مراحل، وأنماط، وأجيال
في الماضي، لم يكن توثيق تجارِب المرأة سائدًا مثل تجارِب الرجل. وحيث إن النساء لم يَتولَّيْنَ في الماضي حُكْمَ دولٍ أو إشعالَ الحروب، لم يصل إلينا الكثير عن تجارِبهن الحياتية، بما في ذلك اهتماماتهن وأعمالهن الخيرية. لحُسن الحظ، أصبح من المعروف اليوم أن المرأة تُقدِّم عطاءً مميزًا في مجال العمل الخيري، وأصبح من المهم أن نأخذ بعين الاعتبار إمكاناتها، وصفاتها القيادية، وتجارِبها الحياتية، وكيفية تأثير كل ما سبق على عطاء المرأة. يتم حاليًّا توثيق حياة النساء، وفي الغالب يحدث ذلك من خلال أعمالهن الخيرية.
وينطبق المفهوم نفسُه على مَن يسعَوْن للحصول على المِنَح، فإذا استطاعوا أن يجربوا حياة المرأة ليومٍ واحد، فسيساعدهم ذلك على فهم حياتها والعوامل التي ساعدتها على أن تنضم إلى قطاع المانحين، وأن تستمر في تقديم العطاء، في هذا الوقت تحديدًا. قد تشمل حياة المرأة اليوم الانفصال عن الزوج، أو أن تصبح زوجةً ثانيةً أو ثالثة، أو أن تشهد رحيل زوجها عن الحياة. ومن العواملِ الأخرى الواضحةِ الخلفيةُ العائلية، والحالةُ الاجتماعية، والأبناء، والوظيفة، والعمر. وبالإضافة إلى ذلك، ثَمَّةَ بعض العوامل الأخرى الخفية إلى جانب العوامل الواضحة.
وفي هذا الفصل سنحاول استعراض ثلاثة جوانب عامة هي: مراحل المرأة الحياتية، وأنماط الحياة، والأجيال.
(١) مراحل المرأة الحياتية
- الرعاية: تختلف المرحلة التي تمر بها المرأة التي تقوم بتنشئة الأطفال عن تلك التي تشهدها المرأة التي بلغ أبناؤها بالفعل، والتي قد تتولى بدلًا من ذلك رعاية والدَيْها المسنَّيْن. وعلى الرغم من ذلك، تتصف المرأة في مرحلتَي الرعاية بالانشغال. غالبًا ما يكون الأطفال محور اهتمام أمهاتهم، وتستمتع المرأة عمومًا بالحديث عن أبنائها. وعلى الجانب الآخر، الحديث عن الآباء المسنين أو الاهتمام بالزوج المريض ليس بالأمر الممتع (كما أنه لا يحظى بتشجيعٍ اجتماعي). ورغم ذلك، ينبغي الإشارة إلى جميع حالات الرعاية في أي حوارٍ هادف.
- استقبال هبات الحياة: ينتمي عدد من الشابات إلى عائلاتٍ ثرية، وقد نشأن في رغدٍ من العيش ويُدركن أهمية المال، وعلى درايةٍ كاملةٍ بمعاناة الآخرين بسبب عدم توافر احتياجاتهم الأساسية، وقد غرس فيهن آباؤهن نوعية القِيَم التي يستخدمنها الآن لتشكيل المجتمع. هؤلاء السيدات متعطشات للعثور على قضايا نبيلةٍ وتحويل العالم إلى مكانٍ أفضل، فيُجرِّبن حلولًا جديدة ويُنشئن أعمالًا ريادية مما وَرِثْنَه. وحيث إنهن غير راضياتٍ عن الوضع الراهن، فمن الصعب على المنظمات غير الربحية التقليدية اجتذاب هؤلاء السيدات. إنهن يَسعَيْنَ إلى الإصلاح، ويساعدن على تغيير المنظمات غير الربحية فيما يحاولن تغيير العالم.
- التوازن: كل سيدةٍ تعمل في وظيفةٍ ولديها أسرة تحاول دائمًا تحقيق التوازن بين وقت العمل ووقت عنايتها بمنزلها، والوقت الذي تقضيه مع أسرتها ووقتها الخاص؛ إذا كان هناك أي وقتٍ متبقٍّ. تحتاج المرأة إلى الحصول على المعلومات سريعًا، ومن المرجح أن تسعى للحصول عليها من الأصدقاء وأفراد الأسرة. عادةً ما تثق المرأة في أصدقائها؛ فليس هناك ما هو أكثر فاعليةً من اقتراح إحدى السيدات قضيةً بعينها على واحدةٍ من صديقاتها. ومن المرجح أن تأتيَ هذه الوسيلة بردَّةِ فعلٍ أقوى من أي رسالة بريدٍ مباشِرةٍ تتلقاها السيدة يومًا ما. وقد وجدت شو-هاردي أن هذه النظرية صحيحة عندما أسست حلقة العطاء في ميشيجان؛ حيث لم يكن عليها حتى أن تدعوَ الأُخْرَيَات للانضمام إليها؛ فقد يسَّرت حماستها وثقة صديقاتها مهمتها إلى أقصى حد، ووافقت الغالبية على الانضمام دون أن يُطلب منهن ذلك.
- صُعود السُّلَّم المهني: إذا كانت المرأة تشغل منصبًا إداريًّا في أي شركة، أو مؤسسةٍ غير ربحية، أو تمتلك عملها الخاص، يمثل ظهورها وجذبها للأنظار أمرًا هامًّا لنجاحها. وعلى الرغم من أن تلك المرأة لا تزال تستخدم قلبها عندما يتعلق الأمر بالعمل الخيري، فهي تلجأ إلى استخدام عقلها كذلك. تعلم هذه المرأة جيدًا مدى أهمية شبكات التواصل وأن تكون موجودة في موقع الحدث ومع الجماهير؛ ما يعني كونها جزءًا من ثقافة العمل الخيري في مجتمعها. قد تكون تلك المرأة مهتمةً بتولِّي مناصب قيادية، وقد تكون جزءًا من حملةٍ كبرى أو من حملةٍ لجمع التبرعات. لا تساعد جميع هذه المواقف على زيادة ظهورها فحسب، بل وتسلط الضوء على شركتها وأعمالها ومؤسساتها غير الربحية كذلك.
- العش الفارغ: عندما يغادر الأبناء المنزل بعد زواجهم، هذا هو الوقت الذي تسعى فيه نساءٌ كثيراتٌ إلى التواصُل مع غيرهن، ويُظهرن اهتمامهن بالقضايا على نحوٍ مباشر، كما يصبحن أكثر نشاطًا من الناحية السياسية وأكثر ظهورًا بوجهٍ عام. لم تَعُدْ تلك المرأة تخشى مناصرة قضيةٍ ما، وطرح الأسئلة الصعبة، وتولِّي مخاطر الأعمال الخيرية. لا ريب أن الاستثمار والحصول على العائد المادي أمر هام، ولكن الأهم من ذلك هو محاولة الحصول على إجابات. في هذه المرحلة من الحياة، تعلم المرأة جيدًا أنه من الوارد ألَّا تنجحَ جميع الاستثمارات، إلا أنها على استعدادٍ للمجازفة بدعم القضايا التي تعالج مشكلاتٍ اجتماعيةً هامة.
(٢) أنماط الحياة
- المرأة الرياضية: على عكس المرأة في القرن الماضي، أصبحت المرأة اليوم معتادةً على المشاركة في ممارسة الرياضة، بل أصبح ذلك متوقعًا منها. ويحث المجتمع كبار السن من النساء على الاشتراك في الأندية الصحية ولعب التنس والجولف، واتباع نمط حياةٍ رياضي. وعلى الجانب الآخر، اعتاد العديد من الشابات المشاركة في النشاط الرياضي بمرحلة الدراسة الثانوية أو الجامعية. وعلى الرغم من أنهن لم يحافظن على القدرات نفسها، فإنهن ما زلن يدعمن النشاط الرياضي وخاصةً رياضات السيدات. وقد تساهم السيدات الأكبر سنًّا في أنشطة الماراثون، أو مسابقات الثلاثي الحديث، أو مسابقات المشي، أو بطولات التنس، وفِرَق الجولف. وتعي هؤلاء السيدات جيدًا فوائد الالتزام الرياضي، ويرغبن في مساعدة الأخريات على اتباع النهج نفسه من خلال دعم البرامج الرياضية في مجتمعاتهن المحلية ومؤسساتهن التعليمية.
- المرأة الاجتماعية: كَوْن المرأة عضوًا في نادٍ ريفيٍّ راقٍ لا يعني جهلها بالعمل الخيري، ولكن من المهم أن نأخذ في الاعتبار أن نموذج العطاء الذي قد يروق لها سيكون له علاقة بالعمل مع الأخريات، مثل حلقات العطاء والفعاليات الخاصة. عادةً ما تُقبل المرأة على تنظيم الفعاليات في النادي الريفي التابع لها أو منزلها. أما في حالة كونها امرأةً غير عاملة، فلا ريب أنها تدعم زوجها على المستوى الاجتماعي؛ فينعكس عملها الخيري عليه بالتبعية.
