المال المجموع ظلمًا
وبعد ثمانية أيام خرجت من هذه البلدة المذكورة قاصدًا بلدًا يسمى سيكاسيك Sicasica، وفي ذلك الصقع كان يحكم أحد غلمان الوزير
صاحبي، وكنت ديَّنته ألفي غرش في بلد ليما، فخرج لاستقبالي. وكان في جانب الدرب بحيرة
قدرها نصف فرسخ، وبقينا نتصيد منها بعض أجناس الطيور إلى بعد العصر. ثم إننا دخلنا إلى
البلدة المذكورة بغاية الإكرام، ونزلنا في دار الحاكم، وجاء جميع الكهنة والعوام
لزيارتي. وسكان هذه البلدة هنود وإسبنيولية، وذكروا لنا عن قسيس كان في تلك البلدة،
وكان قد مات منذ أربع سنين، فهذا القسيس كان خوريًّا متفردًا في معبد تلك البلدة مدة
اثنتين وعشرين سنة، وكان قد جمع له أموالًا كثيرة من الظلم، فقبل مماته اعترف إلى
الكاهن وعمل وصيته قائلًا إنه طمر تحت فرشته خابيتين مملوءتين الواحدة فضة والأخرى
ذهبًا، وأيضًا عمل وصيته على يد القاضي أن هذا المال يكون ميراثًا لأخيه وأخته. وأنا
كنت أعرف أخاه، وهو قسيس يسمى دون خوزيف؛ يعني يوسف، وأخته تسمى دونيا إينيس. فبعد أن
مات أخرجوه من البيت وسكروا الباب وختموه، فبعد ما دفنوه أتى أصحاب الشرع والحكام
ليخرجوا المال المذكور، فلما حفروا المكان وجدوا الخابيتين مملوءتين دمًا لا يوجد فيهما
ولا دينار واحد. فكل الذين كانوا حاضرين تعجبوا من هذه العجيبة؛ لأن عدالة الله ظهرت
هكذا في المال المجموع ظلمًا. فلما علم بذلك مطران البلد أرسل يوصيهم أن يستروا ويخفوا
هذا المثل الرديء، لكن صار له اهتمام عظيم عند الناس.