المزاج النفسي أيضًا
-
الانطوائي النحيف المستطيل الوجه: الذي ينطوي على نفسه ويجتر عواطفه وأفكاره، ويكره المجتمعات ويعتزل، وهو في العادة رجل الأخلاق والقواعد والنظريات.
-
والانبساطي السمين المستدير الوجه: الذي كثيرًا ما يستكرش ويصلع، وهو أهوائي اجتماعي، يُقْبل على العالم الخارجي، ويحب الاستمتاع والمسامرة والطعام.
-
الرياضي: وهو يميل إلى الانبساطية.
ونستطيع أن نتوسع في الشرح بعد أن حذرنا القارئ بأنه ليس هناك أحد خالص غير ممزوج بقليل أو كثير من المزاجين الآخرين، ولكنا هنا نفرض المزاج الخالص لكي نستوفي صفاته، ونستطيع أيضًا أن نستغني عن المزاج الرياضي؛ لأنه لا يبرز بروز المزاجين الآخرين.
والمزاج الانطوائي هو مزاج الفلسفة والأدب والغيبيات والمبادئ والمذاهب؛ فإن الشخص الانطوائي يعتزل المجتمع وينساق في تفكيره، فلا يبالي الواقع بل يتمادى في مذهبه، ونكاد لا نتخيل قديسًا أو وليًّا أو داعية إلى مبدأ أو مَذْهَبٍ إلا ونفرض أنه انطوائي نحيف الجسم مستطيل الوجه، ومحالٌ أن نفرضه انبساطيًّا، مستدير الوجه كثير اللحم مستكرشًا يحب المجتمع ويقبل على ملذات الطعام أو الشراب؛ ولذلك نجد الانبساطي ينبغ في العلوم المادية كالبيولوجية أو الكيمياء أو الجغرافيا أو التاريخ؛ أي تلك العلوم التي تخدم المجتمع الخدمة المباشرة، والتي لا تصطدم فيها بقواعده ومبادئه.
وكلاهما يعالج الأدب، ولكنهما يختلفان فيه.
انظر إلى برنارد شو الانطوائي؛ فإنه يعالج في دراماته المبادئ والمذاهب.
ثم انظر إلى ولز الانبساطي؛ فإنه يعالج الأشخاص، بل يَذْكُر طعامهم وشرابهم وملذاتهم الجنسية.
الانطوائي يتعصب لمذهبه، وهو رجل المثليات الذي لا يبالي العقبات، وهو لا يفور ولا يحتد، وكذلك لا يخمد، أما الانبساطي فيندفع ثم يسكن، وهو يحسن التنظيم؛ لأن نشاطه يتجه إلى الخارج وإلى الناس في مجتمعهم.
-
المرحوم أحمد ماهر الانبساطي المصالح، الذي كان يلتذ مسرات القهوة والسباق وينسى أحقاده.
-
عبد الرحمن عزام بك أمين الجامعة العربية الانطوائي، الذي رسم مثلياته العربية منذ ثلاثين سنة ولم يَحِدْ عنها مهما كانت العقبات في طريقه.
-
مكرم عبيد باشا الانطوائي المخاصم، الذي لا ينسى خصومته.
-
النحاس باشا الانبساطي، الذي يحب الرفاهية وينسى الخصومة.
-
النقراشي باشا الرياضي الانبساطي، الذي يحسن التنظيم ولا يُعنى كثيرًا بالمثليات، وربما يعمد إلى العنف في أخذ الأشياء بالقوة.
وفي ميدان السياسة والحرب العالميتين نجد ولسون الانطوائي، الذي وَضَعَ الشروط الأربعة عشر لإصلاح العالم في الحرب الكوكبية الأولى، ثم نجد روزفيلت في الحرب الكوكبية الثانية يضع الحريات الأربع وميثاق الأطلنطي، وكلاهما انطوائي ينشد المثليات وقد يتعامى عن الواقع.
وفي تلك الحرب الأولى وقف لويد جورج وكليمنصو، وكلاهما انبساطي يطلب النصر فقط، وقد كان موسوليني في صَفِّ هتلر في الحرب الثانية، ولكن الأول كان انبساطيًّا يطلب الرفاهية لإيطاليا قبل كل شيء، أما الثاني فكان انطوائيًّا يحلم بالمثليات والمبادئ الجنونية.
كان الإمام محمد عبده انبساطيًّا؛ فنزع في الدين إلى العمل وأسَّسَ الجمعية الخيرية الإسلامية لترقية الشعب، وهو في تفسيره للقرآن ينزع إلى الحسيات لا الغيبيات ويتجه الاتجاه الاجتماعي.
وكان سعد زغلول انطوائيًّا، وهو صاحب الكلمة المثلوية: الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة.
وفي صحفنا كُتَّاب انبساطيون يكتبون في القيل والقال عن الناس والطعام واللباس والملذات والفكاهات، ومعظم المجلات الأسبوعية انبساطية يحررها هؤلاء الانبساطيون.
وعندنا كُتَّاب انطوائيون يتحدثون عن الاشتراكية ومبادئ ولسون وروزفيلت والوطن العالمي واللغة العالمية ومستقبل البشر.
والصينيون بوجوههم وأجسامهم انبساطيون، وكذلك بمزاجهم؛ حتى إنَّ منهم كونفوشيوس يؤلف لهم عن قواعد الأكل واللباس ولقاء الضيف ومعاملة الأبوين والناس؛ أي إن اتجاهه اجتماعي.
ولكن الهنود — بالمقارنة — انطوائيون؛ ولذلك اتجهوا نحو الغيبيات في دياناتهم اتجاهًا يتجاوز خيالنا.
وفي أوروبا الجنوبية نجد المرح وملذات الطعام والشراب والجنس بين السكان الانبساطيين، وفي أوروبا الشمالية نجد الجد والصمت والقناعة في الطعام بين السكان الانطوائيين.