تفاصيل جديدة صعبة!
عندما اختفَت أقدامُ رقم «صفر» … بدأ حوارٌ سريع بين الشياطين.
قال «عثمان»: لقد حقَّقنا مغامرةً تُشبهها تمامًا.
ردَّ «أحمد»: ليست تمامًا … فنحن أمام تقدُّمٍ علميٍّ ضخم … أو اكتشاف «شريف عربي». ثانيًا، صورة «جاك الصلب» التي تختفي … إننا هنا نتعامل مع عدوٍّ غير معروف لنا تمامًا.
سكت لحظةً … ثم أضاف: إن الأوصاف والملامح يمكن أن تتغير، وأنتم تعرفون ما يفعله الماكياج الآن … بل ما تفعله العمليات الجراحية … فقد يظهر «جاك الصلب» في هيئة آنسة جميلة مثلًا!
ابتسم الشياطين، وقالت «إلهام»: إن التعامل مع الإنسان ليس صعبًا!
ضحك الشياطين، وقال «أحمد»: أعتقد أن هذه أصعب مغامرة سوف نقوم بها؛ لأننا نتعامل مع مجهول، ولا أظن أننا يجب أن نعتمد على الصدفة.
انتظر لحظةً، ثم أضاف: أنتم تعرفون أن العلماء العرب مستهدَفون من كلِّ القوى الخارجية، وما إن يظهر واحد منهم حتى تكون الخطط جاهزةً للقضاء عليه.
قال «بو عمير»: الغريب أن «شريف عربي» يعيش في نفس الولاية التي قُتل فيها الرئيس الأمريكي … «جون كنيدي».
أضاف «أحمد» بسرعة: وإذا كان رئيس الولايات المتحدة نفسه لم يستطع أحدٌ أن يحميَه، فما بالُنا بالعالِم «شريف عربي»!
تساءلَت «زبيدة»: هل قُتل الرئيس «جون كنيدي» في بلده؟
ابتسم «أحمد»، وقال: وضاعَت حتى معالم الجريمة؛ فبعد أن قبضوا على الشخص الذي أطلق عليه الرصاص، ظهر آخر، وأطلق الرصاص على المجرم الأول، وانتهَت الجريمة ولم يُعرف حتى الآن، وبرغم مرور أكثر من عشرين سنة …
قالت «زبيدة»: ولماذا أطلق المجرم الرصاص على رئيسه؟!
صمت لحظةً، ثم أضاف: لقد قرأتُ عدةَ كتُب تبحث في هذه الجريمة الغريبة … وكلُّها تجمع على أن هناك قُوًى خفيةً هي التي تقف خلف كلِّ هذه الأحداث … فإذا ظهر عالِم عبقري، مثل «شريف عربي» فمن السهل أن تتخلص منه هذه القوى الخفية.
قال «قيس»: لقد ذكر الزعيم أن عصابة «سادة العالم» هي التي تقف خلف محاولة التخلص من «شريف عربي» …
ابتسم «أحمد»، وقال: وهي مجرد أسماء على كلِّ حال، سواء كانت «سادة العالم» أو «اليد الحديدية» أو غيرها!
ثم أضاف: لعلكم تلاحظون أن ولاية «تكساس» من الولايات الغنية بالبترول؛ ولهذا تكثر فيها الجامعات، والمعاهد المتخصصة في علوم البترول … وهنا كان يُجري العالِم «شريف عربي» أبحاثَه في جامعة «تكساس»!
سأل «مصباح» هل قرأتَ شيئًا عن أبحاث «شريف عربي»؟
ردَّ «أحمد»: نعم … وعندنا في المكتبة، قسم الأبحاث، توجد نُسَخ من كلِّ الأبحاث التي تُجرَى في العالَم، ومن بينها بحثُ «شريف عربي»!
تساءلَت «هدى»: وفيمَ يبحث «شريف عربي»؟
وقبل أن ينطق «أحمد» كان رقم «صفر» يقول: هذا ما كنت سأتحدَّث إليكم فيه!
كان صوتُ خطواته يقترب، فنظر الشياطين إليه في اهتمام … فربما تكون التقارير الجديدة تحمل معلوماتٍ مفيدةً!
قال رقم «صفر»: إنَّ حديثنا عن «شريف عربي» سوف نؤجِّله … فالأبحاث موجودة في قسم الأبحاث بالمكتبة … أو إن «أحمد» يمكن أن يتحدث إليكم فيها … لكن بسرعة … سوف أقول لكم فيمَ تتركز أبحاثُ العالِم «شريف عربي». إنها تتركز في مجال تنمية آبار البترول العربية، وهذا يُطيل عمرَها كما قلت … ويُفوِّت على أعداء الأمة العربية أهدافَهم … لقد توصَّل «شريف عربي» إلى نتائج مذهلة في هذه الأبحاث يمكن أن تُضيفَ إلى عمر البترول العربي عمرًا آخر.
مرَّت دقائق، كان الصمت فيها يغطِّي كلَّ شيء … أخيرًا قال رقم «صفر»: إن المشكلة الآن أصبحت في منتهى الصعوبة!
نظر الشياطين إلى «أحمد»؛ فقد قال هذا الكلام في ردِّه على «عثمان» … أضاف رقم «صفر»: إن صعوبة المشكلة أن «جاك الصلب» اختفى حتى عن العصابة ذاتها!
ظهرَت الدهشة على وجوه الشياطين … فقال الزعيم بسرعة: لقد حدث اتفاقٌ بين جهات رسمية و«شريف عربي» على تأجيل إعلان أبحاثه … وهذا يعني أن التخلص من «شريف عربي» يأتي في غير مكانه … فنفس هذه الجهات الرسمية عرفَت بخطة العصابة … وتوصَّل الاثنان في النهاية إلى تأجيل التخلص من «شريف عربي» الآن وحتى يتفق الطرفان على قرار نهائي.
