خطة الاختطاف!
كان من الضروري تحديد الهدف بدقة … لضمان نجاح المهمة …
وكان الشياطين مرهقين للغاية … وقد يؤدي ذلك إلى نتائج غير جيدة.
إذن فقد طلب منهم رقم «صفر» أن يقضوا ما تبقَّى من الليل بعيدًا عن العمل …
على أن يلتقوا صباح اليوم التالي لاستكمال مناقشة الخطط الموضوعة … استعدادًا للانطلاق.
ورغم حساسية الشياطين للمهمة … واتقاد عقولهم … ورغبتهم الشديدة للوصول إلى تحديد نهائي لشكل العملية …
إلا أنهم امتثلوا لأوامر رقم «صفر» … فهو المايسترو الذي قادهم إلى النجاح في كلِّ عملياتهم السابقة … وهو مرجعهم في كلِّ كبيرة وصغيرة … وقد لخصَت ذلك كله «ريما» … حينما قالت بفمها الصغير الرقيق … كلمة خرجَت من قلبها الصغير أيضًا: إنه الزعيم …
ولأن الزعيم يحب هذا … فقد اجتمعوا في حديقة المقر بين هامات النخيل الشاهقة وأحضان جذوع الأشجار الكثيفة الخضرة … تحملهم مقاعدُ البامبو المتناثرة هنا وهناك … وتتوسطهم مائدةٌ مستديرة محمَّلة بأكواب الشاي تسبح فيها أعوادُ النعناع الأخضر … ويتصاعد منها بخارُ الماء … مكوِّنًا سحابات صغيرة شاهقة تتلون بألوان الأضواء الساقطة عليها من المصابيح المدلاة من جذوع الأشجار فتصنع جوًّا غايةً في الجمال والروعة … سبح معه بعضُ الشياطين مستغرقين في تأمل صامت وانهمك بعضُهم في حديث مرح بريء.
غير أن «ريما» لاحظت أن «أحمد» قد اتخذ له مقعدًا نائيًا عنهم … متخفيًا في غزارة أوراق شجرة …
فاقتربَت منه في حذر … فرأَت بين يدَيه جهاز الكمبيوتر المحمول … موصلًا على تليفونه المحمول أيضًا … فعرفَت أنه على الشبكة …
فابتعدَت في هدوء … وتركَته يُتم ما يصنعه … وعادَت إلى زملائها تقول هامسة: أين «أحمد»؟
إلهام: أنت تعرفين يا «ريما» …
عثمان: هل كل هذا لأنكِ عرفتِ خبرًا ما عنه؟
امتقع وجهُ «ريما» ونظرَت له بحدة للحظات … ثم انفجرت قائلة: لو سمحت لا تتكلم معي بهذه الطريقة …
وكانت «إلهام» تراقب ما يحدث … وعلى وجهها ابتسامة جزلى … وعندما شعرت أن الأمور توتَّرَت بينهما … آثرَت أن تتدخل قائلة: أنتِ تعرفين يا «ريما» أنه يداعبك …
ولم ترتَح «ريما» لهذا الكلام وقالت في غضب: لستُ صغيرة لكي يداعبني بهذه الطريقة … إني عضو مثله في المنظمة.
ورأى «قيس» أن يتدخل ليُهدئ من حدة الحوار، فقال لها: أنتِ لم تحترمي فضولي يا «ريما» … ولم تُخبرينا بما عرفتيه عن «أحمد».
ارتاحَت قسماتُ «ريما» … وانفرجَت أساريرها … وقالت له: لقد رأيته يمارس عمله على الكمبيوتر المحمول …
مصباح: هل معه التليفون المحمول؟
ريما: نعم … وموصل بالكمبيوتر …
إلهام: إذن هو على الشبكة.
ولم يلحظ أحد أن «أحمد» كان يقف بين جذوع الأشجار … منتظرًا للحظة … يُفاجئهم فيها.
وقد حانت اللحظة … وظهر عليهم فجأة من بين جذوع الأشجار قائلًا: وكيف عرفتم أني على الشبكة …
ثم نظر إلى «ريما» مبتسمًا، وقال: إنها القطة السيامي … هي التي تعرف كلَّ أخباري …
إلهام: هل كان معك أحد على الشبكة؟
أحمد: نعم … إنه «بيتر» …
عثمان: عبقري الإنترنت؟
أحمد: نعم … وقد أوحى لي بأفكار جيدة …
وعلينا الاستعداد للسفر فورًا …
قيس: إذن فهناك جديد عرفتَه …
أحمد: ما رأيكم في لعب دور الدوبلير؟
عثمان: تقصد أن نختطف أحد الخبراء … ويحلُّ أحدُنا محلَّه؟
أحمد: وهو متنكر …
إلهام: يجب أن يُشبهَه جيدًا … لأن الكمبيوتر لا يُخدَع.
خالد: لا … من الممكن خداع الكمبيوتر …
إلهام: كيف؟
خالد: بالكمبيوتر …
أحمد: إنك تتحدث لغة عالية جدًّا …
قيس: وأنا أحب لغته … ما رأيك يا «بو عمير»؟
بو عمير: أنا متفق معكم … ولكن كيف ستخدعون الكمبيوتر بالكمبيوتر؟
قيس: لأنه هو الذي سيقوم بعملية التنكر …
أحمد: وعندي أخبار جيدة لكم في هذا المجال.
خالد: ما هي؟
أحمد: معامل المقر توصَّلت لكمبيوتر ماهر جدًّا في مجال العلاقات العامة …
ريما: هل لديك مشروع سياحي؟
عثمان: إنك لا تحبين التعليقات التي لا تُفيد.
أحمد: أرجو أن تدعَ الردَّ لي يا «عثمان» … ثم توجَّه إلى «ريما» قائلًا: هذا الكمبيوتر ماهر في إقامة علاقات سريعة مع أيِّ جهاز كمبيوتر آخر!
خالد: إنك تتحدث الآن لغة عالية جدًّا!
قيس: الآن يحقُّ لي أن أفخر بوجودي بينكم.
إلهام: وكيف سنستفيد من قدراته؟
أحمد: عند أي بوابة في معمل أو شركة … لا تستطيعين المرور إلا بموافقة جهاز الكمبيوتر … الذي يقرأ بطاقتك الأمنية … وبصماتك … واهتزاز صوتك … وإما أن يسمح لك بالمرور … أو لا يسمح …
قيس: وهذا الجهاز سوف يقرأ كود الأمان في الكمبيوتر … ويدخل على البرنامج الخاص به ويسجل مواصفات الشخص الذي نريد له أن يمر … أليس كذلك؟
أحمد: نعم …