من كيتو إلى كوانكا
وصف عيد الثور
ومن هناك رجعتُ إلى بلد كيتو، ومنها خرجتُ قاصدًا القرية لاتا كونكا
La Tacunga ومن هناك إلى قرية إنبات
Hambato التي تبعد عشرة فراسخ من كيتو، ومنها إلى بلدة
تسمى ريوبانيا
Riobamba، وهذه بلدة جميلة العمائر
ولطيفة الكنائس، وأناسها أغنياء وأشراف. فنزلتُ في دير مار عبد الأحد، وقبلوني بفرح
عظيم مع زائد الإكرام، وقدَّستُ هناك. وعوائد قدَّاس هذه الرهبنة تشاكل لبعض عوائد
قدَّاسنا؛ فلهذا السبب انشرح خاطرهم عند استماع قدَّاسي،
١ وأنا بعد ذلك بقيتُ هناك ثمانية أيام، ثم خرجتُ قاصدًا بلدة تسمى
كونكا
Cuenca فبعد سبعة أيام وصلنا إليها، وكان
دربنا جبالًا وثلوجًا، وتسمى هذه الجبال بارامو
Paramo
لشدة البرد الذي هناك، ففي هذا الدرب يوجد نهر منحدر من الجبال التي يسكنها الهنود
الكفرة، فذكروا لنا أن من مدة سنين كان أولئك الهنود عملوا لهم خمسة سنابك صغار وركبوا
فيها وانحدروا إلى أن وصولوا إلى الدرب الذي يمر به التجار السبنيولية، فبينما كانوا
ذات يوم مجتازين من هناك ومحتملين قفلًا من البضائع خرج عليهم الهنود المذكورون فترك
أناس القفل أحمالهم وانهزموا لخوفهم من القتل. ثم إن الهنود فتحوا الأحمال وأخذوا من
البضائع الذي اختاروا وتركوا لهم عوضها أقراصًا من ذهب، فأتى أهل القفل وأخذوا ذلك
الذهب عوض متاعهم.
وأما أنا فبعد وصولي إلى هذه البلدة كونكا المذكورة صار مزاجي ضعيفًا وبقيتُ مطروحًا
في الفراش عشرة أيام معالجًا من الأطباء، لكن شافية المرضى مريم العذراء أعطتني
العافية، وحاكم تلك البلدة كان صاحبي؛ لأنه كان رفيقنا في المركب لما سافرنا من
إسبانية، فأراد أن يعمل لي فرجة لأجل انشراحي، وهذا المفترج يسمونه في بلاد إسبانية عيد
الثور، ويلعبون على هذا النوع أولًا: يحوطون ساحة برفوف وخشب ثم يضعون خوانات شيئًا فوق
شيء، يعني كمثل الدرج، ويجتمع الناس ويجلسون فوق هذه الخوانات ويستكرون كل واحد منهم
لأجل الفرجة. وبعد ذلك يأتون إلى تلك الساحة بثور من الثيران البرية الوحشية، ويكون ذلك
الثور مسجونًا، فعندما يفلتونه على غفلة في تلك الساحة المحاطة بالناس يجري الثور
جازعًا وما ينظر له دربًا ينفذ منه. فبعد ذلك يدخل إليه خيال وفي يده رمح ويتلاعب مع
الثور والثور يهجم عليه، فيهرب منه، وبعد ذلك يقتل الثور، والثور أيضًا بعض أحيان يقتل
الفرس وفارسها بقوة قرونه. وهذا العيد والمفترج في كل ملك إسبانية اعتادوا أن يصنعوهُ
في موسمهِ كل عام.