سكت الزعيم، ثم قال: أنتم تعرفون أن هناك أبحاثًا تُجرَى لاكتشاف مواد بديلة عن البترول على الأقل تُساعده، وهذه الأبحاث تقترب من النهاية حاليًّا، وهذا يعني أيضًا أن التخلص من «شريف عربي» يأتي في غير مكانه.
قال «أحمد» بسرعة: لقد قلت إن المشكلة أصبحت صعبةً تمامًا الآن!
ردَّ الزعيم: نعم … لقد اكتشفَت العصابة أن الجهات الرسمية لديها معلومات كاملة عن «جاك الصلب»، لكن العصابة كانت قد أجرَت جراحة ﻟ «جاك الصلب»، فأصبحت ملامحُ وجهه تبدو وكأنها آنسة في بداية الشباب!
دُهش الشياطين، ومرةً أخرى اتجهَت أنظارهم إلى «أحمد»؛ فقد توقَّع كلَّ هذه الأشياء التي يتحدث فيها رقم «صفر» … بعد قليل جاء صوت الزعيم يقول: المشكلة أن «جاك الصلب» قد اختفى للقيام بالمهمة، ولا أحدَ يعرف ملامحه الجديدة سوى طبيب التجميل «برايت».
– إذن فإن «برايت» يمكن أن يتعرَّف على «جاك الصلب».
ردَّ الزعيم: هذا صحيح … لكن المشكلة أن الطبيب نفسه اختفى!
علَت الدهشةُ وجوهَ الشياطين … فما يسمعونه شيءٌ غريب فعلًا. قال الزعيم: المعروف أن هناك جهاتٍ أخرى تلعب داخل الموضوع، وهي لم تُعلن عن ذلك بعدُ، هذه الجهات يهمُّها أن تقعَ أزمة بين الجهات المسئولة ومنطقتنا العربية!
صمتَ قليلًا ثم قال: إن أمامنا مهمتَين الآن، أولًا الوصول إلى الدكتور «برايت» الذي سوف يتعرَّف على «جاك الصلب» في شكله الجديد، ثم حماية «شريف عربي» من رصاص «جاك الصلب» الذي لا يعرفه أحد.
قال «قيس»: أظن أن الدكتور «برايت» لا بد أن يكون قد وضع نماذجَ لشكلِ «جاك الصلب» قبل أن يُجريَ له عملية التجميل!
ردَّ رقم «صفر» هذه حقيقة، لكن النماذج قد تكسَّرَت كلها … في نفس الوقت … اختفَت صور «جاك الصلب» الذي كان الدكتور «برايت» قد التقطها له.
توقَّف رقم «صفر» عن الكلام قليلًا، بينما كان الشياطين في دهشة شديدة … كيف يمكن أن تحدث هذه التفاصيل الكثيرة المتشابكة والمعقدة. قطع الصمتَ صوتُ «عثمان» يقول: ما العمل إذن، إذا كانت كلُّ الأشياء قد تغيَّرَت!
قال الزعيم: أظن أن الشياطين يستطيعون العمل في أيِّ وقت، وفي أيِّ ظرف! سكت قليلًا ثم أضاف: إن التفاصيل عن حياة «جاك الصلب».
سكت مرة أخرى، ثم أضاف: قبل أن يصبح الآنسة «جاك الصلب»!
ضحك الشياطين، فاستمر رقم «صفر» يقول: هذه المعلومات مفيدة تمامًا، وأعتقد أن تحليلها يمكن أن يعطيَ مؤشراتٍ جيدةً.
قال «أحمد»: بالتأكيد، فهناك أشياء لا تتغير … فإذا كان دكتور «برايت» قد أبدل ملامح «جاك الصلب» فإنه لا يستطيع أن يبدلَ تكوينه الجسماني، أو عضلاته مثلًا، خصوصًا وأن «جاك الصلب» قد تجاوز مرحلة الشباب، فهو كما عرفت بين الأربعين والخمسين!
قال رقم «صفر» بسرعة، وفي صوته رنةُ تقدير لأفكار «أحمد»: هذه حقيقة، وهذا ما قصدته تمامًا!
توقَّف لحظة، ثم أضاف: إن الموقف بهذا الشكل يحتاج إلى سرعة، لأنه لا أحدَ يدري متى سيصل أو تَصِل الآنسة «جاك الصلب» إلى «شريف عربي».
توقَّف مرة أخرى، ثم قال: عليكم بالانطلاق الآن … وسوف تجدون دراسة كاملة بكل التفاصيل عن المشكلة كلها!
سكت لحظةً، ثم سأل: هل تحتاجون إلى تفسيرِ أيِّ شيء!
لم يردَّ أحد من الشياطين … جاء صوت أقدام رقم «صفر» وهو يبتعد … حتى إذا اختفى نظر الشياطين إلى «أحمد»، وقالت «هدى» مبتسمةً: لقد توقَّع «أحمد» الكثيرَ مما قاله رقم «صفر» وهذه دائمًا طبيعته!
وتساءلَت «إلهام»: مَن سيقوم بالمهمة الصعبة؟
ردَّ «أحمد»: أعتقد أننا سنجد التعليماتِ عندما نَصِل إلى حجراتنا!
ابتسم «بو عمير»، وقال: بدأنا الليلة بهدوء جميل، وأنهيناها بصخب شديد!
ضحك الشياطين، ثم أخذوا طريقهم إلى حجراتهم، حيث التعليمات، وحيث يبدأ التحرك إلى هذه المغامرة الصعبة كصاحبها.