الفصل التاسع والعشرون
اهتمت المرأة المصرية منذ عام ١٩٢٤ بأن تعبر عن وجودها وكيانها في قلب الحياة العامة بما يتناسب مع التطورات التي حدثت في الدول المتقدمة، ولقد دخلت المرأة المصرية هذه الحياة من أفضل الأبواب وأشرفها، وهو باب النضال الوطني من أجل الحرية والاستقلال منذ اندلعت الشرارة الأولى لثورة ١٩١٩، وكان من الطبيعي بعد أن عبرت عن صوت المرأة المصرية الجديدة في المحافل الدولية ابتداء من مؤتمر روما حتى المؤتمر الدولي السادس الذي عقد في مدينة جراتس بالنمسا، أن يكون الاهتمام منصبًّا على تطوير صورة الحياة العامة؛ بحيث تكون هناك مشاركة إيجابية وفعالة للمرأة في هذه الحياة.
حضرة صاحب المعالي رئيس مجلس الشيوخ
إلى الصحافة.
إلى الرأي العام.
الآن وقد تولى التشريع في مصر رجال مختارون يمثلون إرادة الأمة، يحق لنا نحن السيدات أن نطالبهم بالسير بأمتنا المصرية إلى مصاف الأمم الدستورية المتحضرة.
ولما كانت المرأة المصرية هي نصف مجموع الأمة ومربية الجيل القابل رجالًا ونساءً، شعبًا ونوابًا، ولما كان هذا النصف قد حرم الاشتراك في وضع الدستور وفي الانتخابات وفي النيابة ومنع كذلك من البت في مصير البلاد، رأت لجنة الوفد المركزية التي مثلت نساء القطر منذ ثورة سنة ١٩١٩ منضمة إليها جمعية الاتحاد النسائي المصري التي قامت بكثير من الأعمال الاجتماعية والنسوية لصالح هذا البلد، أن تدلي إلى الأمة بآرائها ومطالبها بالنيابة عن نساء هذا القطر في الأمور السياسية والنسوية والاجتماعية، راجية أن يفحصها المحترمون بأقصى ما تستحق من همة وعناية وما يؤمل فيهم من شجاعة ووطنية.
وستسعى اللجنة من جهتها لتحقيق هذه المطالب بكل الوسائل المشروعة.
على أننا لا نجهل أن هذه الإصلاحات كثيرة متنوعة. تستلزم مجهودات هائلة ونفقات عظيمة، غير أنا نلفت النظر إليها حتى تدرس من الآن ويبت فيها ثم تنفذ على قاعدة تفضيل الأهم على المهم، وعندنا أن أهم ما يعنينا بعد المحافظة على كيان القطر وسلامته واستقلاله هي أمور التعليم والصحة.
القسم السياسي
- (١)
الاستقلال التام لمصر والسودان.
- (٢)
التمسك بحياد قنال السويس حسبما تحدده الفرمانات والمعاهدات، على أن يوكل لمصر المحافظة على هذا الحياد كما كانت الحال قبل الاحتلال.
- (٣)
عدم التقيد بتصرفات إنجلترا في الأراضي المصرية سواء بالنسبة لنفسها أو للدول، وكذلك عدم التقيد بالاتفاقات التي سبقت دون أن تقرها الأمة وبخاصة اتفاقية السودان وتصرفات إنجلترا فيه وتصريح ٢٨ فبراير وما ينبني عليه من القوانين والإجراءات.
- (٤)
عدم الاعتراف بما ورد في معاهدة لوزان سنة ١٩٢٣ من تحميل الخزانة المصرية قسمًا من ديون تركيا القديمة، فإن سيادة تركيا على مصر زالت وليس لها عليها حق ما.
- (٥)
الامتيازات الأجنبية تحل حلًّا وديًّا بين حكومة مصر المستقلة (المطلقة التصرف) من جهة وبين الدول ذوات الشأن من جهة أخرى.
- (٦)
إذا رأت الأمة وجوب الدخول في مفاوضة مع إنجلترا لاسترداد حقها المغتصب، فليكن بشرط أن تصرح الهيئة المنتخبة لإجراء المفاوضة بقاعدة صريحة، وبشرط أن تقبل إنجلترا مبدئيًّا هذه القاعدة حتى تكون المفاوضة مثمرة، ولا تفشل كما حصل مرتين.
تعديل الدستور
- (١)
النص على أن السودان جزء لا يتجزأ من مصر مع تعديل سائر المواد التي يقتضيها هذا النص، وتسوية الحالة بالنسبة لقروض إنجلترا في السودان تسوية ضمن سيادة مصر في بقاعها حتى لا تكون لإنجلترا مصالح خاصة هناك، كأن تنتقل ديون السودان إلى مصر، وتسلم الخزانات لمصر أو توقف أعمالها حتى تباشرها لجنة فنية مصرية أو غير ذلك مما يراه المختصون، وإعادة النظر بما يتفق وسلطة الأمة وسيادتها في المواد المتعلقة بالأحكام العرفية: حرية الصحافة، حرية الاجتماع، التعيين في مجلس الشيوخ، التشريع في غياب البرلمان، تعيين الضباط وعزلهم، صيغة يمين الملك (أن يقسم يمين الأمانة للملك الدستوري)، استجواب الوزراء، وغير ذلك مما يرى تعديله.
