بدرو الأقريطشي أحد فاتحي البيرو
اكتشاف البيرو، بيزارو Pizaro ورفقاؤه الثلاثة
عشر، بدرو الأقريطشي Pedro di Candia
كان فرنسيسكو بيزارو من أول فتاح أمركة، اتخذ له رفقة؛ ولكنهم لما رأوا أتعاب السفر والحروب مع الهنود والجوع والعطش … لم يرضوا متابعة السير؛ فسحب بيزارو سيفهُ وخط على الأرض خطًّا وقال: كل من يريد أن يرجع إلى باناما فليتجاوز هذا الخط. حتى يعلم من هو شجيع بينهم، فما بقي معهُ غير ثلاثة عشر نفرًا …
فسافر هؤلاء في البحر، وبلغوا إلى مكان يسمى كركونا Gorgone، أي دوَّار الماء في البحر، فبقوا هناك زمانًا بالصبر على
الشدائد والجوع والعُري وكثرة الأمراض، وظهرت رجوليتهم وحفظوا عبادة الله مثل ما يجب
للنصارى الكاملين مجتهدين بالصلوات للعذراء القديسة في مسبحة الوردية، مرتلين وممجدين
اسم الخالق، وكفوا عن الحلفان والتقمقم … فصار هؤلاء الثلاثة عشر سببًا لاستدعاء الكفرة
التائهين في الظلمات وعتمة عبادة الأوثان إلى طريق الخلاص … وقوَّاهم الله في الخروج
من
كركونا …
ثم وصلوا إلى أرض تدعى كابولانا Capullana، فعلم
بيزارو أن في تلك الأرض يوجد ست حاكمة في تلك النواحي، وهي كريمة وسخية في العطاء، فرسم
بيزارو أن يروح نيكولاوس أريوويره Nicolas de Ribera
الشيخ لأنه رجل منور وصاحب إقبال، مع رفيقين معه، عند هذه الست؛ فراحوا وطلبوا منها
المساعدة في النصر؛ فأجابتهم: أعطيكم ما تعتازون من أكل وشرب، لكن لا أهبكم عساكر.
فأخذوا لهم زوادة، وركبوا مركبهم، وسافروا إلى ميناء القديسة هيلانة المذكورة سابقًا
…
ومن هناك بلغوا جزيرة بونا Puna … فخافوا أن يصير لهم
ضرر فتركوها ونزلوا قرب البر، وشعب تونبيز Tumbez ناظر إليهم،١ فلما نظروا الخلق الذين يتفرجون عليهم أزيد من أربعين ألف نفس افتكر هؤلاء
الثلاثة عشر نفرًا أن يجربوا بختهم ويرسلوا لهم رسولًا يطلب منهم أكلًا وشربًا بالمحبة
من غير قتال؛ فاختاروا واحدًا من بينهم كان يدعى اسمه بطرس، وهو من طائفة الروم أصلًا
من قريطش٢ فهجم وحده باتكال على غيرة النصرانية لابسًا الزردية وحاملًا الخنجر والسيف
والبندقية، واختار له من السلاحات الروحيَّة؛ لأنه كان ماسكًا بيده صليبًا طويلًا طوله
ذراع، وكان المذكور جسيمًا فأراد يجرب بخته متكلًا على قوة الصليب المقدس. فلما نظره
الهنود تعجبوا من شكله ونظروا وتأملوا فيه كشيء إلهي؛ لكنهم تشاوروا أن يُفلتوا عليه
سبعًا ونمرًا محفوظين هناك للملك وايناكاباك Guaynacapac. فأما بطرس القريطشي فلما شاف تلك الحيوانات طلب المعونة
من السماء والنصر من الصليب المقدس ففي الحال اقتربت منه الحيوانات بوداعة من غير تشوش
ولا افتراس، وحصلت قدامه عند رجليه فلاطفها كالخرفان الحليمة، ومد يده إلى رءوسها
مملسًا لها، ووضع الصليب على جبهاتها؛ فصار هذا بتوفيق وأعجوبة قوة الصليب المقدس
المنجي عابديه من الأعداء المنظورين وغير المنظورين؛ فلما نظر الهنود تلك الأعجوبة
تيقنوا أن بطرس القريطشي هو ابن الشمس أو أنه نزل من السماء؛ فهكذا قبلوه وأدخلوه إلى
هيكل الشمس الذي بناه الملك وايناكاباك جنب قلعة تونبيز حيث كان في تلك البلدة معلمون
صياغ كثيرون. وحيطان الهيكل مغطاة بصفائح الفضة من غير الكنوز التي جعلها الملك أوقافًا
لذلك الهيكل، وأيضًا بهائم وطيور وحيتان من جميع الأجناس مصاغة سكب من فضة وذهب، وأيضًا
بساتين بأشجار، وأثمارها مصنوعة من فضة وذهب. ومن بعد ما أكرم الهنود بطرس المذكور
وتفرج على جميع ذلك المال رجع إلى المركب، وحكى لرفقائه الاثني عشر عما نظر من الغنى
الغزير قدره، وبما صار من الأعجوبة مع الوحوش بقوة الصليب المقدس؛ فمن تلك الساعة اتخذ
له عوض السلاح صليبًا؛ لأنه هو الذي خلصه من تلك الآفات الوحشية. واتفق بيزارو معهم على
أن اثنين من العسكر يبقيان في تونبيز ليتعلما اللسان الهندي ويفهما أحوال وقواعد هذه
البلاد، وهو — بيزارو — مع العشرة أنفار يرجعون إلى باناما حتى يجمعوا عساكر …
١
كل هذه الأخبار تتبعناها على كتاب رحلة بيزارو سنة ١٥٢٦ فلم يخطئ الكاتب في
نقلها، (اطلب تاريخ الأسفار المجلد ١٣ الصفحة ٤٣ … إلخ)، وقد اكتفينا هنا بالمهم
منها.
٢
أقريطش جزيرة معروفة في بحر وتدعى أيضًا كندية Candie، والظاهر أن بطرس كان منها.