السفر إلى أمركة الجنوبية
سافرنا، وكان المسافرون قوم منهم في فرح، وأناس في حزن على فرقة أهاليهم. وهذه رفقة
المراكب تسافر كل ثلاث سنين مرة واحدة إلى بلاد الهند التي تسمى البيروه، والتي تبعد
ألفًا وخمسمائة فرسخ داخل بلاد ينكي دنيا؛ لكي يحضروا من هناك خزنة الملك، وأيضًا
التجار يوسقون الغلايين من كل أجناس البضائع ويبيعونها في تلك البلاد، ولا يدعون
إنسانًا غريبًا عن الجنس السبنيولي يرافقهم، لا تاجرًا ولا كاهنًا، إن لم يكن معهُ أمر
من الملك مثل ما ذكرنا سابقًا. وهذه هي إلى اليوم قوانين ونواميس موضوعة من أيام كارلس
الخامس من ملوك إسبانية وبلاد المجر، حيث على عهدهِ فتحوا بلاد الهند. وهذه الغلايين
تعود بالغنائم، الفضة والذهب بقيمة عشرين أو خمسة وعشرين مليونًا، وكل مليون قدرهُ عشر
كرات. وبعد خروجنا من قادس بثلاثة أيام حدث اضطراب عظيم في البحر، ودام ذلك علينا ثلاث
ساعات، فكان برفقتنا رجل شريف يسمى دون نيقلاوس أنيفانته، وكيل الملك، فمن كثرة الخوف
الذي دخل عليه مات في تلك الليلة، فربطوا برجليهِ جرارًا مملوءة ماء وحدفوهُ بالبحر؛
لكي يغطس إلى أسفل، ولا يعوم على وجه الماء، وتأكله الحيتان، فلما حدفوه ضربوا له ثلاثة
مدافع. وهذا المذكور كان ذاهبًا مقدم ديوان كيتو Quito،١ ومن بعد ثلاثة أيام أشرفنا على جزيرة اسمها كنارياس Canaries،٢ من حكم إسبانية، ولا زلنا مسافرين والأرياح تلعب بنا ونحن في نصف الدرب،
فصادفنا مركبًا إنكليزيًّا موسوقًا من العبيد السود عددهم سبعمائة نفس، قد جاءوا بهم
من
بلاد برازيل Brésil، من حكم البورتكال حتى يبيعوهم في
بعض جزائر الهند.
١
عاصمة بلاد الأكواتور أو خط الاستواء.
٢
هي الجزائر الخالدات غربي أفريقية الشمالية قبال بلاد مراكش.