لقاء غير متوقع!
قضى «أحمد» الساعات الباقية من الليل أمام جهاز الكمبيوتر في مركز معلومات المقر …
كان لديه الكثير عن الخطة والخطط البديلة …
والكثير عن تكنولوجيا المعلومات … وبرامج الكمبيوتر التي سيستعين بها في تنفيذ خطته ولم يكن أمامه متسعٌ من الوقت …
فرقم «صفر» سوف يلتقي بهم في صباح اليوم التالي …
وما إن حان ميعاد نومه … حتى أغلق جهاز الكمبيوتر …
ونهض واقفًا وهو يشعر بالتعب …
وفي غرفة نومه … انبعثَت الموسيقى الهادئة بمجرد دخوله إليها …
وما إن استبدل ملابسه … وارتمى على السرير …
حتى انطفأَت الأنوار …
إلا من نور باهت يبعث على الاسترخاء.
ما إن تأمله «أحمد» … وهو مصغٍ للموسيقى …
حتى غلبه النوم …
وفي صباح اليوم التالي … دبَّ نشاط مبكر غير عادي في المقر …
فرقم «صفر» على موعد مع الشياطين …
حيث سيَعقد معهم اجتماعًا في التاسعة صباحًا.
وقبل الميعاد بدقائق …
كان الشياطين يتوافدون على القاعة …
وعندما أعلنَت إشارات ساعة الحائط تمامَ التاسعة …
أُضيئَت الشاشة العملاقة في صدر القاعة …
وانغلق الباب الرئيسي والصغير …
وأعلن شعار المنظمة الذي ملأ الشاشة عن بدء الاجتماع.
ثم اصطفَّت الخطوط البيانية …
لتُعلن أن رقم «صفر» يجلس الآن بينهم.
ثم تردَّد صوته بين جنبات القاعة … قائلًا: صباح الخير عليكم …
ولم ينتظر ردَّ تحيته بل استطرد قائلًا: رغم أني طلبت منكم الاسترخاء …
إلا أني علمت أنكم واصلتم العمل …
ريما: كان «أحمد» السبب يا زعيم.
رقم «صفر»: لذلك فإني أدعوه لأن يُخبرني لماذا فعل ذلك.
وإلى ماذا توصل.
أحمد: أنا كنت في حالة استرخاء كما طلبت منَّا يا زعيم …
وأثناء ذلك قمت بالاتصال ﺑ «بيتر» على موقعه في الشبكة.
رقم «صفر»: «بيتر» عبقري الإنترنت؟
أحمد: نعم … وقد تطرق الحديث بيننا إلى عملية زرع العميل …
رقم «صفر»: أي أنك لم تُخبره بشيء عن العملية؟
أحمد: لم يحدث يا زعيم … وقد ذكرني هو بدور البديل كما كان يحدث في عمليات التجسس بين الدول الكبرى.
رقم «صفر»: هذا لن يتمَّ إلا باختطاف أحد العاملين بالمعمل … وزرع شبيه له.
أحمد: ذلك ما قررناه.
رقم «صفر»: إن التأمين الإلكتروني سيجعل هذه العملية شبهَ مستحيلة.
أحمد: سنستعين بما توصَّل إليه علماء المقر.
رقم «صفر»: أتقصد الكمبيوتر الذكي؟
أحمد: نعم …
رقم «صفر»: هل لديك معلومات الآن عمن ستخطفه؟
أحمد: لا … ولكني سأبدأ العملية من موقعها …
رقم «صفر»: هل حددت موقعها؟
أحمد: نعم … فرانكفورت ﺑ «ألمانيا الغربية».
رقم «صفر»: لماذا «فرانكفورت» بالذات؟
أحمد: لقد عرفت أن قمرًا صناعيًّا تام الصنع … تم شحنه إلى شركة هناك لتقوم بتطويره …
رقم «صفر»: وتطويره هذا يعني تعديله ليكون القمر الجاسوس؟
أحمد: نعم …
رقم «صفر»: ومَن سيسافر إلى «فرانكفورت»؟
أحمد: أنا و«إلهام» و«قيس» و«خالد» …
رقم «صفر»: إذن استعدوا للسفر صباح الغد …
ستصلكم أوراقكم مساء اليوم … وفَّقكم الله.
انطفأَت الشاشة … وأظلمَت القاعة للحظات …
قبل أن ينفتح بابُها الرئيسي الكبير … والباب الجانبي الصغير، وتُرفع الستائر عن النوافذ … ليغمر القاعةَ ضوءُ شمس الصبح يُبدِّد ظلمتها.
وفي صباح اليوم التالي … كانت الطائرة تُقلُّ الشياطين الأربعة من مطار القاهرة … إلى مطار «فرانكفورت» في «ألمانيا الغربية» … حيث تقع ناطحة السحاب التي يقصدونها على نهر «الماين» …
والتي توجهوا إليها بمجرد مغادرتهم المطار … حيث كان في استقبالهم أحد المصريين المولد الألماني الجنسية السيد «فرنر» …
وكان «فرنر» يعرف الشياطين جيدًا … فقد التقى بهم كثيرًا في «مصر» التي يزورها بشكل منتظم وفي «ألمانيا» أيضًا … حيث عاونهم في إتمام مهام لهم هناك.
وقد بدَا عليه أنه سعيد جدًّا لرؤيتهم.
وعند ناطحة السحاب التي تقع فيها شقتهم … طلب منهم أن يسبقوه بالصعود حيث سيُتم هو بعض الأعمال … ثم يلحق بهم.
تقع الشقة في الدور الأربعين … ومع ذلك لم يشعروا أن المصعد قد صَعِد بهم أكثر من عشرة أدوار لسرعته وانسيابية حركته.
وعندما غادروا المصعد … كان مصعدٌ آخر قد توقف … ونزل منه مجموعة من الرجال مختلفي الجنسيات … يتحدثون بجدية شديدة وسرعة … وأحدهم كان منفعلًا … عندما رآه خالد توارى خلف «إلهام» التي لاحظت ذلك … فلم تتحرك من مكانها … حتى اختفوا في منحنى بآخر الممر …
ودون أيِّ تعليق … أكملوا هم سيرهم، حتى وصلوا إلى باب شقتهم.
فقام «أحمد» بوضع بطاقته الأمنية في فتحة بجوار الباب …
فأصدر الباب صفيرًا متقطعًا … ثم انفتح.