بين مارون عبود وأنسبائه
سيدي العم، دامَ سالمًا١
مسكت القلم فسار على القرطاس وكتب لكم ما يمليه عليه حبكم، وينزله عليه عرفان الجميل لشخصكم المحبوب، وأنتم تعلمون منزلتكم في قلبي، ولا حاجة إلى التحليس أو التدليس؛ فالقلوب على حسها.
بارحتكم صباح الثلاثاء ونار حبكم يزيدنا اضطرامًا على الفراق، فوصلت بيروت قرب العصر الساعة الرابعة بعد الظهر، ونمت تلك الليلة في المدرسة خارجًا عن منام التلاميذ في محل خصوصي للضيوف، وصباح الأربعاء نزلت إلى المدينة أخذت بعض أغراض لازمة لي في المدرسة، ودخلت المدرسة بعد الظهر، وتعينت صفوفي هذا النهار الجمعة. في اللغة العربية حضرة العالم الفاضل الشيخ سعيد الشرتوني في صف الفصاحة، وفي الإفرنسية في الصف الرابع الجزء الأول عند بادري فرنساوي لا يتكلم في اللغة العربية. أما أنا فكان من الواجب أن أكون في الصف الخامس الجزء الثاني؛ لأني كنت في العام الماضي في الصف السادس الجزء الثاني، ويستحيل على كل تلميذ، مهما كان ذكيًّا وفطنًا، أن يعمل هكذا؛ لأنه يوجد فرق عظيم بين تلامذة الصف السادس والصف الرابع. ومن الأمر الطبيعي أن ابن خمس عشرة سنة لا يكون قويًّا في القوى العقلية والجسدية كابن خمس وعشرين سنة، وبهذه المسألة توفر عليَّ سنة كاملة، لكني وعدت الأب العالم الفاضل مدير الدروس الخوري بطرس مبارك بالاجتهاد الزائد. فصلوا دائمًا لأجلي لأقوى وأسير على هذه الطريق، وصفوف الإنكليزية لم تترتب بعدُ، وكذلك التركية والحساب.
في الطريق التقيت بأحد أولاد عمنا من عبرين، ولا إخالكم تعرفوه؛ لأنه كان تلميذًا في مدرسة عينطورة، والعام الماضي درس بها اللغة الإفرنسية. وهذه السنة يدرس اللغة الإفرنسية في مدرسة مار بطرس النصر في جونيه، واسمه سمعان خشان. وبعدما تحدثنا برهة في جبيل عن أحوالنا التقيت به ثانية في نهر إبراهيم، وطلب إليَّ إذا كنت أرغب في التدريس، أي التعليم في اللغة العربية والأجرة خمس وعشرون ليرة فرنساوية، ليس في المدرسة التي هو معلمٌ بها هذه السنة، بل في عينطورة. ولعلمي حق علم أن والدي لا يرضى أجبته لا وأنا لم أزل قاصرًا عن اللازم في اللغة الإفرنسية. أما إذا صدقت الظنون في السنة القادمة — إن وفق الله — نتعلم بلا دفع راتب، ومتى تقرر الأمر أخبرك عنه لتشاركني في فرحي، لكني أطلب منك ومن حضرة حرمة سيدي العم، بعد طلب رضاها وإهدائها أذكى السلام، أن تصليا لله وتتضرعا له لتوفيقي بهذا الأمر الباذل جهدي لتتميمه؛ لأن به يسقط حمل ثقيل عن منكب أبي في الأتعاب التي يتكبدها، والتي لو عرفت قدرها لوصلت الليل بالنهار، لا أبالي بالأتعاب. أرجوكم الإفادة عن سيدي العم أنطون، وابن عمي مخايل، والتطمين عن حالتهما، عساهما حصلا على الصحة. إن أفكاري من هذا القبيل والأحلام تنذرني بأشياء محزنة جدَّت في طرفكم، عساها تكون كاذبة. من جهة خادم الرعية، أخبروني على مَن تم رأيكم أم هل بقيتم على الحال التي فارقتكم بها؟ لا لزوم أن أقول لك أنك كأب عمومي للعائلة كلها، وبالأخص نحن، ولا لزوم أن أقول لك أن تكون وأبي حالًا واحدًا؛ فالرابط الأخوي يلزمكما بذلك. والسلام.