- (٢)
تعديل قوانين الانتخاب بما يلائم لوائح البلاد المتمدينة لا سيما جعل الانتخاب درجة واحدة.
- (٣) إلغاء القوانين الاستثنائية والرجعية وتعديلها:
- (أ)
سواء ما صدر منها قبل الحرب: قانون المطبوعات، إحالة الصحفيين على محكمة الجنايات، قانون التجمهر، النفي الإداري، المحاكم المخصوصة.
- (ب)
أو ما صدر منها بعد الحرب: قانون الأحكام العرفية، قانون الاجتماعات.
- (جـ)
مراجعة التعديلات التي أدخلت على قانون العقوبات بشكل يتلاءم وروح العصر.
- (د)
استدراك ما عسى يمكن استدراكه من قانون التضمنيات.
- (أ)
- (٤) الدفاع:
- (أ)
وضع أساس شامل للبدء في تنظيم الجيش والبحرية والطيران بقدر ما تقتضيه سلامة البلاد.
- (ب)
تنظيم وسائل النقل والمواصلات البرية والنهرية والجوية والتلغرافية والتليفونية، وتوزيع الإرساليات المصرية على هذه الأسلحة إلى أقصى حد تسمح به الميزانية من كل عام.
- (جـ)
التدرج في إلقاء مقاليد هذه الأمور إلى أيد مصرية عند نهاية مادة محدودة.
- (أ)
القسم الاجتماعي
- (١)
المبادرة في تنفيذ حكم الدستور الخاص بنشر التعليم الابتدائي في جميع أنحاء القطر بصفة إلزامية.
- (٢)
إدخال التعليم الديني والخلقي في عموم المدارس.
- (٣)
الإكثار من البعثات العلمية وخصها بالعناية التي هي في أشد الحاجة إليها الآن وانتقاء المشرفين عليها من رجال التعليم الوطنيين الأكفاء.
- (٤)
جعل التعليم الثانوي والعالي غير مقيد بأية سن، مساعدة على نشر العلم.
- (٥)
إدخال القواعد الأولية من علم الصحة ومبادئ القانون العام، وحبذا لو أدخل أيضًا فن الموسيقى لما له من الأثر في تهذيب النفوس.
- (٦)
التعجيل في إنشاء الجامعة وإنشاء لجنة لترجمة النفيس من المؤلفات الأجنبية الحديثة إلى اللغة العربية؛ لأن هذا هو السبيل الوحيد لاستقلال التعليم باللغة العربية.
- (٧)
سن الأنظمة المشجعة للصناعات الوطنية.
والأهم من ذلك:-
تعديل أنظمة الجمارك حتى تكون واقية لحماية المصنوعات الوطنية من مزاحمة المصنوعات الأجنبية ولا سيما الكمالي منها.
-
تشجيع مجال الصناعة بإقراضها النقود ما دامت مضمونة السداد.
-
الحث على إقامة مصانع متنوعة وتنظيم الأسواق في الداخل والخارج لعرض بضائعها وتصريفها.
-
وضع حد لإعطاء الامتيازات التجارية للأجانب ووقوفها عند حد الضروري منها.
-
- (٨)
إصدار القوانين اللازمة لمحاربة المسكرات صيانة للأخلاق وحفظًا للنسل.
- (٩)
العمل على تعميم المستشفيات في جميع مراكز القطر ولا سيما مستشفيات الأمراض المعدية والسرية وأمراض البلهارسيا والانكلوستوما والعمل على تقليل أضرارها إن لم يمكن إبادتها.
- (١٠)
إقامة الملاجئ للشيوخ والعجزة وأبناء السبيل منعًا للتسول.
- (١١)
إصدار قوانين تلزم الآباء مسئولية العناية بأطفالهم إلى سن الرشد، ومنعهم من التسول أو انتهاك حرمات الآداب العمومية.
- (١٢)
تنظيم السجون بحيث تكون كمدرسة يدخلها المجرم ويخرج منها صالحًا للعمل النافع بعيدًا عن الإجرام، كما يجب أن يميز المسجونون السياسيون بمعاملة خاصة.
- (١٣) محاربة البدع والخرافات التي تتعارض مع العلم الصحيح وذلك بأن:
- (أ)
يضرب على أيدي الدجالين.
- (ب)
عدم إعطاء رخص لإقامة الزار.
- (جـ)
إنشاء مصحات لأطفال الفقراء يقصدها الضعفاء والناقهون لاسترداد قواهم، وتكون صيفًا في جهة مناسبة كالإسكندرية أو بور سعيد، وفي الشتاء في جهة كالأقصر أو حلوان.