- المرأة المستقلة: غالبًا ما لا تشعر المرأة المستقلة بالتوافق مع البيئة المحيطة بها؛ ما يكون في الأغلب الأعم مصدرَ فخرٍ لها. وهي لا تخشى التعبير عن رأيها والمشاركة بفاعلية في الأنشطة ودعم القضايا، حتى إنها قد تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك والتظاهر للدفاع عن القضايا التي تتفاعل معها أو ضدها. وتنجح هذه المرأة، على أقل تقدير، في جمع التوقيعات على الطلبات التي تنادي بتغيير القوانين. ولا تستهويها الأنشطة الجماعية إلى حدٍّ كبير، وإن كانت تدعم الدفاع عن القضايا وتستهويها السياسة. ويمكنك أن تجتذب المرأة المستقلة إلى العمل من خلال تقديم قضيةٍ تؤيدها داخل المؤسسة، على ألا ينطويَ ذلك بالضرورة على عملٍ جماعي.
- الناشطة: تُشبه المرأة المستقلة إلى حدٍّ بعيد؛ حيث تدعم الناشطة القضايا التي تنطوي في الغالب على عملٍ اجتماعي وتُعزِّز العدالة الاجتماعية. وتهتم هذه المرأة كذلك بالتنوع والبيئة المحيطة، وعادةً ما تكون نشطةً جدًّا في مجتمعها، أو ربما كانت كذلك في مرحلةٍ ما من مراحل حياتها. تمتاز الناشطة بطبيعتها القيادية، كما تؤدي جيدًا ضمن فريق، وتتسم بالتحفيز، ويمكن الاعتماد عليها لدعم قضيةٍ ما على النحو الأمثل. ومن الضروري أن تظل الناشطة مشغولةً طوال الوقت، والمفتاح الرئيسي لمشاركتها هو أن ترى أن ما تفعله له أثر ملموس.
- المرأة المستهلكة: حيث إن المرأة المستهلكة غالبًا ما ترتدي وتستخدم أحدث ما تُنتجه الماركات التِّجارية، يجب أن يكون الوصول إليها من خلال ربط المنتَج بالقضية. لا يُعزى السبب وراء ذلك في كَوْنها غير مُلمة باحتياجات المجتمع والعالم، إلا أن الاحتكاك بتلك الاحتياجات من خلال التسوُّق يصنع معها المعجزات. عند النظر إلى عدد يونيو للأعمال الخيرية في مجلة تاون آند كانتري، سنجد أن العديد من الأغراض المعلن عنها يساهم بجزءٍ من عائداته لصالح بعض القضايا، بدءًا من رعاية المشرَّدين ووصولًا إلى رعاية الفنون. وتشمل الأغراض المعروضة للبيع المجوهرات، والأطعمة، والخمور، والملابس. بالنسبة إليها، يمثل التسوُّق هواية، ومعرفة أن جزءًا من المال الذي تُنفقه سيذهب لصالح عملٍ خيريٍّ قد يكون بمنزلة ذريعةٍ ومحفزٍ لها في الوقت نفسه.
- المرأة الروحانية: قد تكون هذه المرأة ملتزمةً للغاية بشعائرَ دينية، أو امرأةً ذات نزعاتٍ روحانيةٍ خاصةٍ وفريدةٍ من نوعها. في الأساس، ترغب المرأة الروحانية بشدةٍ في أن تشعر بأنها تؤدِّي عملًا خيريًّا مؤثرًا على الصعيد الشخصي، كما أنها تهتم بمحاولة تحويل الأحوال إلى الأفضل بالنسبة إلى الآخرين وفقًا لعمق التزامها الديني، ولكنها لا تلتزم بالضرورة بتغيير حياة الآخرين. في كثيرٍ من الأحيان، تشعر هذه السيدة بالسعادة بالعمل في مطعمٍ لتقديم الحساء للفقراء، أو في مكانٍ ناءٍ بالعالم كمُبشِّرة. لكي تصبح هذه السيدة جزءًا من مؤسستك، عليك أن تستشعر في البداية عمق معتقداتها الدينية والروحية.
- المرأة الجديرة: حالما تركز هذه السيدة الثرية على قضيةٍ ما تجعل حياتها جديرةً بالاهتمام، تصبح شخصيةً نابضةً بالحياة. قد تُصادف أمرًا يثير اهتمامها أثناء زيارة مدينةٍ أخرى؛ فينتهي بها الأمر برعاية سيداتٍ ممن يزاولن مِهَنًا حرفية، أو تعثر على قضيةٍ فريدةٍ في الحي الذي تحيا به. في أي موقف، تُشبه تلك النوعية من السيدات إلى حدٍّ كبيرٍ السيدات المحسِنات اللاتي كُنَّ يزاولن العمل الخيري في الماضي. وكل ما ترغب فيه تلك السيدة هو أن تجد منظمةً غير ربحيةٍ أو برنامجًا ما ليصبح هو شغفَها. على المنظمات التي تسعى لمشاركة هذا النوع من السيدات أن تعرف ما يُفكِّرن به وتسألهن عن آرائهن، كما ينبغي عليها أن تدرك أن تلك النوعية من السيدات ترغب في أن تكون في موقع الريادة في المجال الذي تدعمه بالتمويل.
(٣) أجيال
غالبًا ما تتشكَّل المرأة وفقًا للجيل الذي وُلدت فيه؛ فتجتمع تجارِب الطفولة، وعلاقتها بأقرانها، وكل ما تملكه من قِيَم لتُشكِّل تاريخها الثقافي. هناك العديد من الاختلافات المثيرة للاهتمام فيما بين الأجيال؛ ما يؤثر على طريقة عطاء أفرادها.
(٣-١) تحليل الأجيال
في الغالب، يسهل معرفة الفرق بين الأجيال من خلال النظر إلى الشخصيات النسائية الشهيرة في كل جيل؛ على سبيل المثال، من خلال النظر إلى الفارق ما بين كلٍّ من باربرا بوش (مواليد ١٩٢٥)، ونانسي بيلوسي (مواليد ١٩٤٩)، وميشيل أوباما (مواليد ١٩٦٤)، وتينا فاي (مواليد ١٩٧٠)، وتشيلسي كلينتون (مواليد ١٩٨٠)، ومايلي سايرس (مواليد ١٩٩٢). دون شك، جميعهن من السيدات اللاتي يمتلكن العديد من المزايا الفريدة المشتركة التي تمت مناقشتها في الفصل الرابع، إلا أن ما ينتمين إليه من أجيالٍ غالبًا يبدو واضحًا في علاقاتهن الزوجية، ونهج الأبوة، واختيارهن لمِهَنهن، وبالتأكيد في اختياراتهن في مجال العمل الخيري.
وفيما يتعلق باستنتاجاتنا: لن تكون النتائج مقتصرةً على الأجيال فحسب، بل ستتميز بالشمولية كذلك. وبالنسبة إلى كل جيل، سوف تكون هناك دائمًا اختلافات واستثناءات.
(٣-٢) المرأة التقليدية
غالبًا ما كانت السيدات اللاتي ينتمين إلى جيل البرنامج التليفزيوني الشهير «الأب يعرف الأفضل»، الذي كان يُعرض في خمسينيات القرن العشرين، من مواليد الفترة ما بين ١٩١٥ حتى ١٩٣٠، يَبقَيْن بالمنزل لرعاية أسرهن بينما يخرج الزوج لممارسة عمله. وقد بدا أن العديدات منهن كُنَّ راضخاتٍ لحُكْم أزواجهن، على الرغم من أن العديد منهن أثَّرن على نتاج الأسرة أكثر كثيرًا مما كانت تراه أو تقر به أسرهن.
ثَمَّةَ مفردتان تصفان سيدات هذا الجيل على أفضل نحو، وهما: «الحفظ» و«الحافظات»؛ فقد تأثرت سيدات هذا الجيل بعمقٍ بالكساد الكبير؛ ما أسفر عن خوفهن من فقْد أموالهن؛ ومن ثَمَّ أصبحن شديدات الحرص اقتصاديًّا. كانت سيدات هذا الجيل يشعرن بمسئولية الحفاظ على أموالهن وتوريثها لأطفالهن.
لم تكن معظم سيدات هذا الجيل من السيدات العاملات اللاتي يأتين بدخْل للأسرة، فيما عدا مَن الْتحقن بوظائف خلال فترة الحرب العالمية الثانية، وحتى هؤلاء لم يستمررن في عملهن وعُدْنَ إلى وضعهن السابق كرباتِ بيوتٍ بمجرد عودة أزواجهن بعد الحرب؛ ولهذا السبب، كن يخشَيْن أن يبدأن من الصفر، ويَمِلْنَ أكثر من سيدات الأجيال السابقة إلى الخوف من أن يتحولن إلى سيداتٍ مُشرَّدات.