مارون عبود
عن مدرسة الحكمة في ٣ / ١٠ / ١٩٠٥
يا ابن عمي٢
ألثم عارضيك، وأقبلك قبلات الإخاء، وأسأل خاطر والدتك العزيزة، وأطلب توفيقكم دائمًا. وصل تحريرك المؤرخ في ٢٨ كانون الأول في ٣ الجاري، ووصل قبله تحريرك المؤرخ في ٢٢ كانون الأول، وأجبتك عليه مطولًا، وأنا على ثقة من أنك لم تكتب لي إلا بعد وصول تحريري بيدك، فلو كنت عازمًا على الكتابة ما كنت نسيت، بل كنت فقت قبل ذلك الوقت، فحنا وعبد الأحد وحدهم الذين كتبوا لي ولأقاربهم هنا عند فتوح البوستة.
قلت: إن تحاريري الأربعة وصلوا ليدكم مع أنني كاتب تحارير غيرها، فيظهر أنها لم تصل بعدُ، مع أنني أرسلتها للبريد مع خادم اللوكاندة؛ لأنني مرضت في بيروت بالحمى الإسبانيولية ولم أتمكن من الذهاب للبوستة بنفسي، وبقيت في بيروت ثلاثة أسابيع وشفيت، والحمد لله.
تلومني على اختصاري؛ فللظروف أحكام، وفي ذلك الوقت ما استطعت أن أكتب أكثر من ذلك لأسباب. توبخني في تحريرك وتلومني؟! فلُمْ نفسك على تقصيرك؛ فأنا غير مقصر بشيء، فمن أعال عائلة بأسرها مدة الحرب لا تكون مكافأته هذا التحرير الناشف منك.
تقول لي: إنك دارس العلوم، ولو أردت أن تنسخ توراة بكاملها لا تكلفك خمس دقائق. نعم إن الكتابة عندي هينة إذا لم يكن الدور عليَّ، ولم يكن يوجد ظروف تمنعني عن كتابة كل شيء. أما ما جرى في لبنان فمحصور في ثلاث كلمات: ظلم وجوع وموت، والتحرير الذي تطلبه موضحًا، فقد أرسلته لك. والآن أزيدك إيضاحًا. وتقول أيضًا: إنك متكدر من تسكير الطرقات وقطع التحارير، فهذا كدرنا أكثر؛ لأنه لو بقيت الطرقات مفتوحة كنتم عاونتونا في حملنا الثقيل في مدة الحرب. أما فراقكم فصعب علينا جدًّا، وقبح الله الفراق، ثم كتبت في تحريرك أن أوضح لك عن كل شيء، وأن لا أترك شيئًا أبدًا أبدًا؛ لأنه يهمك معرفة كل شيء صار، وأنا أقول لك: يهمني أيضًا أن تعرف كل شيء حتى تصير تعرف قيمة الناس، وتميز الصالح من الطالح، وترفع الغشاء عن عينيك. تطلب مني أن لا أخفي عليك شيئًا من جهة إخوانك، فقد برح الخفاء في تحريرنا الماضي. أما على قولك أنك لا تصدق أن إخوانك بعدهم أحياء ما لم ترهم أو ترَ صورهم، فأقول لك: آمن يا توما بما كتبتُ لك. إلياس مات بالحمى، وروحانا مات بمرض داخلي، والبقية أحياء، ولكي تراهم فعند حضورك للوطن إذا أمدَّ الله بأجلنا وآجالهم. أما صورهم فعن قريب تصل إليك بعد رجوعي من بكركي وبيروت. أما كدرك على والدتي وأخي، فهذا أمر لا أشك فيه أبدًا. والدتي ماتت بعد إلياس وروحانا بمدة شهر ونصف تقريبًا.
تسأل عن ابن عمك طنوس — فالخير والهنا يسأل عنك — صحته جيدة، وهو مع إخوتك، وكلهم بصحة جيدة يهدونك سلامهم.
