الوصول إلى أمركة
وفي اليوم الرابع١ كشفنا على أرض من أراضي الهند، ووصلنا إلى مكان أي ناحية في البحر، فتأمل النواخذة٢ في الماء، فلما نظروا لونها متغيرًا علموا أنها ماء النهر، وعرفوا في أي
مكان وصلوا؛ لأنه ينحدر من تلك الأرض نهر كبير واسع مقدار أربعين فرسخًا، ولانحداره
وعزم قوته الشديدة يشق البحر ويجوز فيه نحو أربعين فرسخًا، ثم إلى هذا الحد ينخلط ماؤه
في البحر، ولا يوجد مثلهُ نهر في الدنيا،٣ ثم من هناك كشفنا على أرض تسمى كراكس Caracas،٤ ومن هناك جزنا في جزيرة تسمى مركاريتا Marguerite،٥ من حكم إسبانية، وذكروا لنا عن الجزيرة أنها من مدة عشرين سنة كان الغطاسون
يغطسون في هذا البحر قرب الجزيرة، وكانوا يخرجون صفد اللؤلؤ البليغ في الكبر، والشريف
باللون. فذات يوم بينما كانوا يستخرجونهُ نذروا على أنفسهم أن أول شيء يخرجونهُ في ذلك
النهار من اللؤلؤ يدفعونهُ إلى كنيسة العذراء، فلما نظروا أنهم أخرجوا لؤلؤًا كبيرًا
غالي الثمن ندموا بذاتهم وقالوا: إن غدًا يكون على اسم العذراء. وأيضًا غطسوا ثاني يوم
وأخرجوا اللؤلؤ فوجدوهُ أحسن وأبلغ من الأول، فطمعوا كذلك وقالوا: نهار غدٍ نفي نذرنا
إلى العذراء. ثم في اليوم الرابع انحدر الغطاسون كعادتهم ليخرجوا اللؤلؤ فما وجدوا
شيئًا أبدًا، وإلى يومنا هذا ما بقيوا يجدون لؤلؤًا في ذلك البحر.
١
اليوم الرابع بعد التقائهم بالمركب الإنكليزي، ولعله تصحيف اليوم الرابع
والأربعين بعد سفرهم من قادس.
٢
نواخذة كلمة فارسية مفردها: ناخذاة. ومعناها: ملَّاك السفينة أو
رئيسها.
٣
هو نهر الأورينوك Orénoque العظيم في شمالي
أمركة الجنوبية لكنه ليس بأعظم من نهر الأمازون.
٤
كاراكاس عاصمة بلاد الفنيزويلا Vénézuéla.
٥
مرغريتا جزيرة صغيرة من جزائر الأنتيل
الصغيرة Petites Antilles تجاه كاراكاس، وهي شهيرة بصيد اللؤلؤ، ولما حل
المكتشفون في ضواحيها في أواخر سنة ١٤٩٩ اشتروا من سكَّانها اللؤلؤ بالكيل
مقايضين عليه بإبرٍ ودبابيس، وقد سمي جوارها خليج اللؤلؤ Las Perlas.