في الوقت الراهن، أصبح جزء كبير من السيدات التقليديات من الأرامل أو يتولين رعاية أزواجهن الذين يعانون من أمراض. من غير المحتمل أن تتعامل سيدات هذا الجيل مع أموال أسرهن بوصفها أموالهن الخاصة، إلا إذا شهدن تجرِبةً حياتيةً مؤثرةً مثل الوفاة أو الطلاق، وفي الغالب سوف يستمر عطاؤهن للقضايا نفسها نتيجة إحساسهن بالمسئولية تجاه أزواجهن وعائلاتهن. بالإضافة إلى ذلك، لا ترغب سيدات هذا الجيل في الغالب في الحصول على تقديرٍ مقابل ما تمنحه من عطايا، ما لم يكن هذا التقدير باسم عائلتها أو تقديرًا لزوجها؛ لأنهن لا يشعرن بمِلْكيتهن لهذه الأموال.
لا ريب أن هناك دائمًا استثناءاتٍ لكل قاعدة؛ فعلى الرغم من افتقاد العديد من سيدات هذا الجيل لوجود القدوة في حياتهن، فقد نجحن في رسم طريقهن الخاص لتقديم العطايا والهبات بطريقتهن الخاصة. من الأمثلة المعروفة على السيدات التقليديات، ساندرا داي أوكونور، ومارجريت تاتشر، وباربرا والترز، والملكة إليزابيث الثانية، وباربرا بوش، وأدريان ريتش، وجوديث كرانتز، وجوان وودوارد، وبيتي فورد، ومايا أنجلو.
المرأة التقليدية والعمل الخيري
إشراك المرأة التقليدية في العمل الخيري
-
«تَفهَّمْ تردُّدَ السيدة في التبرع بالأموال خلال حياتها، واقْتَرِحْ عليها كتابةَ وصية»: بسبب خوفها من نفاد أموالها خلال حياتها، تميل سيدات هذا الجيل إلى تحرير الوصايا. يجب مساعدتها على التوصُّل إلى القضايا التي تُثير اهتمامها، ثم وضع برنامج لتنفيذ هذه القضايا من خلال تحرير وصية.
-
«اقْتَرِحْ عليها تقديمَ هِبَة سنوية خلال حياتها»: إذا وافقَت المرأة التقليدية على مبدأ تحرير وصية، فاقترح عليها تقديم هبة سنوية بالقيمة نفسها الناتجة عن الوصية. اشرح لها أنها سوف تستمتع بفرحة العطاء خلال حياتها وسوف تكون قادرةً على مشاهدة مآل وصيتها في نهاية المطاف. إذا ذهبت الهبة إلى منحةٍ دراسية، فسوف تحظى بفرصة مقابلة الطلاب الذين حصلوا على المنحة.
-
«حافِظْ على الاتصال»: أصبح معظم السيدات التقليديات من الأرامل، أو أوشكن أن يصبحن كذلك. على المؤسسة أو المنظمة أو الشخص الذكي الذي عمل مع تلك الفئة من السيدات فيما كان زوجها على قيد الحياة أن يستمرَّ في الاتصال بهن بعد وفاة أزواجهن. بعد وفاة الزوج، يُفقد العديد من الهبات لأن الاتصال مع السيدة كان ضئيلًا أو غير موجودٍ على الإطلاق خلال حياة الزوج.
-
«اتَّصِلْ بأفراد عائلتها»: حيث إن السيدات التقليديات يؤدين دور الحافظات لأموال الأزواج، وتريد أن تضمن لورثتها أكبر قدرٍ من الفائدة، فإن الاتصال بهن أمر ضروري. سيرغب ورثتها في كثيرٍ من الأحيان في حثِّها على أن تُقدِّم شيئًا باسمها كي تشعر بسعادة العطاء وهي لا تزال على قيد الحياة.
-
«تقديرها والامتنان لكل ما حققتْه خلال حياتها»: على الرغم من أن سيدات هذا الجيل قد لا يذكرن ذلك، إلا أنهن قد شهدن بالتأكيد بعض التمييز ما بين الجنسين خلال حياتهن. إذا كان ذلك ملائمًا، يجب إظهار التقدير لمشوار كفاحهن، وعرض سُبُل تحويلهن إلى قدوة، مع مساعدة من يَوْدَدْنَ الاقتداء بثمار تجارِبهن.
(٣-٣) نساء وقت الذروة
قد يكون تأثير الحرب العالمية الثانية على هؤلاء السيدات بمثابة القدوة التي كُنَّ يحتجن إليها، حتى ولو كان هذا التأثير لفترةٍ قصيرةٍ نسبيًّا. نشأ هذا الجيل وهو يرى السيدات يغادرن المنزل ويعملن في المصانع الحربية، ومكاتب وزارة الدفاع، وما إلى ذلك، مؤدياتٍ مهامَّ الذكور الذين ذهبوا إلى الحرب. وبالطبع، عندما عاد الذكور إلى أماكن عملهم، عادت النساء أيضًا إلى منازلهن. ومع ذلك، وفَّر هذا الموقف الإلهام لمعظم نساء وقت الذروة؛ حيث رأين حدود إمكاناتهن خلال السنوات العشر الأولى من حياتهن؛ فقد شاهدن النساء يعملن خارج المنزل ويرعَيْن أُسرهن في الوقت نفسه.
كان هذا الجيل هو أول من عايش تجرِبة تفكُّك الأسرة بسبب الطلاق، ووجدت نساء كثيرات أنفسَهن مجبراتٍ على الالتحاق بالوظائف، سواءٌ كنَّ مستعداتٍ أم لا. كان على هؤلاء السيدات أن يتعلمن كيفية إدارة الأموال؛ ومن ثَمَّ أصبحن من أُولَيَات السيدات اللاتي يخضن غمار العمل الخيري بأنفسهن.
غالبًا ما تتردد نساء وقت الذروة في الاعتراف بوجود اختلافاتٍ بين الرجال والنساء، بعيدًا عن الاختلافات الجسدية. ولكن مع تقدُّمهن في العمر، استطعن أن يتفهَّمن أنه لا ضَيْرَ من الاعتراف بحقيقة وجود اختلافاتٍ بين الرجل والمرأة. وتشعر هؤلاء السيدات بالفخر لما حقَّقنَه من الإنجازات في عالمٍ يسيطر عليه الرجال، ويرغبن في مساعدة الشابات الصغيرات على إحراز النجاح.
تدعم نساء وقت الذروة العملية التعليمية؛ وهو ما يرجع إلى كونهن من أُولَيَات من التحقنَ بالجامعة في عائلاتهن؛ فقد شهدت المرأة بنفسها مزايا التعليم الجامعي، وربما تكون قد التقت بزوجها في مرحلة الجامعة. وربما حصلت على وظيفةٍ في وقتٍ مبكرٍ من حياتها، أو في وقتٍ لاحقٍ بعد أن انتهت من تنشئة أطفالها.
من خلال جهودهن في العمل التطوعي أو في مهنةٍ مدفوعة الأجر، مهدت نساء تلك الحقبة الطريق لعددٍ كبيرٍ من الفرص لبناتهن وحفيداتهن (على الرغم من عدم الاعتراف بمجهوداتهن أو الإشادة بها)، كما يحرصن على التأكد من أن الفرصة متاحة للأجيال المقبلة. وغالبًا ما تُقبل هؤلاء السيدات على تقديم الدعم للمنظمات التي تُقدِّم تلك الفرص للنساء الشابات.
وقد غفل العديد من المنظمات غير الربحية عن معظم نساء هذا الجيل، بسبب التسمية السابقة التي أُطلقْت عليهن، وهي جيل أيزنهاور أو الجيل «الصامت». ولكن نساء هذا الجيل كُنَّ بعيداتٍ كلَّ البُعد عن الصمت. من شخصيات هذا الجيل على سبيل المثال: جلوريا ستاينم، وديانا سوير، وروث بادر جينسبرج القاضية بالمحكمة العليا الأمريكية، وعضوتا مجلس الشيوخ ديان فينشتاين وباربرا بوكسر، ودونا شالالا، ومارثا ستيوارت، وجولدي هون، وجين فوندا. نجحت هؤلاء السيدات في إعادة تعريف مفهوم المرأة واستعرضن نجاحاتهن في جميع المجالات المالية والسياسية، بالإضافة إلى نجاحاتهن في تنشئة أسرهن.
نساء وقت الذروة والعمل الخيري
أمعنت آنَّا كيت هيب — إحدى الناشطات في مجال العمل الخيري في جرينفيل، بولاية ساوث كارولينا — الفكرَ في العمل الخيري الذي تقوم به والمؤسسة الخيرية الصغيرة التابعة لأسرتها. وتقول هيب إن الكساد الاقتصادي في عام ٢٠٠٨ جعلها تفكر مَلِيًّا فيما تُقدِّمه، وقرَّرت أن تبدأ بكتابة القضايا التي تثير اهتمامها بالفعل؛ ونتيجةً لذلك استطاعت أن تخطط جيدًا لعملها الخيري وتركز على اهتماماتها. وتقول هيب: «أشعر بالسعادة كَوْني أستطيع الآن أن أُقدِّم ما أرغب فعليًّا في تقديمه في مجال العمل الخيري.»
خلال تلك التجرِبة، اكتشفت هيب أن بعض القضايا التي ساندتها تحولت إلى شغفٍ لدى أبنائها؛ فلم تَعُدْ تدعم تلك القضايا، بل أورثتها للجيل التالي. وبعد أن قلصت مساهمتها وأوقفت العطايا الضئيلة، وجدت هيب ما وصفته بأنه «تطور مثير للاهتمام»، وهو المجالات الثلاثة التي تهتم بها حقًّا، وهي: تعليم المرأة، والفنون، والبيئة.