لوسيا ووالدتها وستك ماتوا. أعاضنا الله بطول بقاك.
أما قولك لي: أيش وصَّلك إلى غبالين! فغبالين تابعة لقريتنا، وأحب أن أذكر ذلك من جملة ما ذكرت لكم. أما قولك: غيِّرْ يا مارون كل أطباعك، فأنا كذا خلقت حرًّا، وأطباعي من أحسن الطباع، ولا عندي خبث ولا كذب، وقلبي نقي. أما أنت فلا تفتح أذنيك كثيرًا، وسلِّم أمورك إلى رب الورى تسلمْ، واعلم أنني لا أحيد عن جادة الحق والصدق، وأقطع لساني وأكسر قلمي إن نطق أو كتب غير الحق.
قلت: إنه في أقرب وقت تصلني الدراهم متواصلة تلغرافيًّا، ولحد الآن لم ترسلوا لا خطيًّا ولا تلغرافيًّا، وتقول أيضًا: إن كل أولاد قريتنا مستعدون لإرسال الدراهم تحت يدي، فهذا لا يهمني؛ فإن أرسلوا تحت يدي قبضتها وسلمتها لأهلهم؛ خدمة لهم ولا منفعة لي منها؛ لأنني لا أريد أن أنتفع من مال الناس. أما قولك لي: «لا لزوم أن أوصيك في إخواني، والذي يكون مثلك لا يلزم له توصية بمن له.» ففي هذه العبارة صدقت، فمن أوصاني بهم عندما كان ﻗ… يأكل الخبز والعسل وولده يموت جوعًا أمامه، ولكن الله على الباغي فقد مات ﻳ… ولحقه ﻗ… جوعًا.
عتب عليَّ صهرنا بطرس الغلبوني لأنني لم أذكر شيئًا عن ولده، فماذا يريد أن أقول له؟ أرسله سمعان دياب ليحمل له الطحين من جبيل، فقصَّر تحت حمله في «دقار غرفين»، فتركوه هناك وفي الغد مات، ولأمانته لم يمس الطحينات ومات جوعًا. فيا لهف نفسي وحرقة قلبي عليه!
تقول: إن ساسين عاتب عليَّ أيضًا، فما سبب هذا العتب يا ترى؟ يقول: إنني لم أذكر ولده، فهذا غير ممكن. أما قولك عن المرحوم نخلة أبي ضاهر أنه كان يكتب لزوجته ابنة خالتنا عتابًا وقرادي وأشعار، ومن جملة ما كتب لها يذكرها عندما نام وإياها على سطح القبو، وتريد مني أن أعمل مثله، فأنا لا أقدر أن أكون مثل نخلة أبي ضاهر؛ لأن الله — والشكر له — لم يخلقني مثله. أما طلبك كي تقف على أحوال أقاربك، فهذا بمحله، وقد كتبت لك ولساسين وللجميع عن كل شيء، وكان يجب أن تصبر حتى تصل التحارير التالية الواضحة. أما تهديدك لي بأنك تقطع عنى المكاتبة إن لم أكتب لك عن كل شيء، وتكلف بذلك إنسانًا أجنبيًّا وتتكل عليه، فأنا أقول لك: لا فرق عندي كلفت غريبًا أو قريبًا، فواجباتي عملتها، والله لا يضيع أجر المحسنين؛ فإن ضاع الجميل عند العبد فعنده لا يضيع.
بشَّرتني بزواج عزيزي عبد الأحد، فعلى قبالنا وقبالك يا أنطون يا أبرص. إن تحريرك يدل على إخلاصك، فهل أنت مخلص يا ترى؟ فلو كنت مخلصًا كنت بادرت لإرسال الدراهم بدون تردد، ولكنك متردد ولا أعلم لماذا، فقل لي: لماذا؟ فالوقت ليس وقت تأخير؛ فكن ذا رأيٍ ولا تتبع آراء البشر.
عتبت عليَّ وعتبت عليك، فما مضى قد مضى. إخوتك بخير، وابن عمك طنوس أيضًا، والدي وأخي وأختي يهدونك السلام. أخونا أيوب تكلل من شهر ونصف على ابنة فارس طنوس. لم يمت أحد، ولم يَجدَّ عندنا شيء جديد.
