الفصل الثاني عشر
كان تامر جالسًا في مكتبه حين أعلنَه وكيل المكتب بحضور شخصٍ واضح أنه مُحترم اسمه الدكتور وائل نعمان، فأمره تامر أن يسمح له بالدخول.
شخصية تُرغِم رائيها على الإجلال والاحترام، يلبس في أناقة، وقور، وبيدِه حقيبة من جلد التمساح، وقدَّم نفسه لتامر: الدكتور وائل نعمان.
– يا مرحبًا، دكتور طبيب؟
– بل دكتور في الآداب من السربون.
– أهلًا وسهلًا شرُفت. وفيمَ نلتَ الدكتوراه؟
– كانت رسالتي عن أثر الأدب الفرنسي في الأدب العربي.
– موضوع شَيِّق وعظيم، هل طُبِعت الرسالة؟
– الجامعة أمرَتْ بطبعها.
– أرجو أن يكون لي حظُّ قراءتها.
– يُسعدني كلَّ السعادة أن يقرأها شخص له ثقافتك وشُهرتك.
– المُحاماة هي عملي، أما هوايتي فهي الأدب.
– ليس هذا مُستغربًا عليك.
– أنا تحت أمرك، من الذي نصحك بتشريفي؟
– أنا طبعًا حين فوجئتُ بأن أرضي اغتُصبت ذهبتُ إلى أكبر مُحامٍ في مصر.
– أنت إذن قادم من عند أستاذنا رشدي فاضل؟
– الذي اغتصَب أرضي من بلدكم، وحين عرف رشدي بك ذلك أرسلني إليك.
– لا بدَّ أنه المرحوم أبو سريع علوان.
– وابنه لُطفي.
– ما القضية؟
– قطعة أرض لي بالسيدة زينب مساحتها ألفا متر مُربَّع غبتُ عنها سنوات دراستي الست، وعُدت وجدتُ الأرض قد اغتُصِبت وبحثتُ وتبيَّنتُ الحقيقة الفاجرة.
– أمر ليس مُستغربًا على الوالد أو ابنه.
– هذه أوراقي أتيتُ بها معي لا مجال للشكِّ فيها أو المناقشة حولها.
واستطاع تامر أن يكشف جميع أعمال التزوير والاحتيال التي ارتكبها المرحوم أبو سريع وابنه لطفي، وصدَر الحكم بسجن لطفي عشر سنواتٍ مع مصادرة جميع أمواله وأموال أُسرته بلا استثناء.
وسبحان الملك القدوس الذي قال في كتابه العزيز: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا صدق الله العظيم.
السبت ١١ من جمادى الأولى سنة ١٤١٨ﻫ
الموافق ١٣ من سبتمبر سنة ١٩٩٧م
الساعة الخامسة وخمسون دقيقة