التَّلْتَلَة
في «القاموس» وشرحه: وتلْتَلَةُ بهراءَ؛ كسرهم تاء «تفْعَلُونَ». وحكى بعضهم قال: رأيت أعرابيًّا متعلقًا بأستار الكعبة، وهو يقول: «ربِّ اغفرْ وارحمْ وتجاوَزْ عما تِعْلَمْ.» فكسر التاءَ من «تَعْلَم». وقرأ يحيى بن وثاب: «ولا تِرْكَنُوا إلى الَّذِين ظَلَمُوا» بكسر التاء، ومثله: «مَا لَكَ لَا تِئْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ»، وكذلك: «فتِمَسَّكُمُ النَّارُ»، وقد بيَّنَّا ذلك في كتاب «التصريف».
وقال أبو النجم:
هكذا بكسر التَّاءِ، قال في «اللسان»: وهي لغة بهراءَ وقد تقدم ذلك في «ك ت ب». ا.ﻫ.
وعبارة «اللسان» في مادة «ك ت ب» بعد الاستشهاد بالرجز قال: ورأيت في بعض النسخ «تِكِتِّبانِ» بكسر التاءِ؛ وهي لغة بهراءَ، يكسرون التاءَ فيقولون: تِعْلَمُونَ، ثم أتبع الكاف كسرة التاءِ. ا.ﻫ. ولم يزد في مادة «ت ل ل» على قوله: وتَلْتَلَةُ بهراء كسرهم تاءَ تفْعَلُون، يقولون: تِعْلَمُون، وتِشْهَدُون … ونحوه، والله أعلم. ا.ﻫ.
وفي «الخصائص» لابن جني، ج١، ص٣٩٩: وأما تلتلة بهراءَ فإنهم يقولون: تِعلمون وتِفعلون وتِصنعون، بكسر أوائل الحروف. ا.ﻫ.
وفي أوائل مادة «كتب» من «اللسان»: لغة بهراءَ في كسر التاء نحو: تِفعلون.
وفي «البيان في مقدمة التفسير» للأستاذ الشيخ طاهر، أواخر ص٥٢: الكسر مثل: تِعلمون، والعبارة لابن فارس في «فقه اللغة».
وفي «القرطين» ص١٥٢: أسد وطيئ، عن كسرهم أول المضارع. وفي «درة الغوَّاص» للحريري ص١١٤: وأما تلتلة بهراءَ فيكسرون حروف المضارعة فيقولون: أنت تِعْلم. وحدَّثني أحد شيوخي رحمه الله، أن الأخيليَّة كانت ممَّن يتكلَّم بهذه اللغة، وأنها تكلَّمت بها في مجلس عبد الملك بن مروان، وبحضرته الثَّعلبي.
وفي «شرح الدرة» للخفاجي إشارة إلى ذلك.
وفي «العقد الفريد»، ج٣، ص٢٥٩: كون القصة وقعت لعفان مع أبي نواس.
وممن ذكر القصة أيضًا شهاب الدين الحجازي في «روض الآداب» ص٤٤٢، وذكر أنها لليلى الأخيلية مع النابغة الشاعر — يريد الجعديَّ — بحضرة أحد الملوك، قال: ولغة بني الأخيل أنهم يكسرون حرف المضارعة ما عدا الألف.
وفي «شرح الصفدي على لامية العجم»، ج١، ص١٦، بعد أن ساق هذه القصة غير مَعزوَّة لشخص معين ما نصه: «وقد روى صاحب «العقد» وغيره هذه الحكاية واختلفوا فيها، وزادوها بيتًا آخر، والذي أعتقده أنها موضوعة.»
وفي ج٢، ص٢٩٧، من هذا الشرح: «ومن قال: يِيجل، بكسر الياء فعلى لغة بني أسد فإنهم يقولون: أنا إيجل ونحن نِيجل وأنتِ تِيجِل، ومن قال: يِيْجل بناه على هذه اللغة، ولكنه فتح الياء مثل قولهم: يَعْلَم.» ا.ﻫ.