لكي تعلم مقدار الجوع اسمع هذه الفاجعة، في ﻣ … يوجد رجل اسمه أ. ط من جوعه في أيام الحرب ذبح ولده وأكل لحمه، ثم ذبح ولده الثاني وعمله قورما، ثم ذبح حماته — واسمها هندية — لأنها كانت ناصحة، فعلمت الحكومة بأمره وسجنته في البترون، ومات بالحمى في الحبس. أتصدق؟
وكفى بذلك برهانًا على المجاعة وعظمها. (سرًّا) كيف مات المرحوم أخوكم إلياس؟ بعد موت المرحوم ابن عمنا، بقي إلياس مدة يكاري على الدابة، نرسله إلى تنورين وبشري لإحضار البطاطا والحنطة، وإلى نهر إبراهيم ونهر الكلب لاستحضار القلقاس والأغلال، وبقينا على تلك الخطة مدة إلى أن توجه مرة لجهة الهري لاستحضار الليمون، فيظهر أنه رأى سمعانية ابنة يوسف أندراوس، وهو — لا أخفي عنكم — كان مولعًا بها على أيام المرحوم والدكم، فرغَّبته بالحضور لشكا، فتوجه هو وتوفة إلى هناك، وبعد أسبوع مرض بالحمى؛ لأنها كانت كثيرة في تلك الجهات ومات، فرجعت توفة وحدها. وكانت الضربة عظيمة عليَّ جدًّا جدًّا، وعند مجيء توفة توجهت والدتي لسؤالها عن إلياس؛ لأنه كان بلغنا أنه مريض، فأخبرتها بموته فتفجعت وبقيت كذلك إلى أن مرضت بالحمى وماتت، وكنا قد استحضرنا لها واكيم بك، فحكم أن المرض انتقل إليها بالعدوى من شقيقتكم توفة. وبعد مدة مرضت توفة بالحمى، فعالجناها وشفيت. أما أُمُّنا فماتت كما ذكرت لكم، فلا تخبر بهذا إلا والدتك فقط، والخاطر لك. هي الحقيقة كتبتها، فاسأل عنها من تريد. أما روحانا فمات بمرض داخلي في بطنه، ووالدكم مات بالإسهال الذي عقبته سكتة وشلل، وحكم واكيم أنه هواء أصفر. أعاضنا الله بطول بقاك يا عزيزي.
أخي أنطون، إن كل أقاربي الذين لهم أهل في أميركا يعيشون أحسن عيشة، وأحسن كسوة، وأحسن أحذية، بينما الناس جياع عراة حفاة، ولا تعربوا أحدًا، فعيشتهم أحسن من الجميع حتى أصحاب التركات الكبيرة. وكل هذا حبًّا بكم، أيها الأعزاء، لأنكم غياب. تطلب مني أن أكتب لك عن كل شيء جرى في لبنان، وأحوال عين كفاع تقتضي لها مجلدات كبيرة. إن شاء الله كل مرة نكتب لك شيئًا منها؛ لأننا لا نقدر على كتابتها دفعة واحدة. هذا ما لزم، ولا تصنع هذه المرة كما صنعت المرة الماضية بكتابتك عن مسألة بيت بشارة سليمان، فأنا لا أحب مخاصمة الناس، وأنتم تطلبون أن نخبركم عن كل شيء؛ فلكي نُخبركم احفظوا السر، ودُمْتم.
أشكرك على ما تكرمت، فمن العب للجيبة.
