الأيسر في البشر في النصف الأيسر من المخ.13 إن الإشارات التواصلية لبعض أنواع القردة والسعادين هي تسلسلات صوتية لها معانٍ محددة. إلا أن تنظيم العناصر في تسلسل يكون تنظيمًا خطيًّا وليس هرميًّا، وعلاوة على ذلك، لا يعتمد معنى تسلسل ما بصورة منهجية على معنى الأصوات الفردية.14 وهذا يعني أن الإشارات التواصلية للرئيسيات غير البشرية تحمل معاني شمولية أو اصطلاحية فحسب، في حين يمكن تفسير العبارات أو الجمل في لغة البشر بصورة شمولية أو تركيبية (على سبيل المثال «يلقى حتفه»).15
إن المبدأ التركيبي يميزنا عن الرئيسيات الأخرى. قد تتشابه أدمغتنا، لكن الإشارات التواصلية التي نتبادلها ليست كذلك. فكيف يمكن حل هذه المفارقة الظاهرية؟ ثمة تفسيران محتملان لها. الأول هو فرضية سلوكية «عصبية» تركز عل الجانب العصبي؛ إذ تنص على احتمالية وجود اختلافات تشريحية عصبية أو فسيولوجية دقيقة بيننا وبين الرئيسيات غير البشرية تفسِّر الاختلافات المعرفية أو السلوكية ذات الصلة بالتواصل. وهناك العديد من الاختلافات العصبية التفسيرية المحتملة في هذا الصدد. من هذه الاختلافات دوائر التعلم الصوتي التي ناقشناها أعلاه؛ فربما كان نشوء التعلم الصوتي لدى البشر — في سياق أدمغة رئيسيات معقدة بالفعل — كافيًا لإنتاج القواعد التركيبية الهرمية كميزة إضافية «دون مقابل»، إن جاز التعبير. لكن وكما أشير من قبل، هناك فرق بين القدرة على إنتاج وإدراك أصوات معقدة في بنيتها وبين القدرة على ربطها بمعانٍ معقدة. لذا تظل التركيبية لغزًا حتى في هذا النوع من الفرضيات. ثمة رؤية أخرى تنص على أن الاختلاف التشريحي الذي يتفرد به البشر لا يشمل المناطق الجبهية، مثل دوائر إنتاج الأصوات أو دوائر تعلم الأصوات، بل يشمل بالأحرى القشرة الجدارية والصدغية الخلفية الضالعة في الدلالات المعقدة العالية المستوى.16

إن المبدأ التركيبي يميزنا عن الرئيسيات الأخرى. قد تتشابه أدمغتنا، لكن الإشارات التواصلية التي نتبادلها ليست كذلك. كيف يمكن حل هذه المفارقة الظاهرية؟

الفرضية الثانية فرضية «سلوكية» عصبية تركز على الجانب السلوكي. إن السلوكيات والأنظمة البيئية للبشر والرئيسيات من غير البشر مختلفة إلى حد مذهل، ليس في وقتنا الحالي فحسب (والمقارنة هنا سهلة لكنها معيبة)، بل على مدى ما يربو على مليونَي عام على الأقل. قد لا تكون القواعد التركيبية والدلالات التركيبية مسألة قدرات عقلية في نهاية الأمر. فنحن نعرف أن الرئيسيات حيوانات ذات مستوًى عالٍ من الذكاء. ربما كان الأمر فقط أن البشر الأوائل احتلوا مواقع بيئية تطلبت تكيفات سلوكية محددة، مثل استخدام الإشارات الصوتية أو الإيمائية بصيغ ومعانٍ معقدة. قد تستثار هذه القدرة المشتركة بين أدمغة الرئيسيات وتستغَل بدرجات مختلفة في الرئيسيات المختلفة؛ فالإشارات الشمولية تكفي للسعادين والقردة، لكن الإشارات التركيبية مفيدة كثيرًا في البيئة البشرية. إذن قد يكون ما يميِّز أدمغتنا — بالنسبة إلى الرئيسيات الأخرى — مقتصرًا على دوائر التعلم الصوتي الفريدة لدينا، وربما واجهات تربط هذه الدوائر بأنظمة إدراك مشتركة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