بعد سنواتٍ من العمل في المجالس واللجان، إما لاعتقادها بأنه ينبغي عليها أن تفعل ذلك أو لأنها كانت تنوب عن شخصٍ ما، أو لأنها ببساطةٍ أرادت أن تمد يد العون، تقول هيب إنها تعمل الآن في المجالس التي تعالج أحد المجالات الثلاثة السابقة. ويشمل ذلك الجامعة التي تخرجت فيها، جامعة ماري بولدوين كوليدج في ستانتون، فيرجينيا، حيث كانت عضوة في المجلس لمدة ٢٥ عامًا وشاركت في رئاسة حملةٍ بلغت قيمتُها ٤٢ مليون دولار في عام ١٩٩٠. في ذلك الوقت، منذ ثلاثين عامًا، لم تكن هيب تخاطب الأزواج للحصول على العطايا، وتقول: «كنت أعلم أن علينا التواصل مع الزوجات لا الأزواج.» وتضيف هيب أن شغفها الرئيسي يتعلق بتعليم المرأة؛ حيث تُقدِّم لجامعتها أكثر كثيرًا مما يُقدِّمه زوجها للجامعة التي تخرَّج فيها. في الوقت نفسه تضيف هيب: «لطالما كنا شريكين، وكان كلٌّ منا كريمًا تجاه القضايا التي يدعمها الآخر.»
وتضيف قائلة: «على الرغم من أن تفكيري تجاه قضايا المرأة كان عفويًّا، فإن معظم ما قدمتُه من أعمالٍ خيريةٍ كان في هذا المجال.» واستطاعت حدائق بروكجرين في موريلس إنلت، بولاية ساوث كارولينا، أن تُحقِّق آمال هيب في المجالات الثلاثة التي تثير اهتمامها (المرأة، والفنون، والبيئة)، وهي عضوة في مجلس إداراتها. إن العديد من المنحوتات الموجودة في الحدائق من أعمال النساء، وتفسر هيب ذلك بقولها: «يستهوي الجمالُ المرأةَ كما يستهويها الإبداع. وإذا ما تناولنا البيئة والفنون، فسنتمكَّن في نهاية المطاف من معالجة المكونات الرئيسية التي تهمنا جميعًا في العالم.»
إشراك سيدات وقت الذروة في مجال العمل الخيري
يجب وضع هذه الأفكار في الاعتبار عند التعامل مع سيدات تلك الحقبة:
-
«تهتم المرأة من تلك الحقبة بكسر كل ما هو تقليدي في مجال العمل الخيري، سواءٌ وسائله أو برامجه»: لقد مهدت تلك المرأة الطريق، وما زالت، أمام غيرها من النساء. وتشبه سيداتُ تلك الفترة سيداتِ جيل الطفرة أكثر من أمهاتهن اللاتي ينتمين إلى الطراز التقليدي. وقد شهدن التغيرات الجذرية في العالم في فترة طفولتهن الهادئة، وكذلك الفوضى السائدة في الوقت الحاضر. لا تخشى هؤلاء السيدات من المخاطرة بعضَ الشيء بعطائهن، كما أنهن يَقُدْنَ مشروعاتٍ رائدةً في العمل الخيري.
-
«تُقدِّم هؤلاء السيدات الدعم للمؤسسات القائمة بالفعل، ولكنها تفضل البرامج الجديدة والمميزة والتي تعالج مشكلات المجتمع»: تُفضِّل المرأة من تلك الحقبة أن تكون على صلةٍ بالقضية الْمَعْنِيَّة، ويكون العمل الخيري بالنسبة إليها بمثابة حملة لجمع التبرعات، وتحديدًا جمع التبرعات. فكيف من المتوقَّع أن تؤثر إسهاماتها في المنظمة أو المؤسسة على كيفية حل القضايا الاجتماعية؟
-
«ترغب سيدات هذه الحقبة في مساعدة الأجيال التالية من النساء»: أولًا، حدد البرامج الموجودة بالفعل أو القضايا المتعلقة بالنساء والفتيات في مؤسستك، ثم تَقدَّم إليها لطلب المساعدة. غالبًا ما تكون المرأة غير مُدرِكةٍ للبرامج التي تُقدِّمها المؤسسات، مثل رعاية الأطفال داخل الحرم الجامعي. وعلى الرغم من أن الأمر يستغرق الكثير من الوقت والتنسيق بين الموظفين، يجب أن تدرك أنها قد تكون مهتمةً بتوجيه الشابات أو الموظفات داخل المنظمة بنفسها، كما قد تكون على استعدادٍ لطلب المال من صديقاتها، لا سيما إذا كانت مرتبطةً بقوةٍ بالمؤسسة غير الربحية.
-
«كان هذا الجيل هو الأولَ من حيث التأثير على عملية اتخاذ القرارات الزوجية»: فبما أن هذه المرأة تؤمن بأهمية صوتها وبأنها تقف على قدم المساواة مع الرجل، ولأنها تُقدِّم العطايا بنفسها، تهتم المرأة بالحصول على التقدير لما تُقدِّمه من هبات؛ فهي تريد أن تحصل على التقدير الملائم لمجهوداتها، وأن يوضع اسمها بالطريقة التي تروق لها. (انظر الفصل السادس لمزيد من المعلومات عن أهمية تقدير الهبات.) من الممكن أن نضع عمل الزوجين في اللجان معًا في الاعتبار.
-
«عند دعوة الزوج، وهو مقدم للمنح، يجب دمج هذه المرأة في الحوار، ما لم يُطلَب عكس ذلك صراحة»: إذا تجاهلتَ الزوجة في حوارات العمل الخيري فمن غير المرجَّح أن تواصل عطاءها إذا أصبحت أرملة.
-
«اقترح تقديم هباتٍ مُجمَّعة»: تُفضل سيدات هذا الجيل تقديم الهبات المجمعة عوضًا عن القيام بدور «المتبرع الأوحد.» وقد يكون من المناسب أن تشترك مع ثلاث أو أربع سيدات أخريات لتقديم المنح.
(٣-٤) سيدات جيل الطفرة
تمثل هذه المجموعة المذهلة من السيدات، مواليد الفترة من ١٩٤٦ حتى ١٩٦٤، الجيل الأكبر والأفضل تعليمًا في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. تعلم هؤلاء السيدات جيدًا أنهن يمتلكن مقاليد الأمور؛ ومن ثَمَّ فهن جديرات بالاستماع إليهن.
وقد أثَّر التليفزيون كثيرًا على تلك الطائفة من النساء في مرحلة نضجهن: حرب فيتنام، والاحتجاجات أثناء الحرب، واغتيال كنيدي ومارتن لوثر كينج، وحركة الحقوق المدنية؛ ونتيجةً لكل ما سبق، اتسمت نساء هذا الجيل بالمثالية؛ ومن ثَمَّ طالبن بالتغيير. في الواقع، لم تكتفِ هؤلاء السيدات بالتغيير الذي حدث حتى الآن في العالم، ولحُسن حظنا، يتمثل محور اهتمام هذا الجيل بالقضايا الهامة مثل الاستقلال الاقتصادي للمرأة، والبيئة، والعدالة الاجتماعية. ويمكن القول بأن سيدات جيل الطفرة يعلمن جيدًا أنهن مرتبطات بالقضايا العظيمة؛ ومن ثَمَّ يطالبن بالاهتمام.
وعلى الرغم من أن اهتمامهن ينصبُّ على حل القضايا الكبرى في عالمنا اليوم، لا يمكن القول بأن اهتمام سيدات جيل الطفرة لا ينصبُّ على دعم القضايا التقليدية التي يتوجه إليها عطاء المرأة مثل التعليم والفنون. إلا أن عطاء سيدات جيل الطفرة يختلف نوعًا ما عن عطاء الجيلَين السابقَين. على سبيل المثال: من المرجَّح أن يُظهرن دعمهن لمعرض يُصوِّر نساءً ملوناتٍ أكثر من دعمهن لمعرض يصور زوجات رؤساء سابقين.
تطالب سيدات جيل الطفرة كذلك بأن يكون لهن حق الْمُساءلة بشأن الأموال التي يتبرعن بها؛ فهن ينظرن إلى عطائهن بوصفه استثمارًا، ويرغبن في التأكد من أن أموالهن تُصرَف بحكمةٍ وتؤدِّي إلى إحداث تأثير.
فيما تميل السيدات التقليديات وسيدات جيل الذروة إلى التعاون مع أزواجهن لأداء العمل الخيري، بدأت سيدات جيل الطفرة نهج العطاء بعيدًا عن أزواجهن. تُبدي هؤلاء السيدات استعدادهن لتقديم العطاء للمؤسسات الضخمة، ولكن باحتماليةٍ أقلَّ مقارنةً بالنساء التقليديات. ولا تجد هؤلاء السيدات غضاضةً في الحصول على التقدير العلني إذا كان يخدم صالح المنظمة. ومثل جميع النساء، ترغب سيدات هذا الجيل في المشاركة الفعلية قبل تقديم العطاء.
