في أن الحمق غريزة
عن أبي إسحاق قال: إذا بلغك أن غنيًّا افتقر فصدِّق، وإذا بلغك أن فقيرًا استغنى فصدِّق، وإذا بلغك أن حيًّا مات فصدق، وإذا بلغك أن أحمق استفاد عقلًا فلا تصدق. عن أبي يوسف القاضي قال: ثلاثٌ صدِّق باثنتين ولا تصدِّق بواحدة، إن قيل لك إن رجلًا كان معك فتوارى خلف حائط فمات فصدِّق، وإن قيل لك إن رجلًا فقيرًا خرج إلى بلدٍ فاستفاد مالًا فصدق، وإن قيل لك إن أحمق خرج إلى بلد فاستفاد عقلًا فلا تصدق.
قال جعفر بن محمد: الأدب عند الأحمق كالماء في أصول الحنظل، كلما ازداد ريًّا زاد مرارة.
قال المأمون: تدرون ما جرى بيني وبين أمير المؤمنين هارون الرشيد؟ كان لي إليه ذنب، فدخلت مسلِّمًا عليه فقال: اعزب يا أحمق. فانصرفت مغضَبًا ولم أدخل إليه أيامًا، فكتب إليَّ رقعة يقول:
فسرت إليه فقال: إن كان الذنب لنا فقد استغفرناك، وإن كان لك فقد غفرناه. فقلت له: قلت لي: يا أحمق، ولو قلت لي: يا أرعن؛ كان أسهل عليَّ. فقال: ما الفرق بينهما؟ قلت له: الرعونة تتولد عن النساء فتلحق الرجل من طول صحبتهن، فإذا فارقهن وصاحب فحول الرجال زالت عنه، وأما الحمق فإنه غريزة. وأنشد بعض الحكماء: