وصف التمساح المعروف باسم قيمان١
ومن هناك توجهنا إلى الميناء واستكرينا خيلًا وخرجنا مع الهنود قاصدين كورة
غواياكيل Guayaquil، وهي أيضًا ميناء البحر
الأزرق، وهي درب أربعة أيام. والدرب حرش وأشجار وبعض أنهر صغار، ويوجد فيها حيوان كمثل
التنين يسمى قيمان كالتمساح، وفمه واسع وطويل مقدار خمسة أشبار، وطول جسدهِ خمسة أذرع.
هذا إذا صادف إنسانًا يبتلعهُ في الحياة، ولكن الإنسان الميت لا يأكلهُ فيخرج من الماء
ويطوف قرب النهر، فإذا وجد إنسانًا أم حيوانًا بالحياة يبتلعهُ ويركض على يديهِ ورجليه
كمثل يدي السباع. فإذا جاء فرس أو ثور يشرب ماء من النهر فيطف عليه ويسحبهُ من مناخيره
ويوديه، فيجتمع عليه البعض من هؤلاء الحيوانات ويقطعونه ويأكلونه، فإذا أراد الكلاب أن
يشربوا ماء ينبحون أولًا على حافة النهر فيسمع هذا الحيوان صوتهم فيخرج ليبتلعهم، فعند
ذلك يرجع الكلاب هاربين وراكضين إلى مكان آخر ليشربوا الماء؛ لعلمهم أن القيمان هو في
المكان الذي نبحوا. هكذا يتحايل الكلاب على القيمان. وأما الحيلة التي يصطاد بها الهنود
هذا الحيوان: فالأولى هي أنهم يأخذون عودًا قدرهُ نصف ذراع، ورأسا العود منحوتان نحتًا
رفيعًا، ويربطون في نصف العود حبلًا متينًا، وهذا العود يشوونهُ ويصقلونهُ مثل السيف،
حتى يبقى صلبًا مثل الفولاذ، ثم يروح أحد الهنود ويجلس كامنًا على جانب النهر، فلما
يخرج هذا الحيوان وينظر الهندي يقصد ابتلاعه ويفتح فاهُ ليبتلعهُ حينئذٍ يدفع الهندي
ذلك العود المنحوت في فم الحيوان، وهو ماسكه بيدهِ؛ فلما يقصد أن يطبق فاهُ ينغرس في
فمه من الطرفين، وكلما يعض عليه ينغرس في لحمه ثم يسحبونه بعزم شديد إلى الأرض ويجاهدون
أن يقلبوهُ على ظهره ليمنعوه عن المشي، حينئذٍ يقطعونه شقفًا. وأما الحيلة الثانية التي
يصطادونه بها فهي أن أحد الهنود ينزل في النهر وفي يده حبل، ويغطس تحت الماء، ويصل إلى
هذا القيمان وهو طائف على وجه الماء، ويرمي خربوتة «كبة» الحبل على نصف ظهره وهو تحت
بطنه يحكحك لهُ وهو لاطٍ إلى، بينما يرتبط في بطنه بالحبل من نصفهِ ثم الهندي يسبح
هاربًا منه؛ لأن هذا الحيوان لا يقدر أن يفترس شيئًا تحت الماء، لكن خارج الماء، فإذا
خرج الهندي من النهر حينئذٍ يجتمع الرجال ويسحبون هذا الحيوان المربوط إلى خارج الماء
ويقتلونه. وأنا نظرتُ بعيني لما اصطادوا اثنين منهم بسبب أن واحدًا من الحيوانات كان
قد
ابتلع صبيًّا من رفاقنا ونحن راكبون في الكلك، وهذا الصبي كان خادم خوري هذه الكورة،
فصعب على الخوري وأمر أن يجتمع الهنود لصيد هذا الحيوان، فاصطادوا اثنين منها فشقوا
بطونها فوجدوا شقف جسد الصبي المذكور فأخرجوها وأخذها الخوري فدفنها. وهؤلاء الحيوانات
كثيرة العدد، وفي بعض الأوقات يخرجون من النهر ويضجعون بجانبه على الأرض، وفمهم مفتوح
إلى الهواء، فيأتي عصفور صغير ويدخل في فمه ويبدأ ينقر من وسخ أسنانه فيشبع العصفور
ويرجع طائرًا والحيوان يطيب له بتنظيف أسنانهِ.
١
Caïman.