لا يصعب العثور على سيدات جيل الطفرة؛ حيث يعملن في مجالس المدن، ولجان المقاطعات، والمكاتب الحكومية والوطنية، وتستعدُّ هذه الفئة من السيدات للترشح لمناصب أعلى. وحيث إن سيدات جيل الطفرة تخرَّجنَ في كليات الحقوق بأعداد قياسية، أصبحن يشغلن مقاعدَ قضائيةً في المجالس المحلية ومجالس الدولة وعلى المستوى الوطني، كما أنهن في مقدمة الصفوف في مجال العمل الخيري. ومن أبرز سيدات هذا الجيل هيلين لاكلي هانت، وسوزان أليس بافِت، وتراسي جاري، وميليندا جيتس، وشيلا جونسون.
العمل الخيري لسيدات جيل الطفرة
كانت شيريل روزن ويستون طفلةً مثاليةً من مواليد ستينيات القرن العشرين. وُلدت شيريل في شيكاجو، وعملت كاتبةَ محكمةٍ لصالح الشركة التي كانت تُمثِّل آبي هوفمان وجيري روبن خلال نظر قضية «شيكاجو سيفن». حصَلتْ شيريل على تجرِبةٍ حياتيةٍ شخصيةٍ أكثر من قريناتها، إلا أن هذه التجربة كانت تُمثِّل ما يعرفه الكثير من أبناء جيلها؛ ألا وهو أن هناك العديد من القضايا الطويلة المدى التي تحتاج إلى إيجاد حلول، ومن الممكن إحداث التغيير بسهولة، وبوسعنا أن نُحقِّق ذلك. وتقول شيريل: «كانت حركة الحقوق المدنية تَجري حولنا على قدمٍ وساق، ولم يكن من الممكن أن تكون غيرَ مُدركٍ للظلم الاجتماعي الواضح، خاصةً عندما تحيا في مدينةٍ كبيرةٍ مثل شيكاجو. أعتقد أننا شعرنا خلال الستينيات بالإحباط والعجز؛ فلقد شاهدنا اغتيال جون وبوبي كينيدي ومارتن لوثر كينج، ورأيْنا الناس يُقتلون في فيتنام على شاشات التليفزيون ليلًا. وكان من الطبيعي أن يبدأ الشباب في التساؤل عما يمكنهم أن يفعلوه.»
كان التحوُّل من العجز إلى القدرة على إحداث التغيير سريعًا للغاية بالنسبة إلى العديد من مواليد الستينيات، وكانت ويستون إحداهن؛ إذ تقول: «علَّمتْني فترة الستينيات أننا يجب أن نتولى مسئولية مجتمعنا، سواءٌ على الصعيد العالمي أو في الحي المجاور وحسب. وإذا كنا نمتلك إمكانية تقديم المساعدة المادية، فعلينا أن نفعل ذلك.» ويمثل العمل الخيري بالنسبة إلى ويستون عاملًا مهمًّا لأنها تؤمن بإمكانية استخدام العمل الخيري لإحداث التغييرات، سواءٌ كان التغيير عبر اتحاد الحريات المدنية ودفاعه المستمر عن حقوق الإنسان، أو اتحاد ماديسون اليهودي وبرامج الإغاثة الدولية والخدمات الاجتماعية التي يرعاها، أو جامعة ويسكونسن-ماديسون؛ حيث حصَلت على شهادتها في القانون.
تعمل ويستون أستاذةً بكلية الحقوق، كما تتولَّى منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لأكبر شركةٍ تمتلكها سيدة في ويسكونسن، وهي شركة دوجلاس ستيوارت؛ أكبر موزِّع لمنتجات الكمبيوتر المستخدَمة في مجال التعليم. حصلت ستيوارت على الشركة في إطار تسوية الطلاق من زوجها الذي كان يدير أعمال عائلته خلال فترة زواجهما. وبما أن ويستون تولَّت منصب نائب الرئيس والمستشار العام للشركة، فقد كانت على درايةٍ بكل شيء. وفي عام ٢٠٠٧، وصلت مبيعات شركة دوجلاس ستيوارت إلى ٣٠٠ مليون دولار، وأصبح يعمل لديها ١٥٠ موظفًا، كما قامت بافتتاح شركةٍ تابعةٍ لها في أوروبا. وتقول ويستون إنها ترغب في تشجيع موظفيها على العمل الخيري؛ حيث تُقدِّم تبرعاتٍ مساويةً تمامًا لأي تبرعاتٍ يقدمونها إلى المنظمات غير الربحية. يُدار البرنامج في صورة حملة من حملات منظمة «يونايتد واي»؛ وقد وضعت ويستون حدًّا للميزانية بالفعل، ولكنها تزعم أنها لم تصل إليه قط.
وعلى الرغم من أهمية العمل الخيري بالنسبة إلى ويستون، فإنها لا تقوم به دون محاسبة. دائمًا ما تؤكد ويستون على أنها تُحمِّل أي منظمةٍ مسئوليةَ ما تم تقديمه من مساعدات خيرية. وتقول ويستون: «أرغب دائمًا في التأكد من أن المنظمة تُدار مثل الشركة، وأعلم جيدًا كيف تُدار الشركات.»
وتضيف قائلة: «شهدتُ خلال حياتي جميع أشكال التحوُّلات والانعطافات، وانتهى بي الأمر بمواردَ ماليةٍ أكثر مما كنت أظن أنني سأحصل عليه في أي وقتٍ مضى. لا شك أنني شهدتُ خلال حياتي زيادةَ تركيزِ الأفراد على الأشياء المادية. وإذ نواجه تحديات الاستدامة، مثل انعدام الأمن الغذائي وتغيُّر المُناخ، غالبًا ما يتساءل الناس إن كان الحصول على احتياجاتهم الأساسية هو ما يجب القيام به. لا أشعر بالارتياح في تكديس الأموال، ودائمًا ما أجد نفسي مضطرة للتعبير عن قِيَمي من خلال العمل الخيري.»
إشراك سيدات جيل الطفرة في العمل الخيري
-
«غالبًا ما تكون أُسَر سيدات جيل الطفرة قد وصلتْ إلى مرحلة النضج؛ ولذلك فهذا هو الوقت الملائم»: فهذه المرأة على استعدادٍ للالتزام بقِيَمها ورؤيتها لتصبح أحد أفراد العمل الخيري المخلصين. اقضِ بعض الوقت في مجموعات المناقشة واستمعْ إلى هذا الجيل من السيدات محاولًا استكشاف شعورهن تجاه مؤسستك، ولمساعدتهن على استكشاف قِيَمهن الشخصية الخاصة ورؤيتهن. (هناك مقترحات خاصة بعقد مجموعات المناقشة وطرح الأسئلة في قسم الموارد بنهاية الكتاب.) ولأن التعاون أمرٌ مهمٌّ لهن، أكِّدْ لهن أنهن شركاء في المنظمة، ووفِّر لهن وسيلةً للمشاركة.
-
«تستحق سيدات جيل الطفرة الاحترام لمعرفتهن قيمة المال، خاصةً بعد تجاوز أطفالهن مرحلةً معينة، أو لو كان أطفالهن في مرحلة الدراسة الجامعية»: غالبًا ما تكون هؤلاء السيدات على درايةٍ بالأمور المالية ويمكنهن أن يقرأن كشوف الميزانية. تنظر هؤلاء السيدات إلى المؤسسة بوصفها استثمارًا؛ ومن ثَمَّ فهن يرغبن في الحصول على عائدٍ من هذا الاستثمار ويُرِدْنَ التأكُّد من أن استثماراتهن تُدار على النحو الأمثل. يجب معاملة هذه النوعية من السيدات بثقةٍ واحترامٍ مع تقديم معلوماتٍ مفصلةٍ عن ميزانية المنظمة وتفاصيلها المالية. احرص دائمًا على إعلام المرأة بأحدث نتائج ما قدَّمتْه من عملٍ خيريٍّ للمنظمة. تَعلَمُ تلك الفئة من السيدات، وخاصةً من يعملن خارج المنزل، أهميةَ جمع التبرعات لمنظمةٍ يؤمنون بعملها. كل ما ينبغي عمله هو عرض التحدي عليهن، ثم استرخِ واستمتعْ بمهاراتهن ونجاحهن.
-
«تفكر سيدات جيل الطفرة في الإرث الذي سيتركْنَه»: فهنَّ يشعرن بالامتنان لما قدمتْه لهن أمهاتهن ويرغبن في التأكُّد من أن قِيَمهن سوف تُمرَّر إلى الأجيال التالية. ترغب سيدات هذا الجيل في أن يتجاوز عطاؤهن فترة حياتهن. يمكن التفكير في البرامج المستمرة على مدى عددٍ من الأجيال، وتحديدًا بالنسبة إلى السيدات الأصغر سنًّا المنتميات إلى أُسَر سيدات جيل الطفرة، سواءٌ كنَّ من بناتهن أو حفيداتهن أو بنات أخواتهن.
