مياه محجرة
وصف الصبِّير
وفي هذه البلدة يوجد جنس ماء لونهُ أسمر، يجعلونه في وسط صناديق، ويبقى ثمانية أيام
في الهواء، فيجمد حينئذٍ ويصير حجرًا، يعمرون به البيوت، وأنا نظرت ذلك عيانًا. وإذا
وضعوا في وسط هذا الماء خشبة وبقيت أربعين يومًا فيخرجونها من الماء نصفها حجر صوان
والذي يبقى فوق الماء من الخشبة يبقى على حاله خشبة. وأنا أهداني أحد رهبان اليسوعية
صليبًا من هذا الجنس.١
وبعد عشرة أيام خرجت من هذه البلدة وصحبتي أربعة عشر رجلًا، خرجوا يودعوني إلى خارج
البلد، ثم افترقوا مني ورجعوا. وأنا أخذت دربي قاصدًا بلدة تسمى أكوامانكا Guamanca. وفي هذا الدرب يوجد أشجار مختلفة الأجناس،
وأكثرها أشجار يسمونها توكال، أوراقها في سمك كفين، وما لها أغصان، لكن الأوراق مشوكة،
وفي طرف الورقة تصير الثمرة، ويسمى في لسان الهنود تونس. وهذا الثمر كقدر بيض الدجاج
لكن أصلب، وداخله حلو كطعم التوت، وهو مسهل ومبرد، فمن خارج الثمرة يصير شوك ناعم
فيلتزم الإنسان أن لا يمسكها بيده إلا بعد أن ينظفها من الشوك، وهذا ممتلئ منه البر
والجبال في ذلك الإقليم.٢
١
ذكر الأب فوليه المذكور هذه المياه المحجَّرة قال: إن ماء هذا النبع غاية من
السخونة حال خروجه ويتحجَّر سريعًا إذا ما سال في الحقول. ومن حجاره يبني
البناءون المنازل، جاعلين المياه في قوالب مخصوصة حسب رغبتهم وحاجة العمارة،
ولا يتعب الحفارون ونقَّاشو التماثيل إذا أرادوا نقش تمثال، فإذا ما أتموا
القالب وسكبوا فيه الماء جاء التمثال حجرًا بديعًا ينحتونه قليلًا زيادة في
لمعانه.
٢
هو وصف شجرة الصبِّير المعروفة.