كيف سيسقط القمر؟
كان على الشياطين جمعُ معلومات كافية عن الأقمار الصناعية وعن الشركات المصنِّعة لها … والشركات المسئولة على الإطلاق ومحطات الإطلاق وموقعها …
وكان عليهم التعرُّف على مجموعة العاملين في هذه الشركات … لبحث إمكانية زرع عملاء بينهم … أو كسب صداقة بعضهم.
إلا أنهم وجدوا أنفسهم يُبحرون في بحرٍ خضمٍّ.
فلدى الشركات خططٌ لتصنيع وإطلاق حوالي ألف قمر صناعي خلال الخمسة أعوام القادمة.
وكانت حركةُ العمل في مكاتب التصميم في هذه الشركات … ومعامل الاختبار وورش التصنيع … لا تهدأ … أما ما عرفوه عن الأقمار فكان كثيرًا …
أهمُّه هو وسيلة بقاء القمر في مداره …
وكانت هذه النقطة بالذات هي مثارُ النقاش الذي دار بين «أحمد» وبقية الزملاء حين سألَته «ريما» قائلة: أليست الجاذبية الأرضية سببَ بقاء القمر الصناعي في مداره؟
أحمد: هي سبب بقائه وعدم بقائه!
ريما: كيف؟!
أحمد: لولا الجاذبية الأرضية لضاع القمر في الفضاء …
إلهام: لأن لا شيء يُمسكه؟
أحمد: نعم … ولكن هذه الجاذبية لن تتركَه يدور في مداره … بل ستجذبه إلى أسفل.
إلهام: وما الذي يُبقيه في مداره؟
عثمان: أستطيع أن أُجيبَكم على هذا السؤال …
أحمد: قُل يا «عثمان» …
عثمان: إن حركة دوران القمر حول الأرض … هي التي تُبقيه في مداره … فإذا بطُؤَت هذه الحركة … تغلَّبَت عليه قوةُ الجذب الأرضية.
ريما: تقصد أن للقمر موتورًا يحرِّكه؟
عثمان: بالطبع لا … بل هو مزود بخزان للغاز … به غاز يسمَّى «الهيدروزين» يُطلقه كلما بطؤَت حركتُه … فيُعطيه قوةَ دفع جديدة.
إلهام: هل هو السبب في بقاء القمر١٥ عامًا في مداره؟
أحمد: نعم …
ريما: لقد فهمتُ خطتك.
مصباح: وأنا …
واختلطَت أصوات الشياطين يُعلنون فهمهم لخطة «أحمد» … بعد ما عرفوه عن خزان «الهيدروزين» …
وكان «بو عمير» يجلس بجوار «أحمد» … فحادثَه في أُذُنه … وكان يُتابعه «قيس» الذي قرأ ما يدور على وجهَيهما فقال لهما: لقد عرفتُ ماذا دار بينكما …
فابتسم «أحمد» وقال له: أعرف مدى ذكائك يا «قيس».
وأثار هذا الحوارُ غيظَ «ريما» … فقالت ﻟ «أحمد» في انفعال رقيق: تتحادث أنت و«بو عمير» همسًا … ويقول لك «قيس» إنه يعرف ما تتحدثان عنه … فهل يُخبرني أحدٌ منكم عمَّ تتحدثون؟
عثمان: أنا أخبركِ!
ريما: من فضلك …
عثمان: إنهم يتحدثون عن خطة «أحمد».
إلهام: الجميع قد عرفها …
أحمد: لا أعتقد …
ريما: هل أخبرك ما نعرفه؟
أحمد: من فضلك …
ريما: سنعمل على تفجير خزان «الهيدروزين» …
أحمد: لا … لن يكون هناك تفجير …
اختلطَت أصوات الشياطين … مستفسرين عن الخطة الحقيقية التي تدور في رأس «أحمد».
فرفع يدَيه يطلب منهم أن يلتزموا الهدوء … ويُعطوه فرصةً للحديث …
وبعد أن ساد القاعةَ صمتٌ مطبق تحدَّث «أحمد» قائلًا: تذكرون أننا كنَّا رافضين لفكرة تفجير الصاروخ الذي سيحمل القمر …
وقد درَستُ هذه الفكرة جيدًا …
ووجدت أن رفضَكم لعملية التفجير … رفضٌ مريح …
ريما: لماذا؟
أحمد: للخسارة التي ستقع على الشركة المسئولة عن وضع القمر في مداره … ثانيًا: لأن هذا الصاروخ سوف يحمل قمرًا ثانيًا غير القمر المقصود …
عثمان: ولكننا عدلنا الفكرة من تفجير الصاروخ إلى تفجير خزان «الهيدروزين».
أحمد: سيؤدي هذا لنفس الأضرار.
عثمان: هذا إذا فجرناه قبل وضع القمر في مداره …
أحمد: أنت تقصد تفجيره بعد وضع القمر في مداره؟
عثمان: نعم …
أحمد: كيف؟! إنها عملية معقدة وغير مضمونة … وقد تؤدي لإصابة أقمار أخرى في نفس المدار …
إلهام: إذن حان الوقت لتُكلِّمَنا عن خطتك …
أحمد: إنها تدور حول خزان الهيدروزين أيضًا …
ريما: ولكن دون تفجيره؟!
أحمد: نعم … دون تفجيره …
وتحدَّث «خالد» لأول مرة قائلًا: هل ستغير نوعَ الغاز بالخزان؟
أحمد: هذه واحدة …
ريما: والثانية؟
أحمد: أن نُفرغ الخزان …
إلهام: سيكتشفون ذلك من خلال قراءة عداد ضغط الغاز …
أحمد: سنضبط العداد على قراءة كاذبة.