-
«استطاعت سيدات جيل الطفرة أن تتولَّى مهامَّ متعددةً في حياتهن المهنية والمنزلية، ويفكرن على نحوٍ شامل»: ترغب تلك الفئة من السيدات في الوقوف على كافة تفاصيل البرامج ورؤية الصورة كاملة.
-
«ما زالت سيدات جيل الطفرة يَتُقْنَ إلى التغيير»: احرص على تهيئة الفرصة لها لتؤديَ ما هو أكثر من المساعدة في حل مشكلة. ترغب هؤلاء السيدات في أن تُحدِث أعمالهن الخيرية تغييرًا ملحوظًا وتأتي بنتائجَ إيجابيةٍ مؤثِّرة.
-
«تهتمُّ هؤلاء السيدات دائمًا بالعمل الاجتماعي»: فهن يستخدمن الإنترنت بِنَهَم، وهذا وفَّر لهن سُبُل التواصل مع أصدقائهن في مرحلة الدراسة الثانوية والجامعية. استخدم شبكة الإنترنت لمساعدة المانحات على التواصل، وعند اجتماعهن للمرة الأولى في مجموعات النقاش، قدِّم لهن موقعًا إلكترونيًّا لضمان مواصلة محادثاتهن. احرص على تقديم فرصٍ للتواصل عبر شبكة الإنترنت وتكوين صداقات (انظر الفصل السادس عن التطوير والفصل الثامن عن البرامج).
(٣-٥) سيدات الجيل إكس
يشير الجيل إكس إلى مرحلةٍ في انخفاض معدلات المواليد بعد طفرة مواليد الحرب العالمية الثانية. جاءت مواليد هذا الجيل في الفترة من ١٩٦٥ حتى ١٩٧٦، ويُعَدُّ هذا الجيل أصغر حجمًا من الأجيال السابقة واللاحقة له. وُلدت سيدات هذا الجيل ونشأْنَ خلال السنوات الأخيرة من الحرب الباردة، وبلغن أشُدَّهنَّ بعد حرب فيتنام، وشاهدن عاصفة الصحراء على قنوات سي إن إن. لقد ترعرعن في عالمٍ يموج بعدم الاستقرار الاقتصادي والمحلي، وكُنَّ من أوائل «أطفال المفاتيح» الذين كانوا يعودون إلى المنزل بعد انتهاء اليوم الدراسي ليجدوا آباءهم ما زالوا في العمل.
-
بما أن الجيل إكس نشأ في عصر الفضائح، وتقليص حجم الشركات، وزيادة معدلات الطلاق ثلاثة أضعاف، فقد تعلموا التشكُّك من كل مؤسسة، سواء الحكومة أو الشركات، وحتى مؤسسة الزواج. ومثل جيل الطفرة، يشعر الجيل إكس في كثيرٍ من الأحيان بالتحفيز من خلال قيم إتاحة الفرص والحرية والرحمة؛ أكثر من الواجب والولاء والالتزام.
-
بسبب الأعداد الأصغر لهذا الجيل، نادرًا ما يكون هناك أي داعٍ للتنافس على الفرص. قد تحصل بنات هذا الجيل على فرص تَولِّي الأدوار القيادية في العشرينيات والثلاثينيات من عمرهن، أو بدء شركاتهن الناشئة الخاصة ومنظماتهن غير الربحية.
-
وعلى الرغم من أن الفكرة النمطية عن نساء الجيل إكس تُشير إليهن بوصفهن «كسولات»، أظهرت التجارِب التشغيلية قدرتهن على العمل الدءوب والإبداع والمهارة، عندما يجدن قضيةً تثير اهتمامهن.
كان آباء هذا الجيل أكثر عرضةً للطلاق من الأجيال السابقة، وشهد بعض أبناء هذا الجيل آباءهم يتعرَّضون للتسريح من وظائفهم، واختفى مع الوقت الإحساس بالأمان المرتبط بالحصول على وظيفةٍ مدى الحياة؛ ونتيجةً لذلك، ينزع أبناء هذا الجيل في الغالب إلى الاستقلالية، والتفرُّد، والإبداع، والاكتفاء الذاتي، كما أنهم يُقدِّرون قيمة الحرية، والمسئولية، والموازنة بين العمل والحياة الشخصية، إلا أنهم يستمتعون بالمنافسة والتحدِّي كذلك.
العمل الخيري لسيدات الجيل إكس
مقارنة بين الجيل إكس وجيل الطفرة
-
يتراوح عطاء سيدات جيل الطفرة ما بين ٤ و٧ ٪ من إجمالي دخلهن، مع استعدادهن للتبرع بنسبةٍ تتراوح بين ١١ و٢٥٪.
-
أبدت سيدات الجيل إكس استعدادهن للتبرع بنسبة ١ إلى ٣٪ من دخلهن، مع استعدادهن للتبرع بنسبة تتراوح بين ٨ و١٠٪.
-
تتوقع سيدات هذا الجيل الحصول على ميراث والمشاركة في العمل الخيري من خلال ثروة عائلاتهن ومؤسساتهن، أكثر من سيدات جيل الطفرة.
-
أبدت سيدات جيل الطفرة استعدادهن لمتابعة العمل الخيري بالتعاون مع أزواجهن، على عكس سيدات الجيل إكس ممن يُقدِّمن العطاء من دخلهن الشخصي أو من ميراثهن على التعاون مع أزواجهن وشركائهن في العمل الخيري.
-
ترغب سيدات الجيل إكس في تقديم العطاء خلال حياتهن؛ وهو ما يختلف عن سيدات جيل الطفرة اللاتي يرغبن في استمرار العمل الخيري فيما بعد حياتهن مع أطفالهن وأحفادهن.
-
تشعر سيدات جيل الطفرة بأنهن يحتجن إلى المزيد من الوقت لفهم الأمور المالية، على عكس سيدات الجيل إكس اللاتي أشرن إلى رغبتهن في تعلُّم المزيد عن الأمور المالية.
-
أشارت سيدات الجيل إكس، بدرجةٍ أكبر من جيل الطفرة، إلى أنهن يَمِلْنَ إلى تقديم العطاء في مجال العمل الخيري على مستوى جيلهن (لأشخاص في نفس الفئة العمرية).
-
يزداد تقدير سيدات الجيل إكس للوقت أكثر من المال، فيما أبدت سيدات جيل الطفرة استعدادهن لبذل الوقت والمال على حدٍّ سواء.
-
سيدات جيل الطفرة من المرجح أن يُقدِّمن العطاء للمؤسسات الكبيرة أكثر من سيدات الجيل إكس.
-
لا تمانع سيدات جيل الطفرة في تَلقِّي التقدير على ما قدَّمْنه علنًا، بعكس سيدات الجيل إكس؛ فهن على استعدادٍ لتقبُّل التقدير شريطةَ أن يكون الاعتراف به لصالح المؤسسة وأن يحصل كل من ساهم في مساعدة المنظمة على التقدير نفسه.
-
لا تهتم سيدات الجيل إكس بالحصول على تقريرٍ لمتابعة عطاءاتهن، بينما لهذا الأمر أهمية بالنسبة إلى سيدات جيل الطفرة.
-
تهتم سيدات الجيل إكس بالمشاركة في مجال العمل الخيري في مجتمعاتهن الدينية أكثر من سيدات جيل الطفرة.
العمل الخيري لسيدات الجيل إكس
تعزو تانيا الفضل إلى والدتها بوصفها مصدر إلهامها في مجال العمل الخيري قائلة: «لم تُقدِّم والدتي الكثير في مجال العمل الخيري فحسب، بل تعتقد أيضًا أن ما تقوم به ليس مميزًا بشكلٍ خاص. يعتمد كل ما تقوم به من عطاءٍ وتطوعٍ على المشاركة ومساعدة الآخرين.» وعلى الرغم من أن تانيا ووالدتها على استعدادٍ للعطاء لأسبابٍ متشابهة، فإن كلًّا منهما تتبع نهجًا مختلفًا، تقول تانيا: «أريد أن أقضيَ وقتي في العمل على القضايا التي أهتم بها بعمقٍ وبطريقةٍ يكون لها تأثير عميق. ما أقوم به على المستوى المهني يؤكد أسباب خوضي مجال العمل الخيري. هناك الكثير من المحتاجين حول العالم، وليس ثَمَّةَ أي خيارٍ سوى مساعدتهم بطريقةٍ ما.» إذًا، ما هو الفرق؟ ترى تانيا نفسَها ناشطةً في مجال العمل الخيري وتدرك ما يصاحب هذا العمل من مسئوليةٍ وسلطةٍ وفرصة، في حين أن والدتها لا ترى نفسَها من المنظور نفسه.
نشأت كانديس دودسون ريد، مؤسِّسة برنامج ٢٥٤٥ بمؤسسة كولومبيا بمقاطعة هاوارد بولاية ميريلاند، في أسرةٍ غرست فيها أهمية بذل الوقت والجهد والمال؛ ولهذا السبب، لم تكتفِ بإعطاء المال فحسب، ولكنها تنوي أن تكون نموذجًا يُحتذى به لابنتها وغيرها. ومع ذلك، فوجهة نظرها عن العطاء وطريقة تَولِّيها لمسار العمل الخيري تختلف بالكلية عن والدَيْها.
