توكومان١ وبونس إيرس٢
وكان في الدير راهب يسوعي وكيل متصرف على بلاد تسمى توكمان،
٣ ولهم هناك ديورة، وأسقف تلك البلدة كان صاحبي ورفيقي من إسبانية، فطلب مني
الراهب أن أروح إلى تلك البلاد، وهي بعيدة خمسمائة فرسخ عن بلد جوكز. وتروح في هذا
الدرب كلكات وينصبون لها أقلاع، فالريح توديهم. ووعدني إن طاوعته ورحت معه وجبرت في
خاطره يعطيني ألف بغل؛ لأن المواشي في تلك البلاد شيء كثير وعديمة القيمة في الجبال،
وهي وحشية؛ لكن امتنعت عن الرواح معه بسبب طول المسافة، وأيضًا في تلك الجبال يوجد هنود
كفرة، ولخوفي منهم قصرت عن الرواح. وهذا الإقليم واسع جدًّا، وهو أكبر من الثلاثة
الأقاليم الأخر، غني بمعادن الفضة والذهب والجواهر، لكن سكانه قليلون، وفيه ناحية تسمى
سانتافه
santa Fe، ومن هناك يخرج الزمرد. وهذه
الأسقفية لها أرض خمسمائة فرسخ. وعن جانب هذه البلدة يوجد كورة وهي أسكلة بوناس إيرس
Buenos Aires، وهذه البلدة هي على البحر المحيط،
قريبة من بلاد البرازيل التي من حكم البورتكيز. وفي هذه البلدة بوناس إيرس المذكورة
يزرعون حشيشًا يسمى إيربا ديال بايل كواي، وجميع المتولدين في تلك البلاد يشربون من
الحشيش المذكور مغليًّا مع سكر بماء سخن، فإذا شرب الإنسان منه فنجانًا واحدًا ينفعهُ،
وإذا أراد أن يتقيأ يشرب منه أكثر فيدلق جميع ما عنده من العفونات، وهذا سالك بين جميع
الناس في تلك البلاد كمثل القهوة في بلادنا.
٤
وعن يمين هذه البلدة، جوكز المذكورة، يوجد بلد يسمى ميسكي Misque، ويسكنها هنود مع إسبنيول، وفيها حاكم وأسقف، ومنها ينحدرون
سائرين في البحر مقدار خمسمائة فرسخ، ثم يصلون إلى أرض تسمى جبله وجلويه وولدبويه. وفي
هذه البلدة — جبله — أسقف وديوان الملك وحاكم يسمى جنرال، وهم دائمًا في حرب مع الهنود
والكفرة؛ لأن هؤلاء الهنود من قبل ما كانوا يعلمون أحوال الحرب، لكن بعد ما تعاشروا مع
السبنيولية تعلموا مثلهم، وما كان لهم أولًا خيل ولا كانوا يعرفون ركوبها، فالآن صاروا
يركبون الخيل برماح شبه العرب، ويتحاربون مع السبنيولية دائمًا، وإذا مسكوا أحدًا منهم
يشوونه ويأكلون لحمه، وأما الرأس فيخرجون جمجمته ويعملونها طاسة ويشربون بها نبيذًا من
نبيذ بلادهم، وهؤلاء عصاة وشديدون وقساة القلب، وهم مضادون للسبنيول وصيةً من آبائهم
وأجدادهم إلا البعض منهم كانوا هربوا من هذه البلاد من زمان الفتوح لما قُتل ملوكهم
وسكنوا في جبال عالية وعاصية.
فمن بعد خمسة وأربعين يومًا خرجتُ من هذه البلدة صحبة القاضي دون خوان المرقوم ليروح
يأخذ المحاسبة من الوزير صاحبي المعزول من ليما، ثم رجعت إلى بوتوسي المذكورة. ولما كنت
في بلد جوكز كان عندي صورة رأس ووجه المسيح كنت قد جبتها «أحضرتها» معي من رومية؛
فأهديتها إلى راهب يسوعي، فلما وصلت إلى بلد بوتوسي وفتحت الصندوق وجدتها عندي في
الصندوق، فبقيت متحيرًا مع خدامي ورفقائي من هذه العجيبة، فلما سمع رئيس دير رهبان
المرسه — التي تأويلها رهبنة مريم — الموهبة؛ طلب مني هذه الصورة؛ فأهديته إياها على
ظني أنها ترجع ثاني مرة فما رجعت.