المسعودي
«قد يبدو غريبًا أن يكون المسعودي منذ القرن العاشر الميلادي يؤمِن بكُرَويَّة الأرض وبالجاذبية. غير أنه يتحدَّث بوضوح في مُروج الذهب عن الكواكب والأفلاك … وعندما يتحدَّث المسعودي عن خط الاستواء والقُطبَين وأقاليم الأرض السبعة، نجده يذكر أسماء أكبر العلماء الذين سبقوه في هذا المجال من يونان وعرب، وينتقد مَن يَنسب إلى نفسه عِلمَ غيره.»
لا يسعى هذا الكتاب إلى تقديم سيرة ذاتية نمطية عن الرحَّالة والجغرافي العربي الشهير «أبي الحسن المسعودي» الذي عاش في زمن الدولة العباسية، بل يقتبس من كتابه «مُروج الذهب ومعادن الجوهر» شَذراتٍ حيَّة تُظهِر لنا عبقرية تلك العقلية الموسوعية التي كتبَت في شتَّى صنوف المعرفة، مسترشدًا بكتابه هذا في رسم السياق المكاني والزمني والعلمي الذي عاش فيه، ومستنبطًا العلامات التي ميَّزته عن غيره، مثل دِقَّة الملاحَظة وتحكيم العقل. ونستنشِق في هذا الكتاب رحيقَ بغداد العباسية التي عشِقَها «المسعودي»، كما نسافر معه إلى تلك البلاد التي زارها وسجَّل عنها ملاحظاته بأسلوب أدبي أثير، ومن بينها مصر التي اصطفاها لتكون مقامَه الأخير.