وفي «خزانة الأدب» للبغدادي، ج٤، ص٤٩٥: نقل عبارة ابن جني المتقدم ذكرها، ثم نقل في ص٥٩٦: عبارة الحريري في «الدُّرة» ولم يعقب عليها، والذي يفهم مما سبق ومما سيأتي أن التلتلة خاصة بالتاء، وهو صريح عبارتي «القاموس» «واللسان»، فزعم الحريري أنها في حرف المضارعة مطلقًا لا يخفى ما فيه.
وفي «فقه اللغة» لابن فارس ص١٨: «اختلاف لغات العرب من وجوه؛ أحدها: الاختلاف في الحركات كقولنا: «نَستعين، ونِستعين» بفتح النون وكسرها، قال الفراء: هي مفتوحة في لغة قريش وأسد، وغيرُهم يقولونها بكسر النون.» ا.ﻫ.
وفي ص٢٣: «ولا الكسر الذي تسمعه من أسد وقيس مثل: تِعلمون، ونِعلم، ومثل: شِعير، وبِعِير.» ا.ﻫ.
وفي «التوضيح» وشرحه «التصريح»، ج٢، ص١٤٩: كقوله — وهو أبو الأسود الجماني — يصف امرأة:
ففيه حذف وتغيير وتقديم وتأخير، وأصله: لو قلت: ما في قومها أحدٌ يفْضُلها لم تأثم في مقالتك، فحذف الموصول بجملة يفْضُلها وهو أحد، وهو بعض اسم مقدم مجرور بفي هو «قومها»، وكسر حرف المضارعة من تأثم على لغة غير الحجازيين. ا.ﻫ.
وفي ص٤٩١: أن كسر حرف المضارعة لغة قوم.
وفي «خزانة البغدادي»، ج٢، ص٢١١: «وأصله تأثم، فكسر التاء على لغة من يكسر حروف المضارعة إلا الياء للكراهة وهم بنو أسد، قال ابن يعيش: وذلك إذا كان الفعل على وزن «فَعِل»، نحو: «نِعلم ونِسلم».» انتهى.
وفي «شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح»؛ أي البخاري لابن مالك ص١٣٦: «ومنها قول عبد الله بن عمر لأبيه: أقم فإني لا إيمنها أن ستصد عن البيت. قلت: يجوز كسر حرف المضارعة إذا كان الماضي على «فَعِلَ» ولم يكن حرف المضارعة ياء نحو يعلم، وللياء من الكسر ما لغيرها إن كانت الفاء واوًا، أو كان ماضيه أبى نحو ييجل ويبى، وعلى هذه اللغة جاء إيمنها، ويجوز أيضًا كسر غير الياء من حروف المضارعة إذا كان أول الماضي تاء المطاوعة أو ألف وصل مثل: يتعلم ويستبصر. وفي إيمنها عائد على الجماعة التي قصدت الحج فإن مشاهدتها تغني عن ذكرها … إلخ.» ا.ﻫ.
وفي «التصريح شرح التوضيح» ص١٩٣ عند الكلام على هذا البيت: «وإخال بكسر الهمزة، وبنو أسد تفتحها على القياس.» ا.ﻫ. ويفهم منه أنهم خالفوا أنفسهم في هذه الكلمة.
وفي شرح البغدادي على شرح ابن الوردي لمنظومته «التحفة الوردية» ص١٠٢: «وكسر همزة إخال فصيحٌ استعمالًا، شاذٌ قياسًا، وفتحُها لغةُ أسد.» ا.ﻫ.
وفي «اللسان»: «وتقول في مستقبله: إخال — بكسر الألف — وهو الأفصح، وبنو أسد يقولون: أخال — بالفتح — وهو القياس، والكسر أكثر استعمالًا.» ا.ﻫ.
وفي «ألف باء»، ج١، ص٢٦٢: «تقول: خِلت إخال — بكسر الألف — وهو الأفصح، وبنو أسد تقول: أخال — بالفتح — وهو القياس.» ا.ﻫ.
وفي «شرح ابن هشام على بانَتْ سُعاد» ص٩٦: «وكسر همزة إخال فصيح استعمالًا، شاذٌ قياسًا، وفتحُها لغةُ بني أسد وهو بالعكس، وحكم حرف المضارعة في غير هذا الفعل أن يضم بإجماع إن كان الماضي رباعيًّا نحو أُدحرج وأُكرم، ويفتح في لغة الحجازيين فيما نقص أو زاد كيضرب وينطلق ويستخرج، وأما غيرهم فيكسرون الفاء في ثلاث مسائل:
-
إحداها: في تفعَل بالفتح، مضارع فَعِل بالكسر، كعلمت تِعلم، بخلاف
تذهب فإنَّ ماضيه مفتوح، وتَثِق فإن المضارع مكسور، ومن قال: تَحسب بالفتح
كَسَر، ومن كسر فتح، وقرئ: «وَلا تِرْكنوا …» وقال الشاعر:
قُلْتُ لبَوَّابٍ لديْه دارُها:تِئْذَنْ فإنِّي حمُها وجَارُها
أي: لِتئْذَنْ: أمر الفاعل المخاطب باللام وحَذَفها وبقي عملها وكَسَر أوَّل المضارع. وسمعت بدويًّا يقول في المسعى: «إنِّك تِعلم» بكسر التاء والنون.
- الثانية: أن يكون الماضي مبدوءًا بهمزة وصل نحو: يِنطلق وتِستخرج، وقُرِئ: «تِبْيضُّ وجوهٌ وتِسْود وُجوهٌ»، و«إياك نِسْتعينُ». وأما من كسر في «نِعبدُ» فكأنه ناسب بين كسر النونين.
- الثالثة: أن يكون مبدوءًا بتاء المطاوعة أو شبهها نحو: تِتَذكَّر وتِتَكَلَّم، فكأنَّهم حملوا «تَفَعَّل» على الفعل؛ لأنَّهما للمطاوعة، تقول: كسَّرته — بالتشديد — فتكسر، وكَسَرته بالتخفيف فانكسر، وإنما لم يجيزوا كسر الياء لثقل الكسر عليها، ولكنهم جوزوه إذا تلاها «واو»؛ ليتوصَّلوا بها إلى قلبها ياءً نحو: وجل يِيجَل.» ا.ﻫ.
وفي «المطالع النصرية» للشيخ نصر الهوريني ص٧٨-٧٩: «أن كسر حرف المضارعة في لغة تميم وأسد وغيرهم من العرب سوى قريش.» ثم تكلم على الهمزة ورسمها ياءً إذا أُجريت هذه اللغة على نحو تِئذن … إلخ. ثم قال: وبهذه اللغة قرئ قولُه تعالى: «فَكَيْفَ إِيسَى عَلَىٰ قَوْمٍ كَافِرِينَ.» ا.ﻫ.
وفي «المحتسب» لابن جني، ج١، ص٤٣: «ومنهم من يكسر حرف المضارعة اتباعًا لكسرة فاء الفعل بعده، فيقول: «يِخَطِّف، وأنا إخِطِّف»، وأنْشدوا لأبي النجم: «تَدافُعَ الشِّيبِ ولم تِقِتِّلِ»؛ أراد: تقتتل، فأسكن التاء الأولى للإدغام، وحرَّك القاف لالتقاء السكنين بالكسر، فصار «تَقِتل»، ثم أتبع أول الحرف ثانيه فصار «يقِتِّل».» إلخ.
وقال في ص٢٢٦: ومن ذلك قراءة يحيى: «فإنَّهم يِيلَمُونَ كما تِيلَمُون»، قال أبو الفتح: العُرْفُ في نحو هذا أن من قال: إنت تِئْمَن وتِئْلَف وإيلَف، فكسر حرف المضارعة في نحو هذا إذا صار إلى الياء، فتحها ألْبَتَّةَ فقال: هو يألف، ولا يقول: هو ييلَف استثقالًا للكسرة في الياء. فأما قولهم في: يَوجل ويوحل ونحوهما، يِيجَل ويِيحل — بكسر الياء — فإنما احتمل ذلك هناك من قِبَل أنَّهم أرادوا قلب «الواو» ياءً هربًا من ثقل الواو؛ لأن الياء — على كل حالٍ — أخف من الواو، وعلموا أنهم إذا قالوا: يَيْجَل ويَيْحَل، فقلبوا الواو ياءً والياء قبلها مفتوحة كان ذلك قلبًا من غير قوة علة القلب، وكأنهم حملوا أنفسهم بما تجشموه من كسر الياء توصلًا إلى قوة علة قلب الواو ياءً، كما أبدلوا من ضمَّةِ لام «أَدْلُوٍ»، جمع دَلْوٍ كسرةً، فصار أَدْلِوٌ لتنقلب الواو ياءً بعذرٍ قاطع، وهو انكسار ما قبلها وهي لام، وليس كذلك الهمزة؛ لأنها إذا كسر ما قبلها لم يجب انقلابها ياء، وذلك نحو: بئر وذئب، ألا تراك إذا قلت: هو يِئلَف، لم يجب قلب الهمزة ياءً؟ فلهذا قلنا: إن كسرة ياء يِيجل لما يعقب من قلب الأثقل إلى الأخف مقبول، وليس في كسر ياء يِئلف ما يدعو إلى ما تحتمل له الكسرة، وليس فيه أكثر من أنه إذا كسر الياء ثم خفف الهمزة صار يِيلمُون، فأشبه له في اللفظ يِيَجَل، وهذا قدر لا يُحتمل له كسر الياء فاعرفه.
وقال في ص٤٩١: ومن ذلك قراءة يحيى والأعمش وطلحة — بخلاف — ورواه إسحاق الأزرق عن حمزة: «فَتِمَسَّكُم النَّارُ»، قال أبو الفتح: هذه لغة تميم أن تكسر أول مضارع ما ثاني ماضيه مكسور نحو: عَلِمت تِعْلَم، وأنَا إعْلَم، وهي تِعْلَم، ونحن نِرْكب.
وتقل الكسرة في الياء — نحو: يِعْلم ويِركب — استثقالًا للكسرة في الياء، وكذلك ما في أول ماضيه همزة وصل مكسورة — نحو: ينطَلق، و«يوم تِسْوَد وُجُوهٌ وتِبْيضُّ وُجُوهٌ»، وكذلك: «فَتِمسكُم النارُ»، فتأمَّل قولهم: أبيتَ تِئبَى، فإنما كسرة أول مضارعه وعين ماضيه مفتوحة من قِبَل أن المضارع لما أتى على يَفْعل — بفتح العين — صار كأنَّ ماضيه مكسور العين حتَّى كأنه أبِي، وقد شرحنا ذلك في كتابنا «المنصف» أي: في ص٤٧١-٤٧٢.
انظر كسر «إخال» عند سائر العرب، وفتحه عند أسد، في «البغدادي على بانتْ سعاد»، ج٢، ص٢٩٢-٢٩٣.
وفي ص٢٩٣: «الحجاز لا يجيزون كسر حرف المضارعة، وهو جائز عند جميع العرب.»
وفي ص٢٩٦: «ناس من أسد يكسرون ذا التاء كقولهم: تِذهب، والنون كما في: نِذهب.»
وفي «تفسير أبي حيَّان»، ج١، ص٢٣: «وفتح نون «نستعين» قرأ بها الجمهور وهي لغة الحجاز وهي الفصحى، وقرأ عبيد بن عمير الليثي وزر بن حبيش، ويحيى بن وثاب، والنخعي، والأعمش بكسرها، وهي لغة قيس وتميم وأسد وربيعة، وكذلك حكم حرف المضارعة في هذا الفعل وما أشبهه، وقال أبو جعفر الطوسي: هي لغة هذيل.» ا.ﻫ.