من غواياكيل إلى كيتو
ثم وصلنا بعد أربعة أيام إلى بلدة غواياكيل المذكورة، وهذه البلدة مسكونة من الهنود
والإسبنيول، وصار لنا من أناس هذه البلد إكرام زائد، ولاسيما من رهبان مار عبد الأحد.
وبعد أن مكثنا هناك عشرة أيام خرجنا قاصدين قرية تسمى بابا Baba، مسكونة من الهنود والسبنيولية، وهي أرض سخنة، ويوجد هناك
بساتين فيها جنس أشجار كأشجار التوت، تحمل ثمرة تسمى كاكاو Cacao، يعملون منها الجيكولاتا chocolat، وهذا الثمر تراهُ مثل البطيخ متعلقًا وملتصقًا على جسم
الشجرة، فلمَّا يبلغ ويصفر يأخذونه ويقطعونهُ، ففي داخله يخرج الثمر، وهو حبوب أخشن من
الفستق، ثم ييبسونه حتى ينشف، وبعد ذلك يقلونه فتراه كالقهوة في اللون والطعمة والريحة،
لكن كثير الدهن. ومن دسامته يصير مثل العجين، ويضيفون إليه من السكر على قدر الحاجة،
وكذلك أيضًا من القرفة والعنبرخام ويجبلونهُ عجينًا ويجعلونه أقراصًا وينشفونه بالفيء.
ومن هذه الأقراص يغلون الجيكولاتا ويشربونها مثل القهوة. وهذا الثمر هو سالك عند الكل
في جميع بلاد النصارى يأتون به من هناك ويبيعونه.
ثم خرجنا من هذه القرية قاصدين بلدة تسمى كيتو Quito، فسرنا وجزنا على قرية أخرى تسمى بوتيكاس دي سان أنطوان، فيوجد بهذا
الدرب جنس قصب ارتفاعه أربعون ذراعًا، وثخن القصبة أغلظ من مطواية نول الحايك، ومن عقدة
إلى عقدة ذراع. فهذا القصب يجعلونه صواري، أعني غطاء لسقف البيوت، والبعض منه ممتلئ ماء
أبيض وحلو، وأنا شربتُ منه. ثم إني أمرتُ المكاري أن يقطع منهم ست عقد تكون مملوءة
ويحملها على بغل،١ وأيضًا يوجد في هذا الدرب أجناس وحوش كمثل السعدان والميمون ألوان وأشكال.
وأيضًا من قسم الطيور يوجد الدرَّة التي تتكلم وطير آخر يسمى باكامايا، وهو بقدر ديك
كبير، لكن ريشهُ ملون شيء عجيب. ثم جزنا على قرية تسمى كوانلبو. ومن بعد أربعة فراسخ
عدَّينا على قرية تسمى إنبات. وأيضًا يوجد في هذا الدرب جبال محاطة بالثلج، ومن رأس أحد
هذه الجبال يخرج نار بولكان،٢ ففي إحدى السنين خرج من هذا الجبل نار كثيرة كرعد عظيم، وصار دخان زائد
ورماد حتى غطى الجو، وما بقي تبان السماء ولا الشمس مقدار ساعتين. ومن بعد ذلك انحدر
هذا الغيم وحرق كل شيء وجد من الحشائش على وجه الأرض وعكَّر الأنهر. ومن هذا الشيء صار
طاعون في جميع جنس الحيوان لعدم قوتهم. ثم إننا وصلنا إلى قرية تسمى نشبت، ومنها رحنا
إلى قرية أخرى تسمى لاتاكونكا La Tacunga، وفيها دير
راهبات من طائفة الكرملتانيين قد بناهُ رجل صالح، وهو أسقف بلد كيتو، وصرف على عمارته
وإقامته مائتين وخمسة وعشرين ألف غرش، وهذا الأسقف يسمى دون ألونصو بينيامونته نيسكره.
وبهذه القرية جاء إلى ملاقاتي أربعة رهبان من رهبنة مار عبد الأحد، أرسلهم رئيسهم،
فأخذوني إلى بلد كيتو، وأنزلوني في ديرهم لأن رئيسهم كان سمع أن معي أمر تثبيت هذا
الرئيس من جنرالهم الذي في رومية.
١
ذكر دولوا d’Ulloa هذا القصب في سفره من
غواياكيل إلى كيتو ووصفهُ موافق لما قال الكاتب.