- (د)
إنشاء بساتين داخل المدن الأهلية مع إيجاد ملاحظات وطنيات أو أجنبيات عند الضرورة، لمراقبة أطفال الفقيرات اللاتي يذهبن للتكسب، بينما يكون أطفالهن يلعبون في هذه الحدائق النظيفة الهادئة تحت مراقبة هؤلاء المربيات.
- (هـ)
سن قانون يحمي اليد العاملة من استبداد الرأسماليين.
- (و)
تعميم النقابات الزراعية في أنحاء القطر.
- (ز)
إدخال زراعات أخرى خلاف القطن حتى لا تعتمد ثروة البلد على محصول واحد.
- (أ)
القسم النسوي
لا حاجة للتدليل على أن أعمال النساء اللاتي هن نصف مجموع الأمة تمثل حركة تقدمها جميعًا، ولا حاجة للاستشهاد بالتاريخ في مواطن عدة على أن رقي الأمم مرتبط طردًا وعكسًا برقي النساء فيها، فنحن إذا طالبنا بإصلاح النساء خاصة، فلسنا نؤثر أنفسنا على غيرنا من عناصر الأمة، ولكننا نعرف أن في إصلاح المرأة إصلاح المجموع.
ولا ريب أن خير وجوه الإصلاح العلم والتهذيب؛ لأنهما العامل الحقيقي في إعداد كل فرد للقيام بواجبه على الوجه الأكمل؛ مما ينهض بالبلاد نهوضًا حقيقيًّا.
ولما كان الدين الإسلامي يأمر بتسوية الجنسين في أمور شتى (لا شك في أن التعليم أحدها) فلهذه الأسباب نلح على الحكومة والبرلمان والصحافة وطلاب الإصلاح الحقيقي أن يؤازرونا في هذا الباب الذي هو أولى الإصلاحات بالبدء.
- (١)
مساواة الجنسين في التعليم وفتح أبواب التعليم العالي وامتحاناته لمن يهمها ذلك من الفتيات؛ تشجيعًا لنبوغ من لها مواهب خاصة. (ولا يفوتنا ذكر مدام كوري مكتشفة الراديوم استشهادًا على نبوغ المرأة)، وتسهيلًا للتكسب لمن تحتاج منهن، ورفعًا لمستوى العقلية العامة في البلاد.
- (٢)
الإكثار من المدارس الثانوية للبنات، ويبدأ بعواصم المديريات ثم بالمراكز وهكذا.
- (٣)
فصل إدارة تعليم البنات عن تعليم البنين (كما فصلت مراقبة التعليم الابتدائي عن التعليم الأولي على ما بينهما من الشبه).
- (٤)
إحلال الخبيرات بشئون التعليم من النساء محل الرجال في كل فروع التعليم النسوي ومراقبته تدريجيًّا؛ بحيث لا يبقى فيها أحد من الرجال في نهاية مدة معينة، لأنهن أدرى بحاجة الفتاة وأكثر عناية بالسهر عليها.
- (٥)
تعديل قانون الانتخابات بإشراك النساء مع الرجال في حق الانتخاب ولو بقيود في الدور القادم، كاشتراط التعليم، أو دفعها نصابًا معينًا على ما لها من الملك.
ولا يكون من الإنصاف الاعتراض على إشراك هذه الطبقة من النساء ولا سيما أن قانون الانتخابات يجعل للرجل الأمي والخالي من الملك حقًّا في أن يَنتخب ويُنتخب.
وليس من المعقول ولا من العدل وأغلبية الرجال كذلك أن تحرم المرأة مع الشروط المتقدمة من المساواة بمثل هذا الجمهور من الرجال، كما أنه ليس من العدل أن تخضع النساء للتشريع ويتجرعن آثاره وهن نصف الهيئة الاجتماعية دون أن يكون لهن رأي في وضعه.
- (٦) إصلاح القوانين العملية للعلاقة الزوجية وجعلها منطبقة على ما أرادته روح الدين من الأسر وإحكام الرابطة العائلية وذلك بأن:
- (أ)
يسن قانون يمنع تعدد الزوجات إلا لضرورة، كأن تكون الزوجة عقيمًا أو مريضة بمرض يمنعها من أداء وظيفتها الزوجية، وفي هذه الحالات يجب أن يثبت ذلك الطبيب الشرعي.
- (ب)
سن قانون يلزم المطلِّق إلا يطلق زوجه إلا أمام القاضي الشرعي، والقاضي عليه معالجة التوفيق بحضور حكم من أهله وحكم من أهلها قبل الحكم بالطلاق طبقًا لنص الشرع الشريف.
- (جـ)
العمل مع الدول الأجنبية على نيل رضاها، باعتبارها الأحكام الشرعية التي تصدر بالنفقة واجبة التنفيذ أينما وجد المحكوم عليه ولو في أرض أجنبية.
- (أ)