٤ / ٣ / ١٩١٩
عزيزي أنطون وكنة عمنا العزيزة
بعد سؤال خاطركم، أطمنكم عن لفيف العائلة، فإنهم جميعًا بخير. أما المرحوم ابن عمنا فقد توفي لرحمته تعالى بالفالج في ١٢ كانون الأول ١٩١٦، كما أخبرتكم بمكاتيب عديدة سابقًا، ولم أحصل منكم على جواب واحد. إخوتك وأولادك أقامني عليهم وصيًّا شرعيًّا غبطة السيد البطريرك، فأنفقت عليهم مدة الحرب، وبعونه تعالى لا يزالون أحياء، وعاشوا أحسن من سواهم. أتعجب من تأخيركم بإرسال الدراهم حتى اضطربت أفكاري من نحوكم جدًّا، والآن بعونه تعالى فتحت أبواب سوريا، وانطلقت حرية البحار؛ فأسرعوا بإرسال الدراهم. الأولاد ما زالوا عندي، وقد أنفقت عليهم نحو ١٥٠ ليرة في هذه المدات، وغيرهم باعوا أرزاقهم وماتوا من الجوع.
الخلاصة: أفهمتكم اللازم؛ فأسرعوا بالدراهم، ولولا نجدة الحكومة الجديدة كان مات خلق كثير في هذا العام.
أغلب أهالي القرية أصبحوا بلا أرزاق إلا الذي لا يستطيع التصرف بالأملاك. طمنوا ساسين عن ابنة عمه حوا وولده طانيوس، صحتها جيدة، وليرسل لها دراهم بسرعة. المرسل منه على بنك ألمانيا لم ينقبض لحد الآن. وكذلك طنوس عبود وحرمة خالنا روكس وصابات عبود أهلهم أحياء، والمال المرسل منهم على البنك لم ينقبض حتى الآن، إذا أمكن استرجاعه فليسترجعوه حالًا. من جهة الرهنية قد تحولت لنا، ودفعنا القيمة لأرملة المرحوم بولس عازار، وباقي عليها نحو ١٤٠ ليرة إنكليزية. إذا أردتم إرسال القيمة لنا فلا بأس، إنما أرسلوا مصروف الأولاد قبل كل شيء؛ لأن حياتهم أفضل من الرزق، والخاطر لكم. كتبت لكم جميعًا بهذا الخصوص من ١٨ كانون الأول ١٩١٨ عند فتوح البوستة، ولا أشك في أن تحاريري وصلت لكم ولساسين، ولزوجة خالنا طنوس، ولابن خالنا حنا، ولزوجة خالنا روكز، ولطنوس عبود ولصابات، ولم أترك أحدًا.
ابن بنت خالنا أنطون بطرس توفاه الله، ولو كنت قادرًا على إعاشة أكثر من ١٥ نفسًا ما كنت تأخرت عنه، ولكن ماليتي لم تساعدني على أكثر مما فعلت؛ لأن إخوتك وأولاد خالي طنوس وابن عمك طنوس وغيرهم من الأقارب الأقربين كانوا كلهم عندي. أقدم لهم بمساعدة الله — جل جلاله — ولا يزالون عندي لحد الآن. أنتظر أول جواب منكم بشأنهم.
طمنوا خالتنا فروسينا عن زوجها وعائلتها. خالتنا كرستينا توفت، ونخلة وعائلته ماتوا جميعًا، فأَفْهِموا مريم لا ترسل دراهم لأحد، وكذلك أولاد بشارة سليمان ماتوا جميعًا عدا البنت، فإنها عند خالتها في القدس.
الخلاصة أن مدة الحرب كانت أشنع الأيام علينا، وقى الله شرها ولا أعادها أبدًا. سلامي للجميع. كتبت إلى … ولترسل دراهم لي فأفهموها ذلك.
مارون عبود
بيت بو روفائيل ماتوا جميعًا إلا يوسفية قرياقس وأرسانيوس عبود وأولاده، وحنا عبود ووالدته ماتوا كلهم، بيت ناضر لم يبق منهم إلا يوسف يعقوب وولداه جرجي وديب وشكر الله ناضر، وناضر طنوس وأخوه نخلة، وهؤلاء في القدس.
ابن العم العزيز
بعد القبلة الأخوية والتحية
في طيه إعلان من اطلاعك عليه كفاية، فيجب أن نكون في الموعد المعين والمكان المعين. إن شاء الله، قضيتك مفروغ منها، فاحضر إلى بيروت بعد الاستئذان من حضرة الصديق الجليل الخوري بطرس عقل، الذي أكلفكم بإهدائه أسمى تحياتي.
يمكنك الحضور باكرًا صباح الجمعة أو مساء الخميس. الغاية أن تعمل عملك ولا تعطل عمل المدرسة.
إذا وصلك مكتوبي فاتصل بي تليفونيًّا «لأتطمن» إلى أنك عرفت، وإلا فأضطر أن أخابرك أنا، ولا أعرف إذا كان عندكم تليفون.
حرر على عجل. وفقك الله.
ابن العمة الحبيب٣
قبلات أخوية حارة لك ولإخوتك، واحترامات فائقة للسيدة الجليلة والدتكم. أما شيخنا — أعزه الله وأطال بقاءه — فنلثم راحتيه، ونسأل الله أن يحفظه لنا ذخيرة ثمينة، ولكم أجمعين. أقدم فروض المعايدة والتبريك بالمواسم المقبلة.
أما الطريق التي ذكرتها، فلا يرجى امتدادها «ومن جرب مجرب كان عقله مخرب.»
الشيخ فريد رجل كما تعرفونه كله غيرة وإخلاص، وقد تحدثنا بشأن طريقنا عندما اجتمعنا في أوتيل قاصوف ووعد خيرًا، وفعلًا اهتم للقضية، ثم بعدئذ اجتمعت به عرضًا مع النائب شمعون في السراي الكبير ووعد خيرًا.
صحتي جيدة، ونديم بخير يشاركني تحياتي وتمنياتي الأولى. سأراكم — إن شاء الله — بمروري إلى القرية، إما بعد ظهر الأربعاء ٢٦ الجاري أو صباح الخميس، وإن لم تكونوا فالملتقى بالقرية العزيزة.
وختامًا أقبلكم.
ابن العمة العزيز حنا
قبلات وأشواق وافرة
وبعد، فكيف حال العزيز نسيب؟ بلغني أن ظني بحالته قد تحقق؛ فالحمد لله.
أرجو منك أن تتوجه لمقابلة حضرة الصحافي المحامي سجعان بك عارج بشأن قصيدة لي، نشرتها في جريدته «صدى لبنان» في ربع ١٩٠٩، وموضوعها: سقوط السلطان عبد الحميد، فتفضلوا عليَّ بنقلها عن الجريدة وأرسلوها لي بالسرعة الممكنة.
قبِّلوا عني راحات ابن العمة الجليل — حفظه الله ذخرًا لنا — وختامًا، أصافحكم داعيًا بتوفيقكم.
ابن العمة العزيز
تلقيت كتابك وشكرت لك اهتمامك. من جهة الخواجا فيليب خوري فقد باعنا الورق في ٨ تشرين أول بسعر ١٢٢، هل غلا السعر اليوم؟ الخلاصة: قد أحسنت عملًا بأخذك العشرة آلاف، ولا حاجة إلى استبدالها، وإن شاء الله نحظى برؤيتكم بعد ظهر الاثنين ١٥ الجاري.
الطريق انطوى بحثها بسبب الاضطراب السياسي الحاضر، ومتى هدأت الأمور نعود وتعودون إلى المطالبة.
قبِّلْ عني يدي ابن العمة الجليل، وأهدِ فائق احترامي وتحياتي للوالدة الجليلة والإخوان.
وختامًا أُقبلك، إلى اللقاء.
ابن العمة الحبيب٥
مسألة الطريق، إنني أجاهد فيها حق الجهاد، فعسى أن يرافقنا الحظ مرة في العمر.
الأوراق؛ أي أوراق الطريق، تحت الدرس في أمانة سر الدولة، وحضرة الرئيس — رئيس المدرسة — يسأل عنها كل يوم، واليوم مساءً ذهبت خصيصًا إلى بيروت لمقابلة الدكتور ثابت، فلا أظن إلا خيرًا، وإن حصل ما ليس في الحسبان؛ فسأحملن على هذه الحكومة حملة شعواء، وأرفع أمرنا إلى المندوب السامي، عدا الصحف عربية وإفرنسية. يظهر أن الجماعة لا يؤخذون إلا هكذا. إنهم يريدون التأجيل للعام القادم، ولكني سوف لا ألين.
