سطيحة راشيل، وأﺣ…
مثل قط ينطُّ السلالم، درجة، درجة، وهي خلفه تارة، وقدامه أخرى، مثل قطة تنطُّ درجة، درجة … السلالم المؤدية إلى السطح درجات معدودة، تصعدها لتدلِف بعدها مباشرة إلى سطح البيت. البيت السفلي ذو الحجرات الأربع، متوسط العُلوِّ، لذا قلتُ لها دائمًا حين تطلب مني الحضور إلى بيتنا، والصعود خاصة إلى السطيحة لنلعب، أن علينا أن ننتبه كثيرًا ونحن نصعد الدَّرج، فهو صعيب، صعيب، يا …
كانت تحضر غالبًا في العصر، والدار هامدة؛ أمي راقدة أو في إحدى زياراتها، وأبي يحكم في المحكمة، والخادمة تصقل الأواني، وأنا أبقى سيد المكان، وسيد اللعبة، أيضًا. تظل حذِرة، وإن تصنَّعت اللامبالاة، هي التي تلحُّ على مطلب اللعب، وكلما وجدنا الغفلة، إلا في يوم السبت المحرم عليها بتاتًا. أبوها الإسكافي يعود متأخرًا من ورشته، وأمها دينا تبقى مُكبَّة على ماكينة الخياطة إلى أن يعود زوجها نسيم. تُغافل البنت أمها، فتتسلَّل منفلتة من الباب الخارجي، نصف الموارب دائمًا.
لم تكن لي ساعة، إلا نبض قلبي يدق وكأنه يتحسس وقت مغادرتها، ووشك وصولها، وحين يكاد يطفر من جوفي أكون واقفًا بالباب فأراها مُقبِلة من نهاية الزقاق ركضًا، إلى أن تضع يدها في يدي، فأسحبها عابرَين السطوان، عند نهايته مدخل السلالم، مثل قط أنط فوقها، درجة، درجة، وهي من خلفي تارة، وقدامي أخرى، مثل قطة تنط درجة، درجة.
حين نصبح في السطيحة، يدها في يدي، ولا نجرؤ أن ننظر إلى بعضنا إلا خلسة، إذا تضامَّت نظراتنا تورَّد وجهها، وصعد قلبي إلى جوفي، والغميضة هي لعبتنا، ومن فضح صاحبه قبل الآخر، فاز! فاز بقُبلة أطبعها على خدها أو تضعها على جبيني، وأنا أريد أن أضمَّها، ولا أعرف ماذا أفعل بها، لا أعرف!
بعد أعوام، وكان نسيم ودينا قد رحلا من القصبة، مع مَن رحلوا من الدار البيضاء إلى تلك البلاد التي كانت عربية، ومعهما رحلت ابنتهما را… بعد عُمرٍ كنت أهمُّ بدخول متاجر «ليغاليري لافاييت» بباريس، صادفتني امرأة، لا أرشق ولا أجمل. بين دخولها وخروجي صُعقنا في منتصف العبور؛ عيناي في عينيها، في عيني، دقَّ قلبي بذلك النبض القديم. خلتها هي، فهل خالتني أنا هو؟ في منتصف الطريق بقينا واقفَين في زمن كأنه دهرٌ ستتلوه دهور، يدُها إليها، ويدي مرتعشة غير ممدودة، إلا كلمة واحدة فلتت، مني، أم منها، تكهرب لها جسد المرأة الأرض، الأجمل.
– هل أنتِ راشيل …؟!
– وهل أنتَ أﺣ…؟!