الكَشْكَشَة
في «القاموس» وشرحه: والكَشْكَشَةُ — في «بني سعد» كما قال الجوهري، أو في «ربيعة» كما قال الليث: إبدال الشين من كاف الخطاب المؤنث خاصة، كَعلَيْشِ ومِنْشِ وبِشِ، في: عليكِ ومنكِ وبكِ، في موضع التأنيث، وينشدون للمجنون:
أو زيادة شين بعد الكاف المجرورة، تقول: عَلَيْكِشْ، وإليكِش، وبِكش، ومنكِش، وذلك في الوقف خاصَّة، ولا تقول عَليكَشِ بالنَّصْبِ.
وقد حُكِيَ: كذاكش بالنَّصْب. وإنَّما زادوا الشين بعد الكاف المجرورة لتَبِينَ كسرةُ الكاف فيؤكَّد التأنيث؛ وذلك لأنَّ الكسرة الدالة على التأنيث فيها تخفى في الوقف، فاحتاطوا للبيان بأن أبدلوها شينًا، فإذا وصلوا حذفوا لبيان الحركة.
ومنهم من يُجري الوصل مجرَى الوقف، فيبدل فيه أيضًا، كما تقدَّم في قول المجنون.
ونادت أعرابية جاريةً: «تعالَيْ إليَّ، موْلاشِ يناديش» أي: مولاك يناديك، وقال ابن سيدَه: قال ابن جني: وقرأت على أبي بكر محمد بن الحسن، عن أبي العباس أحمد بن يحيى، لبعضهم:
وفي «غِلْمِج» من «اللسان» وكذا في «شرح القاموس»: هو غلامجك، وغلامشك، وفي «السيرافي على سيبويه»، ج١، ص٢٧٩: «كشكشة بكر بن وائل.» وفي ج٥، ص٤٦٦، ٤٦٧، ٤٦٨: ناس من أسد يقلبون كاف المؤنث شينًا في الوقف. وفي ص٤٦٨ و٥٧٢ من هذا الجزء: من يلحق كاف المؤنث شينًا في الوقف، ويقال: إنها لقوم من بكر بن وائل.
وفي «الخصائص» لابن جني، ج١، ص٣٩٩: «وأمَّا كشكشة ربيعة فإنما تريد قولها مع كاف الضمير المؤنَّث: إنَّكِشْ، ورأيْتُكِشْ، وأعطيتكِش، تفعل هذا في الوقف، فإذا وصلت أسقطن الشين.» ا.ﻫ.
وفي «محاضرات الراغب»، ج١، ص٣٦: في «ما يعرض في بعض اللغات من العي»: «كشكشة تميم، وهي قلب كاف المؤنَّث شينًا، نحو: فعيناش عيْنَاها وجيدُش جيدُها.» ا.ﻫ.
وفي «فقه اللغة» للصاحبي ص٢٤: «وأمَّا الكَشْكَشَة التي في أسد، فقال قوم: إنَّهم يبدلون الكاف شينًا، فيقولون: عَلَيْشِ، بمعنى: عليكِ، وينشدون:
وقال آخرون: يصلون بالكاف شينًا فيقولون: عليكش.» انتهى.
وفي «رءوس القوارير» لابن الجوزي ص٣٠:
يريد: إلا أنَّها، وهذه هي التي يقال لها: عنعنة تميم.
ومن الرواة مَنْ يروي هذا البيت:
وفي «أزاهير الرياض المريعة» للبيهقي، في اللغة وسط، ص٢٠:
يذكر لروايته «عَنَّ» بدل أَنَّ، وقد ذكرناه في «العنعنة» آنفًا.
وفي «فقه اللغة» للثعالبي رقم ١٤٩ لغة تيمور ص١٠٧: الكَشْكَشَةُ، تعرضُ في لغة تميم، كقولهم في خطاب المؤنث: «ما الذي جاء بِش» — يريدون: بِكِ، وقرأ بعضهم: «قَدْ جَعَلَ ربُّشِ تَحْتَشِ سَريًّا» لقول القرآن: قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا.
الكَسْكَسَةُ، تعرضُ في لغة بكر، كقولهم في خطاب المؤنث: أَبُوسِ وأُمُّس، يريدون: أبُوكِ وأُمُّكِ.
العَنْعَنَةُ، تعرِضُ في لغة قضاعة، كقوله: ظَنَنْتُ عَنَّكَ ذاهب؛ أي: أَنَّكَ … وكما قال ذو الرمة:
وفي «موارد البصائر»، فيما يجوز من الضرورات للشاعر الشيخ محمد سليم ص٣٩: ومن غريب هذا الباب؛ أعني: «إجراء الوصل مجرى الوقف، ما أنشده ابن جني في «سر الصناعة»:
وذلك لأن من العرب مَنْ يُبْدِلُ كاف المؤنث في الوقف شينًا، فيقول: علَيْش ومِنْشِ، ومررتُ بِش؛ يريد: علَيْكِ ومِنْكِ، ومررتُ بكِ، كذا في «سر الصناعة».» ا.ﻫ.
وذكر في ص١٦٥: «أنَّ الكَشْكَشَة في ربيعة …»
وفي ص١٦٨ منه أيضًا: «وأمَّا كَشْكَشَة ربيعة، فإنما يريد بها قولها مع كاف ضمير المؤنث: أنكشْ، ورأيتكشْ وأعطيتكشْ، تفعل هذا في الوقف، فإذا وصلت أسقطت الشين.» انتهى.
وقد تكلم عنها في ص١٥٣ بما تقدَّم ذكره في عبارة «شرح القاموس».
وفي «ألف باء»، ج٢، ص٤٣١: «ومن العرب من يُبدل كاف المؤنث شينًا في الوقف، وهم ربيعة، وهم الكشكشة، يفعلون ذلك حرصًا على البيان؛ لأن الكسرة الدالة على التأنيث فيها تخفى عند الوقف، فقالوا: عَلَيْشِ ومنْشِ.
وذكر هذه اللغة الخطابي، وقال: هم بَكْرٌ وبها قرأ من قرأ: «إنَّ اللهَ اصْطَفَاشِ وطَهَّرَشِ …» لقول القرآن: إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ.»
ويُروى أن معاوية قال يومًا لجلسائه: أي النَّاس أَفْصَح؟ فقال رجل من السماط: يا أمير المؤمنين، قوم قد ارتفعوا عن فراتية العراق وتياسروا عن كشكشة بكر وتيامنوا عن فشفشة تغلب ليس فيهم غمغمة قضاعة ولا طمطمانية حمير … قال: من هم؟ قال: قومك يا أمير المؤمنين؛ قريش، قال: صدقت … فمن أنت؟ قال: ابن جرم.
قال الأصمعي: جرم فصحاء الناس، وهذا الحديث قد وقع في فضائل قريش وهذا كان موضعه فذكرناه …
ومنهم من يجري مجرى الوقف، فيُبدل أيضًا، قال شاعرهم وهو المجنون:
أراد: عيناكِ، وجيدُك، وأراد بعَنْ: أنَّ، وهي لغة معروفة في «قيس»، وهي التي يقال لها: «عنعنة قيس» على وجه الذم لها.
وقرأ قارئُهم: «فعسى الله عَنْ يأتِي بالفتح.»
أي: أن يأتِي بالفتح، وينشد فيقول:
أراد: الديك، فشبهه بكاف خطاب المؤنث فساقه مساقه، ومن كلامهم:
ومن العرب من يلفظ بهذه الكاف بين الجيم والشين، وذلك من اللغات المرغوب عنها لمَّا لم يتهيأ له أن يفرد الجيم ولا الشين. ا.ﻫ.
وفي «المزهر»، ج١، ص١٠٩: «الكشكشة وهي في ربيعة ومُضَر، يجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شينًا، فيقولون: رأيتكِش، وبكِش، وعليكِش، فمنهم من يثبتُها في حالة الوقف ومنهم من يثبتها في الوصل أيضًا، ومنهم من يجعلها مكان الكاف، ويكسرها في الوصل ويسكنها في الوقف، فيقول: مِنْش، وعَلَيْش.» ا.ﻫ.
وذكر في ص١٠٤ أن الكشكشة في «أسد»، ثم ذكر بعده أنها في «هوازن».
وفي «الاقتراح» للسيوطي ص٩٩ ذكر العبارة نفسها، وفي حاشية ابن الطيب المسماة «نشر الانشراح» ومضر قبيلتان مشهورتان. قوله: بعد كاف الخطاب؛ أي: مجرورة أو منصوبة. قوله: رأيتكش مثال للمنصوب، والمثالان بعد للمجرور والكاف مكسورة على أصلها في الجميع. قوله: مكان الكاف؛ أي: يجعلها بدلًا منها، وهم بنو أسد كما قاله الجوهري، وقال الرضي: ناس كثير من تميم ومن أسد يجعلون مكان الكاف في الوقف شينًا. قوله: بكسرها … إلخ؛ أي: إعطاء المبدل حكم المبدل منه، وظاهر عبارته أنه في المنصوب أيضًا، وتمثيله وصريح كلام غيره يدل على أن البدل في المجرور. ا.ﻫ.
وفي كلامه: الكسكسة، ضبط الكشكشة والكسكسة بالكسر قال: وأجازوا فيها الفتح أيضًا.
وفي «العقد الفريد» لابن عبد ربه، ج١، ص٢٩٤: وأما كشكشة تميم فإن بني عمرو بن تميم إذا ذكرت كاف المؤنث فوقفت عليها أبدلت منها شينًا لقرب الشين من الكاف في المخرج، وقال راجزهم:
وذكر في الجزء الثاني ص٤٨: أن الكشكشة في تَغْلِبَ.
وفي «شرح البغدادي على شواهد الرضي» المسمَّى «بخزانة الأدب»، ج١، ص٥٩٣: شين الكشكشة:
على أن ناسًا من تميم ومن أسد يجعلون مكان كاف المؤنث شينًا في الوقف، قال المبرد في «الكامل»: بنو عمرو بن تميم إذا ذكرت كاف المؤنث فوقفت عليها أبدلت منها شينًا، لقرب الشين من الكاف في المخرج، فإنها مهموسة مثلها، فأرادوا البيان في الوقف؛ لأن في الشين تفشيًا، فيقولون للمرأة: جعل الله البركة في دارش، والتي يدرجونها يدعونها كافًا. ا.ﻫ.
وربما فعلوا هذا في الكاف الأصلية المكسورة، أنشد ثعلب في «أماليه»، عن ابن الأعرابي:
قال ثعلب: «يجعلون مكان الكافِ الشينَ، وربما جعلوا بعد الكافِ الشينَ والسينَ، يقولون: «إنَّكِش وإنَّكِس» وهي الكاف المكسورة لا غير. يفعلون هذا توكيدًا لكسر الكاف بالشين والسين، كما يقولون: ضربتيه وضربتِه لقرب مخرجها منها.» ا.ﻫ.
والشاهد في قوله: كنقيق الدِّيش؛ فإن أصله: الديك، وكافهُ أصلية، وفي جميع ما عدا الشين بدلٌ من كاف المخاطبة، والبيت الشاهد أنشده ابن الأعرابي في «نوادره» كما هو هنا.
ثم شرع في حلِّ ألفاظ البيت الشاهد إلى أن قال: ورواه الزجَّاجي في «أماليه»:
ثم قال بعده:
على أنه كان القياس في هذه الشين المبدلة من كاف المخاطبة أن تحذف، لكنها أُجريت في الوصل مجرى حالة الوقف، قال ابن جني في «سر الصناعة»: ومن العرب من يبدل كافَ المؤنث في الوقف شينًا حرصًا على البيان؛ لأن الكسرة الدالة على التأنيث فيها تخفى في الوقف، فاحتاطوا للبيان بأن أبدلوها شينًا فقالوا: عليْشِ، ومِنْشِ، ومررت بِش، وتحذف في الوصل. ومنهم من يُجري الوصلَ مجرى الوقف فيبدل فيه أيضًا، وأنشدوا للمجنون:
البيت. ا.ﻫ.
قال «القالي» في «شرح اللباب»: «وإنما سميت هذه اللغة — أعني إلحاق الشين بالكاف — الكشكشة؛ لاجتماع الكاف والشين فيها، وإنما كسرت الكافان في لفظ «الكشْكشَة»؛ لحكاية الكسر لكون الكاف للمؤنث. ومنهم من يفتحهما على حدِّ قولهم في التعبير عن «بسم الله» بالبسملة، وكذلك الكسكسة بالوجهين.» انتهى.
وقد ذكر في آخر شرح هذا الشاهد أن المبرد في «الكامل»، وأبا علي القالي في «ذيل الأمالي» رَوَياه:
على أن الأصل من غير إبدال.
وفي شرحه على «شواهد شرح الرَّضي على الشافية» ص٤٧٧ ذكر للبيت الأول، وهو قوله: «تضحكُ منِّي أن رأتْني أحْتَرِشْ …» إلخ، إلا أنه لم يطل في شرحه وأحال على «الخزانة».
وفي «ما يعوَّل عليه في المضاف والمضاف إليه» للمحبي، في باب الكاف: كشكشة تميم هي إبدالهم الشين من كاف الخطاب مع المؤنث، فيقولون: أَبُوشِ وأمُّشِ، وربما زادوا بعد الكاف شينًا في الوقف فقالوا: مررت بِكشِ، كما تفعل بكرٌ.
وفي حديث معاوية رضي الله عنه: «تياسروا عن كشكشة تميم.» ا.ﻫ.
وفي «مروج الذهب» للمسعودي، ج١، ص٧١: «وأهل الشحر من قضاعة وغيرهم من العرب، وهم مهرة، ولغتهم بخلاف لغة العرب؛ وذلك لأنهم يجعلون «الشين بدلًا من الكاف»، مثال ذلك: «هل لشِ فيما قلت لَشِ» و«أن تجعلي الذي معي في الذي مَعشِ»، يريد: هل لك فيما قلت لكِ، وأن تجعلي الذي معي في الذي معكِ، وغير ذلك من خطابهم ونوادر كلامهم.» ا.ﻫ.
وقد أورد المؤلف ما حكاه من كلامهم كما ترى منشورًا ولعلَّه قصد ذلك، وقد أورد هذه الجملة صاحب «العقد الفريد» منظومة من الرجز كما مر.