تمول مؤسسة عائلة ريد برامج تعليمية تُشجِّع الأطفال من خلال التدريب العملي على التعليم. وتركز المؤسسة على المِنَح الدراسية في مجال الهندسة. وحيث إن والد ريد جرانت هو مؤسس هذه المؤسسة، فقد قضت ريد وقتًا طويلًا في توجيه عطاء المؤسسة للجمع بين اهتماماتها وشغف والدها. تؤمن ريد بوجود فجوةٍ بين الجنسين في مجال العمل الخيري، وأن عطاء المرأة يختلف عن عطاء الرجل، وتؤمن ريد كذلك بقوة المرأة بوصفها قائدة، وترى أن لديها قدرة كبيرة على التعاطف والرحمة. وتمثل نقاط القوة المذكورة آنفًا جزءًا كبيرًا من دافعها الشخصي لمساعدة الآخرين، كما أنها تُقدِّم دليلًا استرشاديًّا لإدارة المؤسسة. وتقول ريد: «العديد من قادة العمل الخيري الذين تعاملت معهم كانوا من السيدات. تمتلك هؤلاء السيدات ثرواتهن الخاصة كما يتمتعن بالضمير والأخلاق، وهن شديدات الاهتمام بالتحوُّل، والتغيير، والتأثير؛ ونتيجةً لذلك أصبحن أكثر ظهورًا على ساحة العمل الخيري.»
يُعرِّف موقع قاموس ديكشنري دوت كوم «العمل الخيري» كما يلي: «الجهد أو الرغبة في رفع مستوى رفاهة البشرية عن طريق المساعدات الخيرية أو التبرعات، حب البشرية بوجهٍ عام، الشخص الذي يمارس العمل الخيري.» وتضيف ريد: «تنطبق جميع هذه التعريفات لكلمة العمل الخيري عليَّ تمامًا، وأعتقد أنني مارست العمل الخيري بالفعل طوال حياتي.»
إشراك سيدات الجيل إكس في العمل الخيري
-
تحتاج سيدات الجيل إكس إلى خياراتٍ ذات مغزًى تُلائم حياتهن، وهن بحاجةٍ إلى تحقيق التوازُن بحياتهن. ستفكر المؤسسة الذكية في كيفية الوصول إلى سيدات الجيل إكس من خلال ما يهتممن به في حياتهن. حاول التواصل معهن من خلال مجموعات السيدات الموجودة بالفعل، كما يمكنك أن تدعوَهن للمشاركة من خلال بعض حلقات الاتصال العادية مثل نادي الكتاب، أو مجموعات الأمهات، أو المجموعات الرياضية. وسيدات الجيل إكس اللاتي يستطعن الاستفادة من وقت الأسرة ووقتهن الشخصي بالإضافة إلى المشاركة المجتمعية والعمل الخيري من المرجح أن يلتزمن بالمشاركة معك في العمل الخيري.
-
هذا الجيل هو أول جيلٍ شهد تدخُّل الكمبيوتر والتكنولوجيا بعمقٍ في حياته وتكوينه. تستخدم سيدات الجيل إكس وسائل التواصل الاجتماعي بكثافة، ويتوقَّعن من المنظمات غير الربحية توفير طرقٍ سهلةٍ لتواصل بعضهن مع بعضٍ ومع المنظمات. تَستخدم هؤلاء السيدات التكنولوجيا الرقمية على المستوى الشخصي والمهني، كما يستخدمن وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك ولينكد إن للتواصل. ومن شأن المؤسسات الحصيفة أن تساعد هؤلاء السيدات على المشاركة في قضايا تهمهن، في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة لهن، أثناء التواصل مع عائلاتهن، وعملهن، وأصدقائهن عَبْرَ هذه الأدوات الجديدة.
-
تختلف سيدات هذا الجيل عن الأجيال السابقة في طريقة معالجتها للعمل الخيري؛ حيث ترغب في المشاركة الفعلية. لا تكتفي هؤلاء السيدات بالتطوُّع مع المنظمات غير الربحية؛ فهن يرغبن في المزيد. يجب أن تضع في الاعتبار توفير فرص القيام بالرحلات التطوعية والتعليمية لتكون وسيلةً للوقوف على احتياجات المؤسسة. ومن الممكن توجيه الدعوة إلى أطفالهن للمشاركة كذلك.
-
هذا الجيل هو الأكثر تنوعًا من سابقيه. وفي حين تتوقع السيدات معاملتهن على قدم المساواة وبالتأكيد ليس بوصفهن أقليات، فقد كانت هناك بعض السيدات الملونات اللاتي فضَّلن التواصل على شبكات الإنترنت مع أفرادٍ من نفس مجموعتهن العرقية، مثلما كانت الحال مع مؤسسة التغيير في بالتيمور.
-
تهتم سيدات الجيل إكس بالقيادة وفرص التواصل مع شركاء العمل أثناء صعودهن السلم الوظيفي أو أثناء قيامهن بتطوير مشروعاتهن الخاصة. وتبحث سيدات هذا الجيل عن دمج مشاركاتهن المجتمعية مع عطائهن في المجال الخيري، كما تسعى السيدات للربط بين العمل والشبكات في مجالَي العمل الخيري والمشاركات التطوعية، بالإضافة إلى التواصل مع سائر سيدات هذا الجيل في مجال العمل، والحُصول على فرص القيادة والتأثير في إطار العمل.
(٣-٦) سيدات الجيل واي
ليس من الغريب أن يكون عطاء سيدات الجيل واي (مواليد الفترة ما بين ١٩٨١ و١٩٩٩) أقل من عطاء سائر الأجيال؛ فهذا الجيل هو الأصغر سنًّا ولا يمتلك الموارد المادية التي توافرت للأجيال السابقة.
العمل الخيري لسيدات الجيل واي
ويسري هذا الشعور المختلف بالترابط عَبْرَ كل المجالات من العائلة، والأصدقاء، والزملاء، والرفقاء، والمؤسسات الكبيرة والمحلية. ولا يقتصر المجتمع هنا على المجتمع الجغرافي فحسب، فتستخدم سيدات الجيل واي التكنولوجيا لبناء المجتمعات المتعلقة بالقضايا موضع اهتماماتهن وربطها، خاصةً في مجال العمل الخيري. وتركز سيدات هذا الجيل على القضايا ذات الأهمية، بالنسبة إليهن، مع المشاركة والعطاء في الوقت ذاته باستخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. ويساعد هذا الشعور الجديد بالترابط على تحقيق رغبة هؤلاء السيدات في تحقيق التوازن.
أرسلت أزوت رسالةً عبر فيرست جيفينج، وفيسبوك، وأصدقائها في الجامعة تبدأ كالتالي: «أحاول أن أجمع مبلغ ١٠٠٠ دولار من أجل صندوق أكيومن خلال اﻟ ٢٤ ساعة القادمة. وأودُّ أن أفعل ذلك عَبْرَ دعوة ١٠٠ فردٍ للتبرُّع بمبلغ ١٠ دولارات. لا أعلم الكثير عن الوضع الاقتصادي، ولكني أعلم أننا في حالة رُكود. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال أسعار الوقود منخفضة، وبإمكاننا تحمُّل المصروفات الدراسية، وما زلنا بصحةٍ جيدةٍ وسعداء. إلا أن هذا ليس هو الحال بالنسبة إلى الجميع.» ولم تكتفِ أزوت بتحقيق هدفها فحَسْبُ، لكنها فعلت ذلك أيضًا كبداية حملةٍ لجمع ١٠ آلاف دولار.
والتر هي مؤسِّسة حركة فيل جود، وهي مبادرة اجتماعية مبتكرة تخاطب طلبة الجامعة، وتدعوهم للتركيز على قضايا نقص الغذاء العالمي وأن يصبحوا مواطنين عالميين، وقادةً مسئولين اجتماعيًّا، وروَّاد أعمال. وتؤمن والتر بأن جيلها لديه الرغبة في أن يُحوِّل ممارسة العمل الخيري إلى أسلوب حياة، وتقول: «أستطيع أن أرى ذلك من الملابس التي نرتديها، والطعام الذي نتناوله، والوظائف التي نعمل بها، وكيفية التعبير عن ترابطنا من خلال الأفكار الرائدة؛ فالأمر يتخطَّى قضية الخصم الضريبي.»
ترى والتر أن أعضاء منظمة فيل جود مستثمرون، وتُمثِّل شبكات التواصل الاجتماعي عنصرًا مهمًّا من عناصر عمل المؤسسة. قامت المؤسسة في عامها الأول بجمع مبالغ وصلت إلى ١٠ آلاف دولار عن طريق فيسبوك، كما جاء جزء من التبرعات الكبيرة من أفرادٍ سمعوا عن المؤسسة من خلال الحديث مع الآخرين أو من خلال الجهود المبذولة. وترى والتر أن الآخرين سوف ينخرطون في المؤسسة بالمجهود حتى يصبح العمل الخيري أمرًا شخصيًّا، ويُعبِّر عن رؤيتهم، ويتحوَّل إلى جزءٍ لا يتجزأ من حياتهم. ولتحقيق هذه الغاية، تقول والتر إن شبكات التواصل الاجتماعي توفر تكاملًا لطيفًا بين عالم الإنترنت والعالم الخارجي، كما توفر وسيلةً لتكوين مجتمعٍ متواصلٍ عبر الإنترنت وخارجه.
