أخبار الصين والفيليبين
وذكروا لنا أن من مدة خمسين سنة لما كان بعض الكاروزين يذهبون من هذه الجزيرة إلى
بلاد الصين الجواني ليتلمذوا أناسها ويرجعوهم من الكفر إلى إيمان المسيح، فالشيطان عدو
الخير والإحسان ألقى في قلب ملك الصين أن يقتل جميع الرهبان الذين يكرزون هناك؛ فقتلهم
وأمر بتحضير مراكب وعساكر ليسافر إلى جزيرة فيلبيناس Philippines. فلما نظر سكان الجزيرة هذا العسكر العظيم القاصد محاربتهم
اعتراهم الخوف؛ لكونهم قليلين وغير مستعدين، فما لهم حيلة ولا ملجأ غير الدخول إلى
الكنيسة؛ فعبروا للكنيسة وابتدءوا في التضرع والصلاة، وحملوا الجسد المقدس، وخرجوا
بالزياح والصلاة إلى محاربة الأعداء؛ فبقوة الله وعدالته التي لا تتخلى عن القاصدين
إليه بأمانة، هاج البحر على تلك المراكب وشتت شملها وحطمها وأبادها. ومن جميع ذلك الجيش
العظيم ما خلص سوى ثلاثة عشر مركبًا، فلما سمع ملك الصين بهذا الضرر العظيم الذي أصابه
حزن حزنًا عظيمًا، ومن حزنه هلك عاجلًا، وأوصى ابنهُ الكبير المتولي الحكم بعدهُ أن
يهيئ عسكرًا آخر بمراكب حصينة، ويقصد محاربة تلك الجزيرة. فلما اهتم ابنه المذكور وجمع
العساكر وجهز المراكب عرض لهم مثلما عرض للأولين، وبادوا أجمعين. وعرض لهذا الملك أيضًا
ما عرض لوالده، ومات فقعان لحزنهِ. فخلفهُ أخوه الصغير، ولما جلس في الحكم نوى أن يهيئ
عساكر ومراكب؛ فأشارت عليه والدته أن لا يضاد تلك الجزيرة لئلا يجري له ما جرى لأبيه
وأخيه، بل الأفضل أن يصالحهم ويصاحبهم، ويتركهم يدخلون البلاد ويكرزون ولا يعارضهم بوجه
من الوجوه. والآن في كل ثلاث سنين يجيء رهبان من إسبانية، ويعبرون للصين، ويكرزون
ويتلمذون بغير مانع. وأنا كان لي صديق كان قبطانًا في تلك الجزيرة مقدار سبع عشرة سنة؛
فلما جاء إلى ميخيكو استضاف عندي وحكى لي جميع هذه الأمور والمعاجز التي صارت في
فيلبيناس. وهذا الرجل صادق بقوله، وأيضًا بشهادة الرهبان اليسوعية وغيرهم من الرهبان
الذين ثبتوا تثبيتًا صادقًا واضحًا تلك المصيبة.١
١
لا ندري كيف لخص مؤلفنا هذه الأخبار، ونظنهُ خلط بين أخبار الاضطهادات التي
حدثت في اليابان والصين والتونكان.