وغدًا يعود الرئيس ومعه الجواب النهائي، وحين وروده أكتب إليكم، فثقوا أنني لن أحجم عما أقدم عليه، فقووا إيمان الناس، ولكنهم يا ابن العمة كلهم توما لا يؤمنون ما لم يمدوا إصبعهم، فعسانا نطل عليكم قريبًا مع المهندس وحضرة الرئيس ونديم ونقول لهم ما قيل لتوما: كن مؤمنًا لا غير مؤمن …
قد كتبت لسيدي الجليل ابن العمة أخبره خبرنا مع الجماعة، والأمل كبير، ووعدته بأنني أُعرِّج عليه مع المهندس. حقق الله الآمال.
تحياتي واحتراماتي لكنة عمتي وللعزيز نسيب. وختامًا أقبلكم بالاشتراك مع نديم.
ابن العم العزيز، حفظك الله
بعد تقبيل وجناتك والسؤال عن صحتك العزيزة، عسى أن تكون حائزًا على تمام الصحة والعافية. أما نحن، فالحمد لله مع الأولاد بكل صحة. قبِّلوا عنا أيدي سيدي الوالد وطمنوه عنا، وأهدوا سلامنا لوالدتكم. كيف حال محمد ونظير؟
من جهة بنت خالنا مسيحية، قد قابلنا الدكتور فغالي فقال: إنه لا يرى العملية موافقة، بل أنْ يعالجها بالأدوية، ويقول: إن الأطباء كثيرًا ما أضروا النساء بالعمليات. فعليه إن الفغالي يحضر إلى عاليه في آخر آيار أو أوائل شهر حزيران، وفي ذلك الوقت نكتب لكم حتى ترسلوا لنا معها كتابًا من المكتب. خبِّرونا إذا كان المفتاح عندكم؛ لأنه غير موجود هنا. الخلاصة: بعد الموسم تحضر.
في المرة الماضية كلَّفنا زخيا، ابن خالنا، حتى يرسل للبيت لوازمه، والآن متى خلصت المونة عرِّفونا.
هل وصلت الحميرا لعندكم؟ إذا وصلت ومرض أحد من الأولاد بها؛ فإياكم أن تطعموه غير الحليب حتى تطلع عليه، وإياكم أن تتركوه يشوف الهواء. وعند طلوع الحميرا، يُعطى زوم العدس ولا يطعم إلا الحليب حتى يصحَّ. وبعد طفو الحميرا «خالص» بأربعة أيام، يُعطى أكلًا خفيفًا مثل رز بحليب وغيره، وإياكم أن تتركوه يشوف الهواء إلا بعد ثلاثة أسابيع من تاريخ نومه. انتبهوا لكل ما أوصيكم به.
وفي الختام، أُقبِّلكم، وأدعو بتوفيقكم، واسلَموا لابن عمكم.
ابن العم العزيز جناديوس
بعد تقبيل وجنتيك، وإهداء التحيات لوالدتك وبنت خالنا وابن خالنا، لا نوصيك بشيء؛ فأنت لا تحتاج إلى وصية بأولاد أختك.
أخبرك أني بكل صحة، وكذلك ابن أختك نديم، الذي يسلم عليكم كثيرًا. أهدوا سلامنا لوالدتكم، ولبنت خالنا، ولأنطون وعائلته، وللجميع.
طمنوا كاترين عنا، وأهدوها وإخوتها جزيل السلام والتحيات. سلموا على كل الأقارب. كل مرفع وأنتم بخير.
نخبرك أن الحكومة وضعت في الميزانية الجديدة خمسة آلاف ليرة لمد الطريق من غلبون إلى عين كفاع، فإلى دير مار يوسف. بشِّروا أهالي القرية بذلك ليُسرُّوا ويفرحوا.
أرجو أن تخبرني عن سعر الزيت الطيب عندكم، وإذا كان بإمكانكم تدبير تنكتين لحد الثلاثة من عندكم، وإلا حتى ندبر عازتنا من هنا.
الخلاصة: جاوبونا عن هذا، ودمتم بخير.