وتؤمن والتر، كونها من سيدات الجيل واي الناشطات في العمل الخيري، بأن وجود العلاقات والمشاعر المترابطة أمرٌ مهمٌّ للسيدات ومتأصِّل بهن، وأنه كان حافزًا لها ولممارستها الخيرية. وتضيف قائلة: «لقد أدخلت التغيرات الاجتماعية من خلال الترابط في حياتي، وقد أمدَّتْني التجرِبة بالقوة في حياتي. إنها تجرِبة متكاملة للغاية بالنسبة إليَّ.»
تبدو جذور العمل الخيري بالنسبة إلى ميليسا مادزيل، من نيويورك، واضحةً عندما ترجع بذاكرتها إلى الوراء لتتذكر جدها الذي اعتاد أن يضع في يدها بعض الأموال لتتبرع بها للكنيسة؛ حيث كان يهدف إلى تعليمها في سنٍّ مبكرةٍ أن أي شخصٍ يمكنه أن يُحدِث تغييرًا ويُعطيَ الآخرين، مهما كان صغير السن أو يمتلك القليل من الأموال.
تعتقد مادزيل أن التجرِبة الشخصية هي أفضل طريقةٍ لإشراك المانحات من الجيل واي. تقول مادزيل: «فرص التطوع، على الرغم من صعوبة تنسيقها في المنظمات غير الربحية، تُقدِّم للمانحين المحتملين تجرِبة شخصية سوف تصاحبهم خلال مراحل اتخاذ قراراتٍ تخص عملهم الخيري. ويتطلب ذلك أن تستخدم المنظمات غير الربحية طرقًا مبدعة ومدروسة بعناية لتنفيذ تلك البرامج مع الجهات المانحة.»
إشراك سيدات جيل الطفرة واي في العمل الخيري
-
«تسعى سيدات الجيل واي إلى تحقيق التوازن في جميع جوانب حياتهن»: وتحظى المنظمات بفرصة النظر إلى هؤلاء السيدات من منظورٍ جديدٍ وإيجاد وسائل مجدية وجذابة لإشراكهن وفقًا لشروطهن وبطرقٍ تتوافق مع رغبتهن في تحقيق التوازن بين أسرهن ووظائفهن والتزاماتهن المجتمعية.
-
«لا تُجدي بعض الرسائل التقليدية التي تستخدمها المنظمات غير الربحية نفعًا مع سيدات الجيل واي»: فهذا الجيل لا يجد الرسائل التي تشير إلى أن العمل الخيري يعود بالنفع على المجتمع، واستبدال أو استكمال دور الحكومة التمويلي، والمساعدة على توفير الاحتياجات الأساسية؛ مثيرةً للاهتمام. على العكس، يتردَّد صدى بعض الكلمات مثل التأثير والمرح طويلًا في آذان أفراد هذا الجيل. وعلى الرغم من أن هذه الكلمات تعكس مفاهيم مختلفة، فإنها تصف مزايا العمل الخيري التي تتوافق مع رغبات سيدات هذا الجيل في تحقيق التوازن والوصول إلى معنى حياتهن.
-
«قد تكون موارد المتبرعات من سيدات هذا الجيل غير مستغَلة»: تشير الأبحاث إلى أن هذه هي المشكلة؛ فالعديد من سيدات الجيل واي قادرات على العطاء ومستعدات لتقديمه، إلا أن المنظمات غير الربحية لم تحاول التواصل معهن نظرًا لانخفاض سقف توقعاتهم فيما يتعلق بقدرات تلك الفئة. وعلى تلك المنظمات أن تنظر إلى المستقبل وتدعو هؤلاء السيدات للمشاركة في العمل الخيري الآن. تبحث سيدات هذا الجيل عن سُبُل للعطاء، وحتى لو كانت مشاركتهن محدودة في الوقت الحالي، ستكون بدايةً رائعةً للعلاقات المستقبلية الطويلة الأجل.
-
«تهتم سيدات هذا الجيل بالتغيير الاجتماعي ويرغبن في المشاركة في جهود العطاء»: وتتميز هؤلاء السيدات بالقدرة على ريادة المشروعات، والشغف، والاستعداد لإحداث تغييراتٍ اجتماعيةٍ في جميع المجالات بما في ذلك رؤية سيدة أمريكية تتولَّى سُدَّة الحكم في البلاد. ويمكن أن تدعم رغبتهن في العطاء أحلامهن وتطلعاتهن، وسوف يأتي التغيير من خلال استثماراتهن الخيرية في مجال التغيير الاجتماعي. سوف تأخذ مشاركة سيدات هذا الجيل وشغفهم بريادة المشروعات العملَ الخيري إلى مستوًى جديد.
-
«تشعر سيدات هذا الجيل بالراحة عند استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة»: فالتكنولوجيا وشبكات التواصل الاجتماعي تُشكِّل جزءًا من حياتهن، ويجب هذا ذلك في الاعتبار عند التعامل معهن.
-
بمجرد أن تبدأ سيدات الجيل واي في ممارسة العمل الخيري عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يكون من الصعب أن يَعُدْنَ إلى النسخة الأولى من الويب.
-
لا ترغب المانحات اللاتي يستخدمن النسخة الثانية من الويب في الحصول على دعايةٍ مطبوعة، بل يرغبن في الحفاظ على الموارد؛ ومن ثَمَّ لا يرغبن في الحصول على خطاب شكرٍ مطبوعٍ مقابل التبرع عبر شبكات التواصل الاجتماعي بقيمة ١٠ دولارات؛ فقد نضجت سيدات هذا الجيل في زمنٍ يسوده الاهتمام بالاستقرار والتوفير؛ ما يؤثر على طريقة عطائهن والطريقة التي يرغبن في التواصل بها. إلا أنهن يرغبن في سماع عبارات الشكر والمديح، وحال التبرع في المنتديات العامة يرغبن أيضًا في أن تُوجَّه إليهن عبارات الشكر.
-
في الغالب، تُقدِّم هؤلاء المتبرعات عنوان بريدهن الإلكتروني فقط، ولا يرغبن في تسجيل عنوانهن البريدي. تحتاج المؤسسات غير الربحية إلى التركيز على التواصل عبر وسائل الاتصال الإلكترونية، مثل النشرات الإلكترونية؛ فقد تكون هذه هي الطريقة الوحيدة للتواصل ورعاية المانحات على النسخة الثانية من الويب خارج مواقع التواصل الاجتماعي.
-
تقدم سيدات هذا الجيل التبرعات بمبالغَ متواضعة، بل وفي كثيرٍ من الأحيان يُقدِّمن تبرعاتهن إلى العديد من المنظمات غير الربحية التي لم يعرفنها إلا عبْر شبكات التواصل الاجتماعي. إذا لم تكن تلك المنظمات غير الربحية موجودةً على تلك المواقع الإلكترونية فلن تصل إلى نساء هذا الجيل.
لا تتباطأ في التواصل مع بنات هذا الجيل. تقول كريستين والتر: «تبحث سيدات جيل الطفرة واي عن طرقٍ للمشاركة في العمل الخيري بفاعلية.»
(٤) معلومات سريعة
نعتقد أن الجانب الأكثر إثارةً للاهتمام في مجال العمل الخيري النسائي هو الاختلافات بين الأجيال. تميل السيدات إلى تعريف أنفسهن من خلال الجيل الذي ينتمين إليه. في العروض التقديمية ومجموعات النقاش وورش العمل التي عقدناها على مدى العشرين عامًا الماضية، أثَّرت قضية اختلاف الأجيال على السيدات أكثر من أي قضيةٍ أخرى. عندما ترى المرأةُ نفسَها في إطار جيلٍ بعينه، يزداد فهمها لمكانتها وماهيَّتها وكيفية ربط تلك المعرفة بالعمل الخيري.
وعلى الرغم من أن هناك العديد من أوجُه التشابه في مجال العمل الخيري، غالبًا ما ترتبط بالمعايير الستة والمعايير الثلاثة الإضافية التي تُعبِّر عن دافع المرأة للعطاء (انظر الفصل الرابع)، تشعل هذه الاختلافات شرارة الفكر وتبدأ الحوار بين النساء، خاصةً في قضايا الإشادة بالمتبرعات وتبرع الأزواج.
نستمتع برؤية اللمعة التي تُضيء عيون السيدات في امتنانٍ ووعيٍ حال عرض قضية اختلاف الأجيال أو رفع وعي المتبرعات كما هو مبيَّن بالفصل الثامن. يمكننا أن نستمع إلى صوت عقلها إذ تفكر قائلة: «أخيرًا، حُزتُ الاهتمام الواجب بوصفي إنسانةً جديرةً بالتقدير تختلف عن الرجال، ليس هذا فحسب، بل ومختلفة عن السيدات الأخريات كذلك. نكتسب أهميتنا من اعتماد الآخرين علينا لتقديم رأس المال اللازم، واللحاق بركب العمل الخيري، والمساعدة في تغيير العالم ليصبح مكانًا أفضل.»